شكراً لكم أيها السوريون الأحرار
اليوم أيقنت –بفضلكم- أن دارون كان على صواب
حارثة مجاهد ديرانية
[email protected]
كنت طول عمري أهزأ بنظرية دارون وأصفها بأنها نظرية مهلهلة لا تقوم على أساس، ثم أنار الله بصيرتي اليوم وأنعم علي بنور الهدى أخيراً، إذ أحياني حتى أرى الثورة السورية وأرى فيها البرهان القاطع على ما كان يدعيه دارون، فإن كنت لا تصدقني أو تظنني من المبالغين فحسبك أن تراقب تطور المتظاهرين السوريين منذ بداية هذه الثورة المباركة حين كانوا بضع عشرات يهتفون فتخرج من حناجرهم بضع عشرات من الهتافات كل واحد منها مختلف! حسبك أن تراقب تطورهم منذ تلك الأيام القريبة التي لم
يمض عليها أكثر من أشهر قليلة وحتى هذا اليوم حين يجتمع عشرات الألوف منهم في ساحة كبيرة فيهتفون معاً بصوت واحد عظيم تهتز منه أركان الساحة الكبيرة كلها: "الشعب، يريد، إسقاط النظام". يقولونها كلهم في نفس واحد منتظم فكأنهم مارد جبار يكاد "النظام" يطير إذا نفخ عليه يريد إسقاطه (ولا تزال أسس هذا النظام تُنقضُ واحداً إثر واحد مع كل نفخة حتى ينهار هذا النظام فيسقط على رؤوس أصحابه).
لقد تعلم هؤلاء المتظاهرون الأبطال في أشهر قليلات ما ظننا بهم أنهم لا يحسنون نصفه ولا ربعه في عقود، وتفجرت المواهب من حيث لم يكن يحزر أحد، خذلهم العالم وهم في أشد الحاجة إليه فلم يكن أمامهم –كما يقول شيخنا دارون- إلا أن يفشلوا فيقتلوا ويشردوا أو أن يتطوروا، فكانت الثانية! وحسبك مثالاً على ذلك أنهم لما خذلهم العالم وأعرض عنهم إعلامه شرعوا يبنون شبكات تواصل خاصة بهم، فاستطاعوا أن يكونوا بأنفسهم وفي وقت قياسي وبإمكانات بالغة التواضع ما يفوق بعض ما نعرف من
الشبكات الرسمية.
أوما زلت تقول لي بعد ذلك إن شيخنا دارون قد يكون في نظريته على خطأ؟!
وكذلك قالوا لي إن الدينصورات قد انقرضت منذ دهور لأنها لم تتأقلم مع "التغيرات" فكان مصيرها الفناء، قالوا لي ذلك فصدقتهم، حتى أنارني الله بنوره فشاهدت بأم عيني -بأم عيني أقول لكم لم يخبرني بذلك أحد- دينصوراً لا يزال على قيد الحياة بعدما انقرض سائر أقربائه، دينصوراً هرماً يسميه الناس "حزب البعث"، لا يزال مصراً على أساليبه الدينصورية القديمة حتى بعدما عفا عليها الزمن وأكل منها الدهر وشرب، فإنهم متشبثون بها لا يتركونها ولو أخذتهم معها إلى حتف أنوفهم.
فمن ترونه ينتصر؟ الشاب النشيط المتطور أم الدينصور البائد الهرم الذي فاته زمانه وتفسخت أعضاؤه وتضعضع بناؤه؟ فإن كنتم في شك لا تزالون فاذهبوا فاسألوا دارون (أو أحد كتبه أو تلامذته بما أن عظام صاحبنا تحللت من زمان) فإنكم تجدون الجواب.