ويتوالى سقوط الطغاة في وطننا العربي

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

نبارك لإخواننا الثوار في ليبيا نجاحهم في تحرير عاصمتهم الحبيبة من طاغ من طغاة العصر , بعد ستة أشهر من الثورة من القتال والإصرار والعزيمة لشباب لم يكن لهم في العمل العسكري معرفة , ولكن الإيمان والإصرار والعزيمة ووقوف العالم معهم بقوة , مكنهم من الوصول على مشارف النصر وتحرير بلادهم من الطاغي وأعوانه

وفي سورية الحبيبة انطلقت ثورتنا بعد شهر من ثورة إخوانهم في ليبيا , واتبعت الثورة السورية مسار الثورة الشعبية السلمية , فالثورة الليبية قدمت عشرات الآلاف من الشهداء , وثورتنا قدمت وما زالت تقدم الآلاف من الشهداء , وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين وعدد ضخم من الجرحى , فرحم الله كل من استشهد في طريق التحرر من الطغاة , ونتمنى الفرج لمعتقلينا والشفاء العاجل لجرحانا

فلو قارنا ثورتنا بالثورات العربية في تونس ومصر وليبيا نلاحظ الفروق الآتية :

في تونس كان السبب الرئيسي في سرعة سقوط النظام هو وقوف الجيش مع الثورة وكذلك في مصر , وفي ليبيا كان سبب النصر المباشر هو هو التمرد في الجيش وإنشاء مجلس وطني يدير دفة الأمور والمرجعية المباشرة لحركة الثوار , ووجود أرض انطلقوا منها , بالإضافة للضربة القاصمة لقوات النظام من قبل قوات النيتو , ووقوف قوى العالم المعروفة ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية مع الثورة الليبية

نلاحظ الفارق بين ثورتنا وثورات إخواننا في باقي الدول العربية هو وجود قوة الجيش لجانب الثورة في كل تلك البلدان وحتى في اليمن وانضمام معظم قيادات الجيش لجانب الثورة , جعلتها تقف على الحد الوسط مع ميلان الكفة نوعا ما لجانب الثوار

فثورتنا لم تخرج عن نطاق سلمية الثورة فلا الموقف العالمي متقدم ولا المعارضة ولا على المستوى السياسي , ولا يوجد دعم عسكري للثورة السورية من أي جهة كانت لاداخلي ولا خارجي

وهذا الفراغ الداعم للثورة جعلت قوات وميلشيا النظام تتفنن في وسائل الإجرام ضد الشعب السوري , فأي مجرم منهم يفعل مايشاء , لأنه لايشعر بخوف ولا خطر محدق في حياته من قبل الثوار

مما سبق نصل لنتيجة مفادها , أن إصرار الثوار على مطالبهم وتعنت النظام على موقفه القمعي والأمني , والخسارة الكبيرة تقع على كاهل الشعب المصر على اسقاط الطاغي وأعوانه وليس أمامهم إلا هذا الطريق , فالعودة عن ذلك ستكون خسائره أكثر بمرات كثيرة من دوام الثورة حتى تحقيق أهدافها , والسؤال الذي يفرض نفسه هنا مالحل؟

من قراءة وقائع وأحداث الثورات السابقة أعلاه , نجد أنه لايمكن الحسم إلا عسكرياً , والحسم العسكري لايمكن تحقيقه إلا بحسم  عسكري داخلي , إما عن طريق الجيش وانقلابه على النظام ومن خلال المدة التي مضت لاتوجد أي دلائل تشير إلى ذلك , فالجيش هو أداة القمع الأولى للشعب السوري , ولا يمكن تشبيهه إلا بجيوش محتلة لدولة أجنبية وحتى فاقت تصرفاته الإجرامية جيوش المحتل الأجنبي

نصل بعد ذلك لنتيجة حتمية أنه ليس أمامنا إلا التفكير بعسكرة الثورة , وعسكرة الثورة لاتعني التخلي عن سلميتها , وإنما تعني استمرار المظاهرات السلمية والتفكير بمقاومة النظام في تشكيل نواة ثورية  هذه النواة الثورية في كل محافظة من محافظات القطر , مهمتها تشتيت القوى الأمنية وضرب مفاصلها وقياداتها

ويتزامن ذلك مع إصدار بيان من قيادات ومنسقيات الثورة موجها للدول العربية وتركية , ومنظمة المؤتمر الإسلامي والإتحاد الأوروبي , وأمريكا ومجلس الأمن موضحين في البيان بعدد المعتقلين وعدد المفقودين وعدد الشهداء وعدد الجرحى  , ويناشد البيان الضمير الإنساني الإسلامي والعالمي ومناشدته لحماية المدنيين من بطش هذا النظام المجرم

وأن تتبنى أحزاب وقيادات وشخصيات المعارضة مهمة نشر هذا النداء ومخاطبة العالم أجمع في أننا نحن جزؤ من المجموعة البشرية ونتعرض للإبادة ولا بد للعالم من أن يتحمل مسئوليته تجاه الشعب السوري والذي يتعرض لأبشع أنواع الإجرام من قبل النظام الحاكم.