سؤال محرج

أحمد عمر العبد الله

أحمد عمر العبد الله

فاجأني ابني الصغير الذي لم يكمل عامه الثامن بالسؤال التالي وأنا أتابع نشرة الأخبار : بابا الجيش رايح يحرر فلسطين من الإسرائليين ؟

تسمرت في مكاني ولم أستطع الإجابة وبقيت عيناه معلقتين بشفتي تنتظران الجواب .

لم أعرف بم أجيبه .

هل أقول له الحقيقة المرة ، الجيش ذاهب لقتل أبناء الوطن ، الجيش ذاهب إطفاء شعلة الحرية ، الجيش ذاهب لسحق براعم الكرامة ومنعها من التفتح ، الجيش ذاهب لحصار المدن السورية . سيقول لي : وفلسطين ؟ !!!

 تجاهلت السؤال ووبخته قائلا : العب مع أخيك ودعني أتابع نشرة الأخبار ( المسلسل الدموي الأسود الذي كان بطله بشار الأسد وعصابته المجرمة )

عدت إلى نفسي محتقرا ذاتي لأني أرى الجيش الذي شيدناه بدمائنا وكبرناه ورعيناه وهتفنا باسمه كل صباح ( حماة الديار ) يقتل أخي وجاري وابن عمي لا لذنب ارتكبوه بل إشباعا لنزوة عصابة مجرمة سيطرت عليه وسخرته لخدمة استبدادها .

 سورية قلب العروبة النابض ، سورية التي وهبت فلذات أكبادها ونفائس أموالها ، سورية التي سخرت كل شيء لأجل عيون فلسطين فوضعت جلّ ميزانيتها للجيش العربي السوري وهي سعيدة فرحة فلم يتذمر المواطن ولم يشتك بل ساند وشجع تسليح هذا الجيش ولو أدى ذلك إلى حرمانه الكثير الكثير ، على أمل تحرير الأرض ( الشرف ) واستعادة المقدسات .

 جاءت الثورة السورية وحصل ما لم يكن يتخيله إنسان . الجيش السوري يترك الجبهة ويعيد نشر دباباته ومصفحاته وعتاده فهناك عدو أخطر يواجهه وينبغي سحقه في سبيل القضية القومية الأولى . فرأى المواطن السوري في كل مدينة وحي وشارع ( زنقة ، زنقة ) آلة جيشه العتيد تعمل قتلا وفتكا بأبناء الشعب ، وصدم المواطن وكانت الدهشة الممزوجة بشعور المرارة .

 أين الخطأ ؟ ، هل الخطأ بدعمنا وتسليحنا للجيش ؟ ، هل الخطأ بحبنا لأرضنا ومقدساتنا ؟

الجواب واضح وعرفه الشعب السوري ، الخطأ بتنازلنا عن حريتنا ، وتسليم رقابنا وقضايانا المقدسة لعصابة مجرمة هدفها الوحيد نهب البلاد واستعباد العباد .

 أخيرا – والحمد لله – أدرك الشعب السوري أن تحرير الأرض واستعادة المقدسات يبدأ بتحرير الذات واستعادة الكرامة ، بتحرير الإرادة وحسن اختيار القيادة ، أدرك أن الفاسد لا يهتم بمقدسات بل يتاجر بهذه المقدسات . سنون عجاف مرت على الشعب المسكين وهو ينهب ويسرق باسم القضية ، والقضية براء . بعد سنين طويلة تنبه الشعب إلى أن طلقة واحدة لم تطلق صوب الجولان فكانت جبهة الجولان آمنة مطمئنة ، لذلك نلحظ دعاء الصهاينة ليل نهار من أجل بقاء النظام الذي ما فتئ يتحفنا بالشعارات الطنانة الرنانة . لكن العدو يسامحه على كل هذه الشعارات فأفعالكم تصم آذاني عن أقوالكم ( جعجعتكم ) .

 أما الآن وقد عرف الشعب الحقيقة وتنفس نسائم الحرية فإنه سيعيد البناء من جديد وسيعود الجيش جيشا وطنيا سيعود ( حماة الديار ) وعندئذ سأقول لابني بكل عز وفخار إنه ذاهب لتحرير فلسطين من دنس الاحتلال . ( آمين )