ميلاد أسطورة
د.محمد إياد العكاري
في ظل ظروفٍ غايةٍ في الظُّلم والجَوْر والإرهاب والتعقيد رسمت طريقها بفضل الله باقتدار،ووطَّدت دعائمها بهمةٍ وعزيمة ،وحزمت أمرها بقوةٍ وثبات،حتى سمَّوْها بالمعجزة!!
أجل.... تلك هي الثورة السورية التي خرجت من بين الآلام ،والأحزان، والأشلاء ،والضَّحايا مارداً عملاقاً استعصى على النظام تطويعه وتركيعه رغم القتل ،وآلاف الضحايا، وأضعافهم من المفقودين ،وأضعاف أضعاف أضعافهم من المعتقلين .
تلك الثورة المباركة التي روَّت أرض الشَّام بالدِّماء الطَّاهرة وسقت أرضها بالأحمر القاني لترسخ جذورها في الأرض الطيبة،وتتعالى بفروعها الفواحة مسكاًوريحاناً إلى عنان السَّماء. هذه الثورة التي رفضت الواقع والحال بعد عقودٍ مريرة من اللوعة والألم والقهر والجراح.
وتلك هي الذاكرة التي يعرفها ويحملها الشعب السوري عن النظام الحاكم في سورية والتي تحمل في طياتها الكثير الكثير من المجازر والمآسي والمذابح والآلام منذ الثمانينيات من القرن الماضي حيث مذبحة حماة والتي راح ضحيتها مايناهز الأربعين ألفاً من أبنائها ،مروراً بمذبحة تدمر ،والجسر ،وحمص ،وحلب ، وصيدنايا وجميع المدن والبلدات السورية ناهيك عن المفقودين والمعتقلين بحيث أضحى بلدي سورية وياللأسف معتقلاً رهيباً ولايزال ،وأمست سورية سجناً كبيراً ومن يحاول الهروب منه فمصيره القتل ولوخارج الحدود كما نسمع الآن مايحصل عند العريضة وقرب تلكلخ هو ذاك واقع الحال صعبٌ ومر ،وتفصيله أدهى وأمر.
الأمن ؟؟!!عفواً... اللاأمن يتحكم في كل شيءحتى أتفه الأمور وأصغرها شأناً تحتاج إلى موافقة أمنية ؟؟!!!!بحيث أخشى أن يصبح يوماً الدُّخول إلى الحمام يحتاج لموافقة منهم !!!
تصوَّروا إلى أي حد وصل الأمر حتى الفرحة ضاقت أعينهم يرونها ترتسم على الشفاه في الزواج!!! حيث الأعراس في سورية تحتاج لموافقة أمنية من أجل ماذا؟؟الأمن!!؟؟
تصورواأيها السَّادة .!؟ هل تصدِّقون؟؟!!أجل هذا هو الواقع والحال؟!
النِّظام يظن أنه لابد لاستمراره أن يقوم بممارسة الإرهاب والقمع ،ولبقائه لابد له من القتل والعسف والجور
عجباً والله هم يخطئون بذلك فالعدل أسا س الحكم والملك ودوامٌ له لا العكس .
أما شعبنا البطل في سورية فقد نفض غبار الأيام ،وقام منتفضاً مارداً عملاقاً فهاهي الثورة المعجزة يشتدُّ عودها وتشمخ بهاماتها وفروعها لتطاول السحاب أصيلةً ثابتةً راسخة ليتقزم أمامها النظام السوري وشبيحته القتلة ،وأجهزته اللاأمنية القذ رة،ليضحي النِّظام كُلُّه مكشوفاً أمام سمع العالم وبصره ،بعد أن عرَّته الأحداث، وكشفته الوقائع، وجلَّته السنون والأيام
ليلفظه العالم كله لممارساته اللاإنسانية !!!ويمقته لوحشيته ودمويته!!! ويتبرأ منه لفظاعة إجرامه وتعسُّفه؟!!
فهاهنا حصارٌ قاتل ومجازر على درعا وحمص وبانياس وتلكلخ ودوما والمعضمية وداريا حيث يمنع الماء والغذاء والدواء ولو استطاع النظام منع الهواء لفعل؟!
أي نازيةٍ وفجورٍووحشية ودموية ونحن في القرن الحادي والعشرين؟؟!!!
وهناك قتل المتظاهرين السلميين بالمئات لمجرد مناداتهم بالحرية!!!!؟؟؟؟ وهناك المقابر جماعية!!؟؟
وهناك يعامل البشر بطريقةٍ لاتمت للإنسانية بصلة شاهدنا نموذجاً لها في قرية البيضا ؟؟!!!
وأيضاً قتل الجرحى والمصابين سواءً في ساحات التظاهر من قبل اللاأمن والشبيحة؟؟؟!!!
أما في المستشفيات فيتم نزع أجهزة الإنعاش والمعالجة من قبل اللاأمن وهناك شهود؟!!
لا بل ويتم سرقة جثامينهم لكي لاتكون أدلةً دامغةً على إجرامهم!!!!
وهناك الألوف المؤلفة من المعتقلين الذين لم تعد تسعهم السجون فلجأ النظام إلى المدارس والملاعب لاستيعابهم؟!
وهناك وهناك مالايصدقه العقل ولايخطر على بال الأبالسه....
الوضع جدُّ خطير...والحال غاية في القسوة والألم......والواقع البشرية كلُّها تتقزَّزُمنه.
أما الإنسانية فقد وارت رأسها في التراب من هول وفظاعة ماتشاهد وما تسمع وترى.!!
وماذا عساي قائل وفي القلب جراحٌ وأنين؟؟ اللهم كن لهم ومعهم وانصرهم ياقوي ياعزيز.
إنَّهم أولئك الأحرار الذين هتفوا بأرواحهم للحرية، ورفعوا هاماتهم وأصواتهم عزةً وكرامةً وإيماناً وإباءً لتبلغ عنان السماء،
وهاهي الآفاق بهم تتألَّق وبدمائهم يخطون الطريق
فهم ماضون بعزيمةٍ واستبسال عازمون على نيل الحرية مهما كلفهم ذلك وإن سالت الدماء وملأت الأبطح والوديان .
إنها الحرية غالية الثمن ،باهظة التكاليف وهم أعلنوها بلاخوفٍ ولاوجلٍ ولاتردُّدٍ
"عالجنة رايحين شهداء بالملايين" "ولايهمك يابلد الحرية بتتولد"
أي والله الحرية تولد ومخاضها عسيرٌ أليم
كنت أرسلت برسالة جوالٍ يوم الجمعة الماضي بتاريخ 13/5/2011م إلى أحد الأطباء الأفاضل في الشام فجاء الرَّد عجيباً حيث قال:
(هو يوم الجمعة بركاتٌ من السَّماء الأولى ....ونفحاتٌ من السَّماء السَّابعة ...وملائكةٌ بين السَّماء والأرض تنقل الرَّوْح والرَّيحان ...وميلادُ أسطورة مخاضها أليمٌ عسير ...دمت بخير )
أجل والله ميلادُ أسطورةٍ مخاضها أليمٌ عسير...
لكنَّه كائنٌ لامحالة بإذن الله ودمتم بخير أيُّها الأحرار