وسائل الاتصال الحديثة غيرت ملامح التعامل الإنساني
وسائل الاتصال الحديثة
غيرت ملامح التعامل الإنساني
رضا سالم الصامت
تأثير وسائل الاتصال الحديثة و كيف غيرت ملامح التعامل الإنساني بما قادت إليه من مظاهر ثقافية و فكرية مؤثرة و ربما نسي الإنسان الأهم و كيف اخترع الصينيون المطبعة و الورق كمنجز معجز حمل تراث البشرية و يسر تبادل المعرفة الإنسانية بين الثقافات المختلفة في عالم ازداد اضطرابا بسبب مخلفات العولمة و ما نتج عنهامن ماهو سلبي و ماهو ايجابي
هل يستشعر الناس اليوم اثر ما حدث في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي حين ظهرت المطبعة مسجلة بذلك أعظم إنجاز تقني و لكم أن تتخيلوا ما كان سيحصل لو لم تخترع المطبعة و الورق
تواصلت المنجزات الاتصالية فقدم سامويل مورس فكرة التلغراف عام 1837 ثم توصل غراهم بيل عام 1875 إلى إنجاز مذهل و هو التليفون الهاتف ثم نجح الإيطالي ماركوني عام 1895 في إرسال صوته عبر الهواء معلنا بداية الاتصال اللاسلكي و هو نفس العام تقريبا الذي تم فيه عرض سينمائي في فرنسا من قبل الأخوين لويس و أوغيست . و بتلاقح الأفكار فيما بعد نجح أودين أرمسترنغ عام 1918 من اختراع جهاز الراديو و كان أول وسيلة اتصال جماهيرية تقدم خدماتها عبر الأثير و بلا ثمن لكل فئات البشر في العالم
تنوعت أشكال وطرق الإتصال قديماً، فقد استخدم الإنسان في بداياته طرق التواصل المتعددة كالرسم على الجدران في الكهوف وغيرها، ومع مرور الوقت استطاع أن يطور اللغات المتعددة التي تتنوع الآن تنوعاً كبيراً، إذا ما استثنينا اللغات المندثرة، وبعد ذلك طور الإنسان وسائل لنقل المعلومات عن طريق كتابة الرسائل على الأوراق والرقاع الجلدية وغيرها، ونقلها بالمرسال من شخص إلى آخر في البلاد المختلفة، والمرسال هو الشخص الذي ينقل الرسائل بين الأشخاص، بناءً على طلبهم، واستطاع أيضاً استخدام الحمام الزاجل الذي دربه وطوعه لخدمته وتحديداً في نقل الرسائل، وكل هذه الطرق كانت طرقاً طويلة تستنزف الوقت والجهد في عملية نقل الرسائل بين الأشخاص، عدا عن عدم فاعليتها في الظروف الطارئة
أما وبعد عصر النهضة، وتطور العلوم وفي القرون الأخير استطاع الإنسان تطوير وسائل اتصال عرفت بوسائل الإتصال الحديثة والتي تعتبر إعجازاً من إعجازات هذا العصر لا نظير لها، وتتميز هذه الوسائل بخاصية الآنية، أي أن المعلومة تنتقل في وقت حدوثها بين أبعد نقطتين على الكرة الأرضية، ولم يعد هناك شئ بعيد، وأثمان هذه الوسائل متدنية جداً وفعالة إلى أبعد الحدود، فيستطيع شخصان أو أكثر متواجدون في نفس الوقت على أكثر من بقعة على الكرة الأرضية التواصل معاً وكأنهم جالسون في نفس المكان، كل هذا بسبب التكنولوجيا الهائلة التي ابتكرها العقل البشري في العصر الحديث
بدأت هذه الوسائل باختراع وسائل الإتصال كالهاتف والبث الإذاعي من ثم تطويره إلى البث التلفزيوني، فالهاتف يستخدم عندما يريد شخصان التحدث مع بعضهما وهما في مكانين منفصلين، فيتحدثان إلى بعضهما البعض دون الحاجة إلى الالتقاء والتنقل لذلك. أما البث الإذاعي والتلفزيوني فيستخدمان لإرسال المعلومات فقط وليس استقبالها، فيبثان المعلومات والأخبار المحلية والعالمية والبرامج المتنوعة للتسلية والفائدة معاً. ولم تقف وسائل الإتصال عند هذا الحد، فقد تطور مفهوم البريد من الربيد التقليدي البطئ إلى البريد الإلكتروني الآني الذي يعتمد على شبكة الإنترنت والكمبيوتر، وهو وسيلة إرسال رسائل إلكترونية سريعة ومجانية، كما تطور مفهوم الهاتف والمكالمات إلى مكالمات الفيديو والتي زادت فعاليتها بعد الجيلين الثالث والرابع واللذان وفرا خدمات هائلة من مزودي هذه الخدمات وشركات الإتصالات. وأخيراً تم تطوير ما يعرف بالهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والتي كانت الشعرة التي قسمت ظهر عهد الإتصالات القديم، ليبداً عصر جديد مختلف كلياً، من أبرز سماته إلغاء آخر الحدود بين البشر على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وأديانهم وأعراقهم
يعتبر القرن 20 من أزهى العصور الإنسانية من حيث تتالي ظهور تقنيات الاتصال الحديثة و كان أهمها نجاح تجارب جون بيرد في البث التلفزيوني عام 1925 و شاهد الناس أول بث تلفزيوني في العالم في لندن عام 1936 ميلادي و سجل التاريخ قفزة أخرى مهمة مع نجاح تجربة الروس المذهلة سنة 1957 في إطلاق أول قمر صناعي في الفضاء ثم جاءت ثورة الفيديو التي ترافقت معه بدايات فكرة الحاسوب حتى كان عام 1973 ميلادي حين طرح أول كمبيوتر شخصي في الأسواق هو التاير 8000 قد بدأ التحول الأهم عام 1975 ميلادي حين كتب بول ألين و بيل غيتس لغة برمجة خاصة بالحاسوب و أسسا معا شركة مايكروسوفت معلنين بذلك بدأ واحدة من أهم القفزات الاتصالية في تاريخ الإنسانية و كانت أولى ثمارها اندماج الوسائل فيما بعد في شبكة الأنترنيت و انتشارها الجماهيري المهول لتصل إلى ما يزيد على مليار إنسان في زمن قياسي
نحن اليوم نتصفح الأنترنيت و نتراسل عبر البريد الإلكتروني و نشاهد محطات تلفزية عالمية بل إن جهاز الهاتف المحمول بين أيدينا يستقبل و يبث المشاهد الحية مؤكدا قدرة وسائل الاتصال على تغيير وجه الحضارة البشرية
عندما استعرضت كل هذه المنجزات و الاختراعات أصابتني الدهشة و أحسست بجهلي في مسائل عديدة و تساءلت بألم كيف استثمرنا وسائل الاتصال الحديثة؟