في سبيل العرش
عبد الرحيم صادقي
يقضي رئيس أمريكي مدة لا تزيد عن ثماني سنوات في سدة الحكم، ثم يخلي المكان لمن يختاره الشعب. ولن يتذرع الحاكم بما أسداه من خير لشعبه، كيف وليس المقام مقام مَنٍّ وافتراء! ولن يشفع له حسنُ تدبيره أمرَ الدولة في إطالة عُمر حكمه.
ماذا يحدث بعد ذلك؟
يتفرغ الرئيس السابق لخاصة نفسه، براتب محترم. قد يجوب البلدان يلقي "محاضرات" يقول فيها كلاما ما، ابتغاء الأجر والشهرة ومآرب أخرى. قد يقوم بمَساعٍ حميدة لإصلاح ذات بينِ العرب على ما يتراءى للناظرين. قد يقوم بمهمة إنسانية لدى الأمم المتحدة، لكنه في أحواله كلها سعيد. ولا مكان ل: "ارحل" و"لن أرحل".
فما الحكاية على أرض العرب؟
يحكم الحاكم العربي ولا معقب لحكمه، ولا رادَّ لأمره، ولا نهاية لمُلكه. وحين يقال له قد أبرمتَ وأضجرت وأطلت فارحل! يعزُّ الناس في الخطاب ويدعي أن الشعب أقسم عليه ألاَّ يغادر، ولا بد له أن يبرَّ بقسمه. والويل لمن لم يصدق أن الشعب يحب الحاكم فعلا.
ثم ماذا تكون نهاية الحاكم العربي؟
أما أحدهم فيطلق ساقيه للريح، فإذا هو أعدى من السُّليك ومن الشنفرى معا. وأما آخر فيهوي إلى الأرض ثم يُرى وراء القضبان شاحبا مذهولا، ثم مدفوعا على حمَّالة إلى حيث القاضي، مريضا أو متمارضا، الله أعلم! وثالث تنفجر قنبلة حيث عرشه فيسوَدُّ وجهُه فإذا هو كظيم، ثم يخرج من تحت الرماد كما العنقاء يقول: نلتقي قريبا في صنعاء. ورابع يدكُّ الثوار حصنَه المشيد فيهرع إلى السراديب كجرذ وسخ. وخامس استمرأ الدماء واستحل الحرمات وانتهك الأعراض بدعوى التصدي للمؤامرة، وإكمال مهمة الدولة المُمانِعة.
وملوكٌ وَجِلون يترقبون، اكتشفوا كنوزا على حين غرة، فوعدوا بالمَنِّ والسلوى. كلُّ طلبٍ مُجاب وكل أمر مطاع، وأدام الله حُكم الوالي!
بالله عليكم، هل قرأتم قصصا أغرب من هذه؟