فضاءات من الغربة والحلم والشوق

محمد شلال الحناحنة

في ملتقى الأدباء الشباب برابطة الأدب الإسلامي العالمية:

"فضاءات من الغربة والحلم والشوق"

محمد شلال الحناحنة

عضو رابطة الأدب الإسلامي

أقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية في مكتبها الإقليمي بالرياض ملتقاها الدوري للأدباء الشباب لشهر جمادى الآخرة وذلك مساء الأربعاء 15/6/1432هـ ، وقد قدمت في الملتقى ستة نصوص ، قرأها وعلق عليها الناقد الدكتور وليد قصاب أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وأثير في اللقاء الكثير من الحوارات بين الحضور :

صبا نَجْد

جاءت قصيدة : ( شوق وحنين ) للشاعر جبران بن سلمان سحاري تنسج نكهة الحسن والجمال ، وتمضي إلى حنين آسر إلى الوطن الرمز والشموخ بلغة حانية ، وصور دافئة جديدة انتقاها الشاعر بعناية يسلمنا إلى شوقه الخاص ، فنقف أمام أبياته مرددين معه :

شدَّ ما عانقت طموحي السماء     وتمشى على كفاحي البهــاء

حينما ألثم (الرياض) بشـوق      وحنين ، والعشق فيها فنــاء

كم تنفّسْتُ طيبها بارتيــاح      وارتدى معلم الصّروح الفضاء

ثمّ رددتُ بين حين وحيــن:      (يا سماء ما طاولتها سمــاء )

يا (صبا نجد) الذي صار رمزاً         يتغنّى بهمسه الشعــــراء

نسجتُ فيك نكهة كُلّ حسن        فالبدور احتفت بها الجـوزاء      

غربة

وتشعل فينا قصيدة: (غربة) للشاعر إبراهيم الحسين الأسى, فهو يبدأ من الغربة القاسية ليعيش غربة في وطنه لأن الدروب تغلق أمامه، والحياة تتنكر له، ولا يجد وجهاً يبشُّ له ... ولعلّ السؤال الجارح: لماذا، وكيف يلحُّ شعراؤنا الشباب على هاجس الغربة وهم يشمّون تراب أوطانهم وبين أهلهم ؟! ولا شك أن القصيدة تطرّز خيوطها الشاعرية الوجدانية باقتدار، ولكنها شاعرية حزينة باكية:

ومن الغريب أن أعيش غريباً      فالكلّ يجحد موطناً وشعـوباً

ولقد شمَمْتُ تراب كُلّ مدينة       فغدا الخصيب من الزفير جديبا

حتّى حمام الدور زاد بشجوه       فنحيبه ملأ الفضاء نحيبـــا

أحلام ربيعيّة

ويشاركنا الشاعر الشاب: عماد الدين الناصر أول مرة في قصيدته (أحلام ربيعيّة) التي تبشر بشاعر قادم لا محالة، فهو يقبض على جمرة الشعر رغم أن بعض الأبيات جاءت مترهلة، وحشواً في قوافيها، إلا أنه نجح في شدنا إلى قصيدته باستهلاله الرائع، ونهله من حدائق الحكمة التي وهبت شعره رؤى محلقة، من خلال فضاء اتكأ على الحس الإسلامي:

نيسان أقبل والأحلام ذابلـــة          تلك القلوب وقد جفّت سواقيها

صحراء حظّي على الأحلام جاثمة       أين القصور التي قد كنت أبنيها؟

إن القلوب إذا ماتت مشاعرهــا        حق علينا بشعر العرب نرثيـها

كم من صديق له في القلب منـزلة       لم يرع منزلتي والنفس يدميـها

مادام ربي معي ما هـمّني أبــداً       ضيم الحياة ولا أشكو تجافيـها

وتقوم قصيدة: (القرارات الأربعة) على المفارقات الموجعة، والانزياحات اللغوية، وهي للشاعر المبدع مرعي القرني، وجاءت على بحر الرمل من شعر التفعيلة، وتميزت بصورها الحيّة المشحونة بكثير من أشجان المرحلة سياسياً واجتماعياً، والحق أنها قصيدة الملتقى بمضامينها المشرقة، وتراكيبها الجديدة المبتكرة، متجاوزة النمطية لفضاء شعري ولغوي مفتوح:

وَبُعَيْد العصر كان الاجتماع

وبه قال لي السلطان قد جئنا بكل الشعراء

فأعِدْ خارطة الشعر ورتّب طبقات الشعراء

حينها أصدرتُ توجيهاتي العليا لكلّ الشعراء

أولاً قررْتُ عزل الببغاء

ثانياً أعدمت كُلّ الأغبياء

أما المسرحية الشعرية: (عودة قيس وليلى) للكاتب يس عبد الوهاب فجاءت من خلال ثلاثة مشاهد شعرية معبّرة عن مرحلة التغيير الجديدة في مصر، ولم تغادر المسرحية أسلوب الكاتب في بساطة التعبير، وسهولة الألفاظ، ونصاعة المواقف، وتبقى متقدمة على كثير من كتاباته مضموناً وأسلوباً .

وأخيراً أصغى الجميع لقصة "جنازة أبي" للأديب الدكتور وليد قصاب، والتي جاءت متدفقة تحمل وهجاً فنياً راقياً، وأصالة وصدقاً ميزت قدراً كبيراً من قصصه، مما جعلنا نتابعها، ونتعاطف مع شخوصها وأحداثها وجدانياً.