رسالة للشيخ البوطي

عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية

الأخوة الكرام موقع نسيم الشام حفظكم الله

آمل إيصال هذه الرسالة لأستاذنا الدكتور سعيد حفظه الله

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

إلى أستاذي الذي جعل الله لكتاباته عليَّ منَّة لا أنساها الأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله ودفع به الفتنة عن البلاد .

أكتب إليكم هذه الكلمة والألم يعتصر قلبي مما أسمع وأرى، أرى ما يقع في بلاد الشام من ردَّة فعل النظام على المظاهرات التي هي ردة فعلٍ متوقَّعة على استبداد طال أمده، وفحش جوره، فلم يسلم منه متديِّن ولا غير متديِّن .

لقد أبدى بعض الأئمة والخطباء بالشام تفهُّمهم لنفاد صبر الشعب، وأن خروج الناس إلى الشارع كان مستنده الظلم العلني المشهود، وأن الشعب اختار هذا الطريق وقبل تحمُّل تبعاته، وأن العلماء لا يستطيعون منع الناس من المطالبة بحقوقهم، وهؤلاء الأئمة أبلغوا النظام بذلك إنْ سراً أوعلناً، فبذلك أدَّوا ما عليهم، فلعل الله ألا يطلبهم من ذمَّته بشيء .

ومِن الأئمة والخطباء مَن لم يرضوا لأنفسهم الوقوف على الحياد بين ظالم مستبد وشعب أعزل، بل وضعوا أنفسهم حماةً للمستبد، وألقوا باللائمة على الشعب الأعزل، ، وكان يسع الواحد منهم السكوت ولزوم خاصة نفسه كما في الحديث الشريف-مع أن السكوت هنا ليس حيادا- فما أعظم جناية هؤلاء على أنفسهم، فإنّ أعظم النّاس غبنا من باع آخرته بدنيا غيره  .

أما أنتم يا أستاذنا الجليل، فإن الناس تعلم منكم علمَكم وفضلكم ونبلكم، غير أن هذا لا يكفيها منكم، إن الناس تنتظر منكم موقفاً يدفع عنها جور السلطان، تنتظر منكم كلمةً علنية صريحة للسلطان أن يكفَّ يده عن العُزَّل الأحرار .

إن النظام اليوم يفتك بالناس، والقتل يستحرُّ بهم ليلا ونهارا، وقد أغرى صمتُ العلماء الظالـمَ على مزيدٍ من القتل، ولن يوقف القمعَ والقتلَ إلا أن يسمع كلمةً من العلماء، فما كان الناس ليتوقَّعوا الخذلان من ورَّاث النبوَّة، إن الظالم اليوم يقتل الناس كما يقتل الحشرات، وهو في غاية الطرب والسُّكْر نشوةً من موقف بعض الأئمة والخطباء، فإنَّ أعظم سلاحٍ يتسلَّح به في فتكه هو العلماء المؤيدون له وكذلك الصامتون، فإن السكوتَ إذا كان في وقته صفةَ الرجال، فإن النُّطق في موضعه مِن أشرف الخصال، وقد قال أبو علي الدَّقّاق: (مَن سكت عن الحق فهو شيطان أخرس) ونصوص الفقهاء صريحة في تحريم الخذلان ووجوب المواساة .

أستاذي الجليل، إني لأعلم أنها جرأة مني أن أكتب إليكم بهذا، غير أن هول الموقف يشفع لي في ذلك، والناس لا تزال تنتظر كلمتكم، والتي سيُسرُّ بها والدكم الشيخ ملا رمضان رحمه الله، وإن كنت أطمع في أقل الأحوال أن يكون إنكاركم على الظالم بالخروج، كما فعل سلطان العلماء رحمه الله، أسأل الله ألا يفتننا بالطواغيت بنصرتهم، وألا يجعلنا فتنة للناس بخذلانهم .

محبكم ومجلُّكم قيس المبارك.