لا تحزني يا قدس .. فلقد توحدت الصفوف
لا تحزني يا قدس ..
فلقد توحدت الصفوف
أ.د. محمود السيد داود
أستاذ السياسة الشرعية المشارك
بجامعة البحرين وجامعة الأزهر
وأنا فى غاية السعادة اليوم بما تم بشأن القضية الفلسطينية من توحيد الصفوف، والبدء فى ترتيب الأوراق، والإعلان الصادق من الوقوف صفا واحدا حول المصلحة العامة الفلسطينية، وعدم الالتفات قليلا أو كثيرا لما تبثه الحكومة الإسرائيلية من أكاذيب وأراجيف، بل والاستهانة بها والتعالى على صراخها وعويلها، خوفا مما ينتظرها من وحدة الصف الفلسطينى، وصحوة الشعب العربى والإسلامى، أتذكر أنى كنت قد ألقيت محاضرة فى الملتقى الثقافى الأهلى مساء يوم الثلاثاء الموافق 17/6/2008 ، وكانت بعنوان " ركائز الحل الإسلامى للقضية الفلسطينية"، وكانت أول وأهم الركائز التى قدمتها المحاضرة هى : وحدة الصف الفلسطينى، وأذكر أيضا أنى قد أفردت لهذه الركيزة مقالا نشر على صفحات هذه الجريدة الغراء بعنوان " وحدة الصف الفلسطينى أهم ركائز النصر"، وقد تاقت المحاضرة كما تاق المقال إلى الحديث عن فقه التفوق والانتصارات بدلا من فقه الهزائم والنكبات، لكن ذلك كان معلقا أو متوقفا على وحدة الصف الفلسطينى، والاستمساك بالمصلحة العليا لفلسطين، وتقديمها على سائر المصالح فى مواجهة العدو الإسرائيلى .
أما وقد تم توقيع المصالحة وتمت المصافحة والاتفاق بين جميع الفصائل الفلسطينية، وخاصة بين فتح وحماس، برعاية مشرفة وكريمة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، بعد انتهاء نظام مبارك البائد، وبعد مرور أربعة أعوام على الانقسام، فإنى أشعر بأننا قد أمسكنا بالبداية الحقيقية لخيط النصر وحل القضية حلا عادلا، هذا الخيط الذى يبدأ من المصالحة ويمر بتنظيم الصفوف وترتيب الأوراق، وينتهى بنا عند تحرير القدس وعودة اللاجئين وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية على سائر الأراضى المحتلة، ولأن المصالحة هى الخيط الحقيقى الموصل إلى النصر وإقامة الدولة الفلسطينية المأمولة، قياما عادلا ومشرفا، كان الإمساك بها والوصول إليها هو الأمر الذى أقض مضجع الإسرائيليين وأثار غضبهم، وهيج أعصابهم، وجعلهم يتصرفون وكأنه قد أصابهم مس من العته والجنون، وراحوا يهددون ويتوعدون باحتلال الضفة الغربية آنا، ووقف نقل المعونات المالية إلى السلطة الفلسطينية التى تواجه أزمة صرف المرتبات آنا آخر، ولم تكف عن المطالبة بوقف كل الاتصالات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، عقابا على موافقتها على الصلح مع حماس، ومعاقبة النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي لحضورهم احتفال توقيع المصالحة في القاهرة. واتهامها للرئيس الفلسطينى أبو مازن بأنه آثر الاتفاق مع حماس وفضل طريق الإرهاب على طريق السلام، بل كان من آثار هذه الصدمة الكبيرة المروعة لهم، أن طالب نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، أوربا جميعها أثناء لقائه مع نظرائه الأوروبيين في أوسلو يوم الجمعة 6 مايو الماضى ، بالكف عن تمويل السلطة الفلسطينية، باعتبار أن حركة حماس الإرهابية، وفق الرأي الإسرائيلي، أصبحت جزء منها، والامتناع عن الاعتراف بصورة أحادية بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة، حتى يمتنع الفلسطينيون عن مجرد طرح فكرة الإعلان عن إقامة دولتهم .
ولعله من حسن الطالع أن يأتى توحيد الصف الفلسطينى، كمقدمة لتوحيد الصف العربى والإسلامى أجمع حول هذه القضية، وذلكم بعد أن انطلقت على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، الدعوة إلي ما سمي بـ«صلاة فجر مليونية لنهز كيان الصهيونية" فجر الجمعة 13/5/2011 ، الموافق 10من جمادى الآخرة1432 هـ ، واستهدفت الدعوة الوصول إلى 10 مليون مسلم، لتفجير الثورة على الكيان الإسرائيلى، واستفتاحها بصلاة الفجر المباركة في كل بقاع الارض وخاصة فى عالمنا العربي والإسلامى، مع التوصية بتضمين هذه الصلاة الدعاء بتحرير الأقصى وجميع فلسطين، وأن يوفقنا الله في هذه الانتفاضة المباركة، وأن يرزقنا صلاة في المسجد الاقصى المبارك، وإلى جانب الدعوة إلى صلاة الفجر المليونية انطلقت دعوة «الإنطلاق إلي غزة»، أيضا فى نفس اليوم ، مؤكدة هذه الدعوة أنها ستحمل ما تستطيع حمله من أدوية ومؤن وغيرها من المساعدات المهمة إلى قطاع غزة المحاصر، وكان وزير الخارجية المصري قد أمر بعد التشاور مع قادة القوات المسلحة بفتح معبر رفح، لتسهيل عبور الأدوية والمؤن وإعطاء نبض الحرية للشعب الفلسطيني الشقيق .
وإذا كانت المصالحة الفلسطينية وتوحيد صف الفصائل مع توحيد الصف العربى والإسلامى هو الذى يؤرق اليهود والصهاينة، إلا أنه يثبت من ناحية أخرى أن الأمة الإسلامية أمة حية على مر العصور، قد تضعف أو تمرض لكنها لا تموت، وإذا كان شباب العالم العربى والإسلامى يأبى إلا أن يقول كلمته لإسرائيل من وراء انتفاضته وثورته عليها، فإن كلمته إلى القدس والمسجد الأٌقصى هى:
لا تحزنى ياقدسُ .. عاد لا تحزنى يا قدسُ .. عاد جهادنا لا تحزنى يا قدس .. لا تتألمى مـا عـاد شـيئٌ للطغاة يَرُدُّنا قـد أُسْـقِطَ العملاءُ فى ناديهُمُ | مكانناوكـتـائبُ "التحرير" لا لا تحزنى .. والنصرُ فى أيدينا مـا عاد شيئٌ فى الورى يطوينا أو عـن ثَـراك وطـهره يُثنينا واللهُ أعـلـى فى الورى نادينا | تخزينا