الثورة المصرية والالتفاف الأمريكي
محمد حسين
[email protected]
اذكر يوم الثلاثاء الموافق25 من يناير عندما نزل شباب مصر
الشرفاء ووقفوا في وجه الظلم وقفة رجل واحد لا يوجد بها تراجع أو انهزام وقفة تستحق
أن تكتب بماء من ذهب في تاريخ هذه الأمة التي يظهر معدنها النفيس في وقت الشدة و
الذي دفع العالم كله للتحدث عن مصر وشباب مصر.
هذا اليوم هو بالفعل يوم تاريخي حيث توحد الهدف على إسقاط
الطغاة والواقع أن هؤلاء الطغاة لم يسرقوا الوطن فحسب بل أنهم سرقوا أيضا حقنا في
الحلم, وليتهم حتى سعوا إلى النهوض بهذا الوطن، ولكنهم شغلوا أنفسهم بالنهب
والسرقة,كما يفعل أي سارق عندما ينقض على ملك الغيره.
واستمر مسلسل النهب والسرقة الذي لم يتوقف لحظة حتى أصبح وضع
مصر الداخلي والخارجي في خبر كان, وتوقفت عجلة النمو وسبقنا بمراحل دول اقل منا أو
تساوينا في الإمكانيات خلال فترة وجيزة مثل ماليزيا وتركيا والبرازيل.
الشيطان "الصهيوامريكي"
وبدأ بالفعل الشعب المصري بداية جديدة هدم فيها الفساد ويستعد
لبناء الأمجاد ولا ننكر هنا إنها كانت عملية صعبة ولكنها في النهاية تمت بنجاح, يوم
أن خرج الشعب من الظلمات إلى النور ومن ضيق الأرحام إلى رحاب الكون الفسيح إلى
الهواء الطلق.
فمنذ ميلاد الشعب المصري الجديد ونزوله للدنيا صامت لبعض الوقت,
نتيجة لهذا التغيير ثم صرخ وبكي نتيجة ظهور الشيطان الأمريكي والذي استطاع أن يطعن
هذا المولد من الغيظ و الحرقة والعداوة, كما يفعل الشيطان عند ميلاد أي طفل جديد
فيبكي المولود من تلك
الطعنة وهو ما قامت به أمريكا من محاولات لطعن الثورة في مهدها
أو الالتفاف و إلصاق كل السلبيا…
ت
بها حتى لا تستطيع هذه الثورة المباركة الوقوف في
وجه الطفلة المدللة لهذا الشيطان الأمريكي وهي اسرائيل.
وبالفعل بدء التنفيذ في هذا المخطط من تشويه للثورة وأحداث
انشقاقات بين الشعب والجيش عن طريق نشر الفوضى والبلطجة وإحداث فتنة طائفية بين
المسلمين والمسيحيين وأيضا الضغط دوليا على مصر والذي ظهر في توجيه نيتنياهو إنذار
لمصر لقيامها بفتح معبر رفح, والتهديد بتصعيد الأمر إلى المحكمة الدولية لامتناع
مصر عن تصدير الغاز لإسرائيل أثناء تفجير خطوط الأنابيب، لان هذا الامتناع يعتبر
مخالف لشروط التعاقد المبرم في هذا الشأن, أو حتى التجسس كما حدث مع الجاسوس
الصهيوني "ايلان تشاين جبرايل" الذي اجتمع فيه انتماءه "الصهيوامريكي".
كائن كسيح
وكان من الواجب علينا التوقع أن أمريكا و
إسرائيل على الخصوص لن تقف مكتوفة الأيدي, بل أنهم وضعوا الخطط لتدمير هذه
الثورة لكي تعود الأمور إلى ما كانت عليه.
لان
سقوط نظام استبدادي حليف لأمريكا جعل منها كائناً كسيحاً لا يقدر على السير, فهي
تحاول جاهدة أن تعبر هذه المرحلة وتلتف عليها لكي تعود مرة أخرى وترسم ملامح طريقها
من جديد.
فعندما فقدت أصدقائها بدأت البحث عن دور منظمات المجتمع المدني
والعلمانيين الذين أصبحوا يشكلون شوكة في ظهر استقرار الوطن,
حتى دفعت
الولايات المتحدة لهذه المنظمات 40
مليون دولار لدعم الديمقراطية منذ قيام الثورة حتى ألان ،
حيث يعتقد أصحاب هذه
المنظمات أنهم يخدمون المجتمع بدافع الديمقراطية ، وهم في الحقيقة يضعفونه,
ويظهر هذا حاليا في المطالبة بدستور أولا قبل أجراء الانتخابات وهي محاولة لإيجاد
حل لتفادي ظهور الإسلاميين القوي وصرف أنظار الناس البسطاء عن هذا التيار أو صرف
انظرنا عن محاكمة الفاسدين واعتقد أنهم نجحوا في ذلك حتى ألان وهو تنفيذا للسياسة
الأمريكية والإسرائيلية بشكل غير مباشر في محاولة لمعاقبة الشعب على ثورته عن طريق
الضغط عليه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
الخروج من الأزمة
حتى نخرج من هذه الأزمة يجب علينا أن
ننتبه, ونعد العدة والخطط المضادة لهذا الهجوم
فلابد أولا من
المحافظة على الثورة المباركة وهي في بدايتها، لان
الوصل إلى الهدف صعب ولكن الحفاظ عليه أصعب,
لذلك يجب علينا توحيد الهدف لبناء هذا البلد بعد
هذه الفترة العصيبة, وعمل مشروع قومي يلبى طموح وأبناء هذا الوطن يتطلع إلى حياة
أفضل ومستقبل أكثر إشراقا.
فلابد أولا من السيطرة على الوضع الأمني
الداخلي للبلاد ورفض أي تدخل خارجي ويجب على
الحكومة مراقبة الأموال
التي تدفع للمنظمات المدنية,
وان نتقبل الأخر فديننا يأمرنا بذلك
ومسئولية تحقيق هذا كله, تقع على كل
أجهزة الدولة أيضا نضع هذا الأمر
في عنق من جعلهم الله في مقدمة الصفوف, حتى يتم
الحفاظ على دماء الشهداء والتي توجب على الجميع إن يكمل المشوار للنهاية فتحية
إعزاز وتقدير لكل من ساهم في صنع هذا الحدث العظيم من زهرة شباب ورجال مصر الشرفاء
الذين استطاعوا إن يقهروا الظلم والإهانة والانكسار وما أعظم الظلم عندما يأتي من
الوطن الذي تعيش به, والحزن على أن هذا الوطن لا يشعر بما تشعر به من ظلم وقهر
وقلة حيلة في تغيير الواقع ولكن كان دائما الأمل موجود وكلنا ثقة في الله على أن
هذا الوضع لن يدوم وأصبح الأمل الوحيد هو الصبر وحقا
"الصبر مفتاح الفرج".