الثورة المصرية والقيم الرمضانية

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

لقد قامت الثورة .... إنها ثورة 25 من يناير 2011 .... لا تسلني من قام بها ؟ .... وكيف ولماذا قام ؟ فكلها أسئلة لم تنقض من الواقع شيئًا . فقد قام الناس في هبّة شمّاء .... إنها عاصفة الشعب كله .... عاصفة هزت أركان الدنيا صباح مساء 000إنه... عاصف .... صاح بالطاغين : قد حان الحصاد ....

 وطواكمو حد المناجل بين أذرعه الشداد ...

 ريح مُصرصٍرة الزئير كأختها في يوم عاد .

**********

 والزئير العاصف اسمه ثورة 25 من يناير .

 الزئير العاصف دون سطوته وتنتحر القرون .

 وييد طغيان العتاة ، ويهلك المتجبرون .....

 الزئير العاصف هز العالم كله ، فأصبح قدوة لكل الشعوب المقهورة ....

 في العراق .... وفي اليمن .... وفي ليبيا .... وفي سوريا .... إنها عاصفة لم يقم بها شعب .

 ولم تقم بها جماعة . ولكنها كانت حركة عفوية .

 تبناها صوت الفطرة ؛ ومصداقية الحركة . فكانت أكبر من أن تنسب لأفراد ، وإن شارك فيها كل الأفراد . وبقيت ثورة مصر . شدت البصائر والأبصار ، وشدت الضمأنر والأنظار .

 لتبقَى ، وتوجِّه وتُثير .

 ولم ينل منها طاغية .

 ولم يهتز لها جارحة 0 أمام طغيان طاغ ، أو بغي باغ ؛ فقد خلقها الله لتعيش مرفوعة الهامة ، شامخة الوجدان .

**********

 لقد عاشت ثورة مصر – ولم تزل – تُعلِّم الشعوبَ كيف تثور ، وكيف تغير الواقع المر الذي تعيشه ، وكل أولئك عطاء عظيم من أم الثورات العربية . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذ قال " الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها " .

 وهذا جانب التلقي والتعلم من الآخرين 000 نعم إن ثورتنا العظيمة – كما علمت – عليها أن تعي وأن تتعلم ، وهذا التفاعل الواعي من الثورة تمنحه القوة ، وما أكثر الدروس التي يجب أن تتلقاها ثورتنا 0 وما أكثر الدروس التي نتعلم منها : إنها بروح قرآنية ، ودروس سياسية ، ويجب أن تتلقاها ، إنها دروس قرآنية ، ودروس سياسية ، ودروس اجتماعية ، وكل هذه الدروس تعطي الثورة القدرة والحيوية ، وقد قالوا من انعزل ذبل ومات .

**********

 ونحن نعيش شهرًا من أكرم الشهور على الله إنه شهر رمضان (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) (البقرة : من الآية 185) .

 وجاء الصوم فريضة مكتوبة مؤصلة تقودنا إلى قيم ثلاث هي :

 1- الصبر .

 2- الإرادة الحاسمة .

 3- الاستعلاء على ضرورات الجسد واحتمالات ضغطها وثقلها إيثارًا لما عند الله تعالى من الرضا والمتاع .

 وكلها دروس يجب أن يتعلمها المسلم وخصوصًا من يعتنق الثورة المباركة .

 فالصوم " امتناع " مشروع عن عطاء الجسد الخاسر . وهذا الامتناع يمنحنا الصبر ، فلا تهوى النفس إلى رذيلة السقوط ، وهذا ما يجب أن تتحلى به نفس الثائر .

 وعلى المسلم أن يتحلى بالخلق الكريم . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " (إذا أصبح أحدكم يوما صائما فلا يرفث ولا يجهل ، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل : إني صائم . . إني صائم ) ، وقد جاء في الأثر الصحيح : أن المسلم إذا أصبح صائمًا فلا يرفث ولا يجهل ، فإن امرؤ سبه فليقل إني صائم . . إني صائم .

**********

 إن ثورتنا الميمونة تهددها الأخطار في وقتنا الحاضر من كل جانب ، ولا منجاة لها إلا الصمود والتصدي والتحلي بالأخلاقيات الرمضانية من تقوى ، وصبر ، وجهاد ، وتحد ، وشموخ واستعلاء ، وشرف لا يعرف المهانة والهوان .... إنها الأخلاق الرمضانية التي تحدثنا عنها ، ونتشبث بها في قوة وعزم وإصرار ، ولا نتيجة لكل أولئك إلا النصر المؤزر المبين . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) (سورة محمد : من الآية 7 ) .