يا شبّيحة الأسد

مجاهد مأمون ديرانية

الثورة السورية: خواطر ومشاعر (15)

مجاهد مأمون ديرانية

لم أظن في يومٍ أن لكم قلوباً لأخاطبكم بالعاطفة، فأنا أعلم أنكم لا قلوبَ لكم أصلاً، ومَن شَذَّ  عن جماعتكم فحمل قلباً في صدره فإنما هو قلبٌ قُدَّ من حجر فلا خير فيه. لكني ظننت ذات يوم أن لكم عقولاً فيمكن أن أخاطبكم بالمنطق، غير أني بِتُّ على يقين أنكم بلا عقول كما أنكم بلا قلوب، سواءً بسواء.

وإلا فكيف غابت عنكم حقيقتان أوضحُ من ضياء الشمس في رابعة النهار: أولاهما أن النظام الذي تستظلّون بظلّه وتحتمون بحِماه زائلٌ عمّا قريب، فإنه ما احترب نظامٌ وشعبٌ إلا كانت الغَلَبة للشعب، ولو بعد حين. وثانيتهما أن ذاكرةَ الشعب قويةٌ وأنه لن يعفو عن جلاديه، ولا بد يوماً من القصاص.

فإن لم تخافوا من الله (إذ لا تعرفون الله) ولم تردعكم خلائق الإنسانية (إذ لا إنسانيةَ لكم)، أفلا تخافون من عقاب الشعب القادم من وراء حجاب الغد القريب؟

ثم ما هذه الشجاعة العجيبة التي تتصفون بها؟ إني ما رأيت واحداً منكم اجترأ على الاقتراب من متظاهر أعزل، إنما تهجمون جماعاتٍ كجماعات الذئاب، أو تفرّون! وما أرى الواحدَ منكم قوياً إلا بالسكين وعصا الكهرباء. أفلا جئتمونا واحداً لواحد، أعزلَ لأعزل، لو كنتم أبطالاً كما تزعمون؟ لا، بل أنتم جبناء مَهازيل، يرعبكم تكبيرُ الأعزل الصغير منّا أشدَّ مما يرعبنا منكم الجَمْعُ الغفير.

إنكم قُساة جُفاة جبناء أغبياء، فما بَقيَ لكم -بعدُ- من أخلاق البشر؟

يا شبيحة الأسد، بل يا عبيد الأسد: إن لنا رباً هو خالق الأرض والسماء، ولكم رباً هو بشار الأسد، فأيُّنا على سواء؟ اسألوا التاريخ ينبئكم: الذين لهم العلوّ والفوز في الدنيا والآخرة هم الذين يعبدون رب الأرض والسماء.

يا شبّيحة الأسد، بل يا عبيد الأسد: أراكم تسجدون لبشار، لم نعرف في الديانات دينكم، أنتم طارئون على العقائد والأديان. أسمعكم تقولون إنكم تشربون في سبيل معبودكم الدم، لم نعرف في المخلوقات نوعكم، أنتم طارئون على عالم الحيوان والإنسان!

لم نعرف في معاجمنا -من قبلُ- اسمَكم، أنتم طارئون على اللغة، فقد عقدنا العزم على محو اسمكم من كتب اللغة. لم نعرف في الماضي شكلَكم، أنتم طارئون على التاريخ، فقد عقدنا العزم على محو ذكركم من كتب التاريخ. لم نعرف في بلادنا -من قبلُ- مثلكم، أنتم طارئون على الوجود، فقد عقدنا العزم على محو وجودكم من سجل الوجود.