نكبة فلسطين.. ومسيرة العودة

نكبة فلسطين.. ومسيرة العودة !!

محمود المنير

مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت

[email protected]

ثلاثة وستون عاماً..على نكبة فلسطين ، ماض بعيد ، لكنه حاضر قريب ، مازال واقعها لم يتغير بين قسوة الشتات التي يتجرعها اللاجئون ، وبين تاريخ أسود شاهد على العجز العربي وعلى خيبة الزعامات العربية التي باعت القضية وفرطت في أرض فلسطين!!

ثلاثة وستون عاماً مضت على ذكرى النكبة، ولا يزال الاستهداف الصهيوني للشعب الفلسطيني متواصلاً، دون أن يفتّ من همة مشروع المقاومة ، أو ينالَ من عزيمة وإصرار الشعب الفلسطيني المرابط على الصُّمود في وجه الاحتلال الصهيوني البغيض ، حيث صنع المجاهدون من رحم المعاناة بشائرُ التَّحرير والعودة في ظل نسائم المصالحة والوحدة الفلسطينية على أسس المحافظة على الثوابت والدَّفاع عن الحقوق والتي جاءت كأحد ثمرات الثورة المصرية العظيمة.

تأتى ذكرى النكبة هذا العام ، ولكن بمنعطف جديد يحمل البشائر المفعمة بنسمات الرَّبيع العربي الدَّاعم لخيار المقاومة،حيث ثارت الشعوب العربية لتعلى خيار المقاومة والممانعة الحقيقية، وتسقط ضرورات الاستسلام والانبطاح التي أرغمتنا عليها الأنظمة العربية الموالية لإسرائيل على مدار العقود الماضية ، ليتوحَّد الصَّف وتجتمع الكلمة دفاعاً عن الأرض والمقدسات وتشكل سبيلاً للحرية والعودة، وفى ذّكرى النكبة هذه المرة لن نبكي على فلسطين ، ولكن سنقف على بعض الحقائق والثوابت التي ينبغى أن نستذكرها من أجل تغيير واقعها المرير:

إنَّ جرائم الاحتلال الصهيوني ومخطّطات المشروع "الصهيوأمريكي" لتصفية القضية الفلسطينية وتغيير ديموجرافية معالم الأرض منذ ثلاثة وستين عاماً لم ولن تفلح في تحقيق أهدافها، حيث سقطت كل مشاريع التسوية على موائد المفاوضات بعد الفشل الذريع لخيار السلام.

إنَّ مرحلة الانقسام التي فرضت على الشعب الفلسطيني بتآمر دولي وصمت عربي أثر سلباً على مشروع التحرير وأضر كثيراً بالقضية الفلسطينية ، وهذا يجعل السعي لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية على أرض الواقع خياراً استراتيجياً يجب أن تدعمه كل الفصائل الفلسطينية وفى مقدمتها فتح وحماس ، وعدم ادخار أي جهد في تنفيذ بنودها مهما كلف الثمن، وذلك حماية للثوابت ودفاعاً عن الحقوق، حتَّى ينعم الشعب الفلسطيني بالحرية ويتمكَّن من العودة إلى أرضه ووطنه.

مسيرة القضية الفلسطينية عبر كل هذه السنوات العجاف ، وما أسفرت عنه من تنازلات قدمها المفاوض الفلسطيني لم تعد للشعب حقاً واحداً من الحقوق التي ينشدها الشعب الفلسطيني، بل فقد الكثير من حقوقه ، وهذا يؤكِّد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة، باعتباره حقاً كفلته الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، ولا يجب ولا يملك أن يتنازل عنه أحد حتَّى يتحرر الأقصى ، وتتحقق العودة لأهل فلسطين .

يجب أن يدرك المفاوض الفلسطيني وكل طرف يتوسط مستقبلاً في هذه القضية المحورية أنَّ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجّروا منها قسراً؛ هو حقُّ فردي وجماعي غير قابل للتصرف ولا يسقط بالتَّقادم، ولا تجوز فيه الإنابة، ولا تلغيه أية اتفاقيات أو معاهدات تتناقض معه.

وثمة مطلب جوهري يجب أن يُعد له ويُدعم بقوة ألا وهو استثمار المناخ الذي أحدثته الثورات العربية من أجواء مطالبة بالحريات ، ومشجعة على الحراك الجماهيري في المنطقة بأسرها، وهو ما يستوجب على الفلسطينيين داخل فلسطين وفي الشتات الشراكة مع جماهير الأمَّة العربية والإسلامية من خلال مسيرات العودة باتجاه الحدود مع فلسطين للتَّأكيد على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، والدفع بقوة لبزوغ فجر جديد لانتفاضة ثالثة تشمل كل فلسطين ، ويجب إذكاء جذوتها، واستمرار تفعيلها حتَّى تكون مقدمة حقيقية لمسيرة العودة والتحرير .

لم يعد مقبولاً بعد هذه الثورات التي يشهدها العالم العربي ، وقدمت فيها الشعوب ومازالت قوافل الشهداء تترا ، أن تقف جامعة الدولة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات والهيئات الرَّسمية والشعبية صامته إزاء دعم القضية الفلسطينية ودعم المصالحة الوطنية ووحدة الشعب الفلسطيني وكسر الحصار المضروب على غزة ، والتصدي بقوة لمشروع الاستيطان ، على قاعدة التمسك بالحقوق والثوابت في مواجهة الاحتلال الغاشم السَّاعي إلى سرقة الأرض وتهويد القدس .

وحتى لا تأتي ذكرى النكبة في العام القادم ، ونحن مازلنا نتحسر على نكبتنا وعجزنا، فلابد أن نغير هذا الواقع ونتطلع للمستقبل ، بالحفاظ على الثوابت، والدفاع عن الحقوق ، والتصدي بكل بقوة ومنعة لكل المخطَّطات الصهيونية الرَّامية إلى تهويد القدس ، والممارسات الإجرامية السَّاعية إلى سرقة أرض فلسطين .

 في السياق: من أقوال الشيخ أحمد ياسين – يرحمه الله تعالى -:

·        لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نعترف بإسرائيل وهي تغتصب أرضنا وحقوقنا ووطننا وتاريخنا.

·        نؤكد الآن أن كل الشعب الفلسطيني لا يقبل بأن يوقف الدفاع عن نفسه ويجعل الضحية متساوية مع المعتدي ، هناك معتد يجب عليه وقف إطلاق النار وسحب جيشه، وهناك معتدى عليه لا يمكن أن نقول له: ارفع يديك وسلم .

·        نحن لا نريد فقط أن يوقف الاحتلال عدوانه علي شعبنا : نعم نحن نريد ذلك ، لكننا نريد أيضا أن يزول الاحتلال تماما عن أرضنا وأن تزال المستوطنات وأن يطلق سراح الأسري وأن يفك الحصار.. ، وكل هذا ضمن جدول زمني إذا التزم به العدو نلتزم نحن من جانبنا .. نحن لسنا عشاق قتل أو سفاكي دماء إذا كان بالإمكان تحرير أرضنا دون أن تراق الدماء لماذا لا نفعل .. ؟