كنت معه في الأسر

كنت معه في الأسر

ثامر سباعنه

سجن مجدو  -  فلسطين

[email protected]

لا احب ولا اجيد الكتابه عن الاحياء ، لان اقلامنا تعودت ان تذكر الاموات في ذكرى رحيلهم، لكن هذا الرجل تحركت مشاعري قبل قلمي لتخط بعض الاسطر القليله امام عظمة وعطاء هذا الاخ الحبيب.

قدّر الله سبحانه وتعالى لي أن ألتقي خلال فترة وجودي في السجون الصهيونية بكوكبة مميزة من رجالات هذا الوطن الكبير وقادته، كوكبة من بُناة هذا الوطن وحُماته، كوكبة من ممثلي الشرعية الفلسطينية من وزراء وأعضاء في المجلس التشريعي ورؤساء وأعضاء مجالس محلية وبلديات وجمعيات خيرية ومؤسسات مجتمع مدني، حيث كنت أراهم سابقا عبر شاشات التلفاز ببدلاتهم الرسميه ووسط الإجراءات الحكومية والبروتوكولية، لكن الرؤية هذه المرة تختلف كلياً حيث التعامل معهم عن قرب والعيش معهم وبينهم وسط ظروف غاية في القسوة والشدة، لقد جمعني بهم ألم القيد وظلم وغطرسة السجان ومرارة السجن، ظروف تكشف عن معادن الرجال وأنت تعيش معهم على مدار الساعة تتعرف إليهم مع كل يوم جديد أكثر وأكثر وأنت في هذه الظروف اقرب إلى حياتهم وواقعهم وسرائرهم.

خادم الأسرى ووزيرهم المهندس وصفي قبها وقد أصبح أسيراً يشاركهم ألم القيد وهو الذي جاء اصلاً من رحم معاناة السجون وقيودها، حيث كان الأسرى يمازحونه قائلين:  وزيرنا في زيارة ميدانية لإخوانه وأبنائه الأسرى، حيث لا زلت اذكر كيف أن الدموع قد انتصرت علينا جميعاً وسالت عندما إلتقى وتقابل مع شقيقه الأسير الدكتور أمجد قبها الذي لم يرى أي منهم الآخر  يومها منذ  اكثر من سبع سنوات ، اذكره وهو يقضي معظم وقته في حفظ القرأن الكريم وقراءة الكتب وتلخيصها ، اذكره وهو يكابر على مرضه ليسعد اخوانه حوله ويعينهم على امورهم اليوميه في الاسر، اراه بملابس السجن الخشنة  (ملابس الشاباص ) بلونها البني والنوم على البرش (مكان نوم الأسير)، وجدران نخرتها الرطوبة، وأرضيات ومرافق تفوح منها الروائح الكريهة وفورة وقيود حديدية، يعيش حياته، وتراه صابر صامد محتسب الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، فلا تسمع على لسانه شكوى وتألم أو كلمة ضجر وتأفف، إنما لسانه يلهج بالدعاء وذكر الله سبحانه وتعالى، حيث أنه بأفعاله وممارساته   وبمواقفه يجسد قدوة لمن حوله، فلا يتوانا  عن المسارعة إلى رفع معنويات بقيه الأسرى ومن كل الفصائل الفلسطينية، حيث الدعوة للصبر والثبات والتحمل ومراغمة أعداء الله، يتعالى على آلام القيد والجسد فيبعث الروح والحيوية في نفوس الشباب المحيطين فيه، وقد تراه يحمل قطعة حلوى أو بسكويت يقدمها للشباب بروح طاهرة وبريئة، وحنان متدفق يغمر كل الأسرى من كل الفصائل الفلسطينية.

ابا اسامه

إنها حكاية في الصمود والعطاء والتضحيات  يرويها ويجسدها  هذا القائد بعزيمته التي تنير الظلام وتطلق فيه شهبا من الأمل القادم لفلسطين، فهو الرجل الذي رست فيه العزة وجرت مجرى الدم في العروق، وإن قيدت السلاسل معاصمه البيضاء ستبقى روحه محلّقة في سماء المجد.