ربِ اجعلهم مهنئينا

حسام خضرة

ترى الثورات حولهم من كل جانب، هم أهلها وأول من قام بها في وجه من حاولوا طمس هويتهم على مر الأزمان وفي زمن أصالة الثوار قبل عقود وعقود.

ترى ثوار هذا الزمن فيها يباركون كل ثورة تحدث؛ وكأن حالهم يختلف عن ألئك الذين سقطوا بأمر شعوبهم وذهبت سلطتهم إلى كتب تاريخ سيشهد عليها ساكني الأرحام؛ كيف لا وهم من نصبوا أنفسهم على شعب ثار قبل أن تدركهم الخليقة.

كم كانت جميلة حياة أهلها دونهم؛ بسطاء هم دون تكلف؛ حبهم كان يبرز ليلاً بين نجوم السماء وبعد خروج شعاع النور نهاراً بين غبار الضوء المنعكس على نوافذ منزل قديم يبرز في جدرانه شقٌ يرسم ملامح الزمن الجميل.

ثوار هم في عتمات الليل؛ تراهم ذابلة عيونهم جراء سكرهم لحب الوطن ليلاً على أطلاله متأهبين لمن يتربص بهم من خفافيش الليل التي اختطفت جمال زهر بساتينهم من أمام ناظرهم.

أما اليوم فترى أهلها سكارى بدموع الحسرات المنهمرة في كؤوس الخيبة التي وضعهم فيها من يتغنون بصلاحهم عمن سواهم ممن يتساقطون اليوم حولهم.

ترى الغيرة في عيون أهلها حين جلوسهم أمام نشرات الأخبار ليشهدون مع التاريخ على سقوط طاغية جديد؛ وحين يرون ذلك تصمت ألسنتهم لتتحدث قلوبهم التي لن يستمع إلى صدى صوتها أحد وكأنها تقول، ربِ اجعل من يهنئهم هؤلاء مهنئينا بزوالهم ولو بعد حين.