الدولة الفلسطينية.. الحلم والواقع
ثامر سباعنه
سجن مجدو - فلسطين
بدأ الفلسطينيون في نهاية العام الماضي باتباع استراتيجية دبلوماسية جديدة : التوجه إلى كل دولة على حدة بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. والآن يريدون التوجه إلى الأمم المتحدة بنفس الطلب ، وإذا تمّ لهم ذلك سيصبحون دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة ، حيث منظمة التحرير الفلسطينية حالياً تتمتع بموقع " عضو مراقب " يطالب الفلسطينيون ممثلين بالسلطة الوطنية الفلسطينية منذ وقت طويل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 ، تكون عاصمتها القدس الشرقية. وبالرغم من أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس صرح بأنه يفضل الوصول إلى هذا الهدف من خلال المفاوضات فإن عقدين من المفاوضات قد انقضيا دون التوصل إلى اتفاق.
· كيف تتم العملية ؟
يتطلب الأمر توصية من الدول الخمسة عشر دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى الجمعية العمومية. إذا تم ذلك تقوم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ( وعددها 193) بالتصويت في العشرين من سبتمبر/أيلول القادم . يتطلب إقرار الطلب موافقة ثلثي الأعضاء ( أي 128 صوتاً). حالياً تعترف 116 دولة بفلسطين ولكن الفلسطينيين يعتقدون أن العدد سيرتفع إلى 150 ، لكن تبقى الولايات المتحدة هي العقبة الأساسية أمام تصويت الجمعية العمومية ، لأنها تمتلك حق النقض (الفيتو) ، وبرز هذا بشكل خاص منذ أن أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عزمه على استخدام حق الفيتو «النقض» في مجلس الأمن ضد مثل هذا التحرك الفلسطيني الذي وصفه بالمنفرد ، من جانب واحد. وفي خطوة بديلة يمكن أن تقوم الجامعة العربية بطلب اعتراف الأمم المتحدة ـ عن طريق الجمعية العامة ـ بدولة فلسطين في حدود 1967 ، وهذه خطوة من المتوقع أن تحظى بموافقة أغلبية كبيرة من أعضاء الأمم المتحدة الذين سبق أن أيدوا إعلان الاستقلال الفلسطيني في 1988 ، كما أيدوا قرارات عديدة أخرى للمنظمة الدولية بشأن حق تقرير المصير الفلسطيني ، وإقامة الدولة المستقلة في حدود 1967.
· لماذا تأخر هذا الطلب حتى الآن ؟
لقد تأخرت هذه الخطوة حوالي ربع قرن ، إذ كان يجب القيام بها غداة صدور إعلان الاستقلال الفلسطيني في 1988، لكنالمراهنة على طريق المفاوضات مع الجانب الصهيوني ، ومع تعثر محادثات السلام وفي ظل تعهد اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط المكونة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي بتحقيق حل الدولتين بحلول شهر سبتمبر/أيلول 2011 ، ومع غياب أفق قريب للسلام مع كيان الاحتلال اصبح لابد من بدائل للفلسطينيين ، ومن أفضل هذه البدائل – كما يرى البعض - طرح موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، كذلك يبدو بأن الانتفاضات العربية شجعت الفلسطينيين على اتخاذ هذه الخطوة واستغلال الحراك الشعبي العربي وكذلك استغلال التعاطف الشعبي العالمي مع قضية فلسطين .
· إعلان الدولة حلم !! وهل سيغير الواقع بفلسطين !!
سيمنح الاعتراف بالدولة الفلسطينيين إمكانية التوجه إلى المحافل الحقوقية الدولية حيث بإمكانهم رفع قضية للطعن بشرعية الاحتلال ، بالإضافة إلى المطالبة بتطبيق فعلي لكل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين .
لكن .... من غير المحتمل أن يدفع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة ، ويصر الإسرائيليون على الاحتفاظ بالأراضي التي أقيمت عليها مستوطنات يهودية كبيرة في الضفة الغربية ، فسيكون للاعتراف بدولة فلسطينية على أراضي عام 1967 وضع رمزي إلى حد بعيد ، فقد نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن نائب وزير الخارجية الصهيوني داني أيالون قوله 'إن أي قرار قد تتخذه الأمم المتحدة بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة لن يعدو كونه حبرًا على ورق وسينضم إلى سلسلة من القرارات المعادية لإسرائيل التي أقرتها الأغلبية التلقائية في الأمم المتحدة'.
· المطلوب فلسطينياً وعربياً ..
بداية على الفلسطينيين دراسة الخطوة دراسة شاملة قانونياً وسياسياً ومن ثمّ الاتجاه إلى مصلحة القضية الفلسطينية ، على أن يكون هذا التحرك يمكن أن يحقق خطوة نحو الدولة الفلسطينية المستقلة ، وعاصمتها القدس ، ودون تفريط في أي حق ثابت وأصيل ، وفي المقدمة حق العودة ، ولن يكون هذا التحرك قوياً إلا بالوحدة الفلسطينية الكاملة والواضحة والحقيقية وبالتعاون والتكامل مع الدول العربية ممثلة بجامعة الدول العربية.