صور ناطقة للتحوت والروابض 17-19

صور ناطقة للتحوت والروابض

17+18+19

أحمد الجدع

[17]

-- -----------------------------

أنا ، وأنت يا قارئ هذه الكلمات ، نقر أن كل رجل سويّ إذا أراد أن يختار لشركته أو محله أو دكانه اسماً اختاره من الأسماء التي يزخر بها تاريخ أمتنا المجيد .

أما أن يختار أناس أسماء لشركاتهم ومحلاتهم من جداول أسماء أعدائهم ، بل أسوأ أعدائهم وأشدهم لهم عداءً وبهم فتكاً ، فهو العجب الذي لا ينتهي التعجب منه !

لماذا وصلنا إلى حال نحب فيه المجرمين من أعدائنا ، لماذا وصلنا إلى حالٍ نعجب بالمنحرفات من نساء أعدائنا .

لماذا أقبل قومنا على هذا الاسم لامرأة منحرفة فاختاروه لبناتهم ، أيحبون أن تكون بناتهم مثلها ... نعوذ بالله من هذا الانحراف وأمثاله !

هل تعرفون فردناند وآيزابيلا ؟

هما ملكا إسبانيا اللذان أزالا الوجود العربي الإسلامي من الأندلس ، وأقاما محاكم التفتيش التي قتلت مئات الآلاف من المسلمين بطرق وحشية لا يصدقها العقل ، ومن نجا من القتل فرّ إلى العدوة المغربية ، ومن فرّ من المسلمين لم يسلم قسم منهم من الغرق في البحر !

الحقائق التي تروى عن عذابات المسلمين في الأندلس تشبه الأساطير ، إنها حقائق ، وإلا لماذا لا تجد مسلماً واحداً في إسبانيا من بقايا المسلمين في الأندلس الإسلامية .

ومع هذا كله رأيت محلاً لبيع (الزهور ونباتات الزينة) في بلد عربي يسمي محله بهذا الاسم القبيح : فردناند وآيزابيلا .

حسبنا الله .

=========

[18]

-------------------------------

كان ذلك سنة 1413هـ أي قبل عشرين عاماً ، طالعتنا الصحف والمجلات والإذاعات والتلفزة بحملة واسعة على من يؤمنون بفوائد حبة البركة (الحبة السوداء) واستمعت في ذلك الزمان إلى إحدى مذيعات التلفزيون في دولة خليجية تجري مقابلات مع أشخاص تضفي عليهم أهمية علمية ، وتنفخ في علمهم ، وأنا لا أظن أنهم كانوا ذوي اختصاص في أي شيء ، وكلهم حذروا الناس من تناول هذه الحبة المباركة .

لم يرد أحد من علماء الحديث على هذه الحملات المسعورة ، أو هم طلبوا أن يردوا ولم يُستجب لهم .

الأحاديث ذات الجانب العلمي لا تعالج بالسخرية والتشكيك والحملات البائسة ، ذلك لأن مثل هذه التصرفات عبارة عن تهريج وإسفاف ، نابعة عن أحقاد وعن كراهية مزمنة لإسلامنا العظيم .

إذا كان الحديث صحيح الإسناد يبقى أن ننظر إلى المتن (أي نص الحديث) فإذا كان فيه جانب علمي أحلنا فحصة لذوي الخبرة والاختصاص .

وقد مرّت أحاديث حبيبنا رسول الله – صلوات الله وسلامه عليه – بحملات ذات غايات ، منها حديث الذباب الذي أمر فيه الرسول أن تغمس الذبابة في الأكل إذا وقعت عليه لأن في جانب منها داء وفي الجانب الآخر دواء ، ثم ليأكل الآكل آمناً .

وطالت الحملة ، فأحال الأزهر المسألة إلى عدد من العلماء المختصين وحرص أن يكون فيهم عدد من غير المسلمين ، وبعد أبحاث علمية دقيقة خرجوا فيها بنتائج تؤيد ما قاله رسولنا الذي صدقنا في كل ما قال .

وصمت المرجفون !

أما حديث الحبة السوداء (القزحة – حبة بركة) فقد كانت حملة واسعة ، ولها وقع سيء على من تابعها من بسطاء المسلمين ، وكانوا يسخرون سخرية نابية بقول الرسول : إنها دواء من كل داء ، فكيف تكون دواءً من كل داء ؟

وعندما خضعت هذه الحبة السوداء للفحوصات الدقيقة في مختبرات أمريكا وجدوا أن هذه الحبة السوداء تزيد المناعة في جسم الإنسان بحيث تساعده على مقاومة الأمراض .

تزيد المناعة أي أنها تختص بتقوية الجسم كله ، وتزيد مناعته الحيوية التي تساعده على مقاومة الأمراض التي تغزوه .

أمريكا التي تنشر رجالها في كل مكان ، أطلقتهم ليحملوا حملتهم على الحبة السوداء حتى تصرف المسلمين عن تناولها ، وحتى تزهدهم فيها .

وكان مرادها من كل ذلك أن تحتكر شراء هذه النبتة المباركة من منابتها في البلدان التي تزرعها مثل مصر والهند وأثيوبيا ولبنان وسوريا .

وقد فعلت ذلك ، وتعاقدت مع هذه الدول على شراء كل محصول حبة البركة واحتكار أسواقها لعدة أعوام .

إن أهم ما اكتشفته أمريكا بعد تقوية جهاز المناعة في الجسم البشري أنها تساعد على الشفاء من الأورام السرطانية .

هذه الأخبار التي ذكرتها نشرتها المجلة العربية التي تصدر في مدينة الرياض في الصفحة 46 من العدد 190 الصادر في ذي القعدة عام 1413هـ .

ما ذنب أمريكا إذا وجدت في بلادنا من التحوت والروابض من يساعدها على مؤامراتها الخبيثة ، وعلى نهب ثرواتنا ، وعلى تحطيم كل جميل في حياتنا .

المسلمون اليوم في قعر التأخر ، وإذا كان للقعر قعرٌ فهم فيه .

حسبنا الله .

==========

[19]

-------------------------------

كان ذلك قبل عشر من السنين ، كان لي صديق يعمل في المكتبة العامة ، ويتردد عليه كثير ممن يحتاجون للمراجع ، وممن يعشقون القراءة .

حدثني صديقي بأنه عرف شاباً يدلف إلى الأربعين ، مهتماً بالأنساب ، وباحثاً فيها ، فذكرتك له ، وقلت له إن لك اهتماماً بالأنساب ، فأبدى رغبته بأن يجلس إليك ، فلربما استفاد منك واستفدت منه .

أبديت له استعدادي لذلك ، وترحيبي به في مكتبي في أي وقت يشاء ...

وذات يوم هاتفني صديقي مبدياً رغبته بزيارتي ومعه ذلك الرجل ، وقد عين لهذه الزيارة يوماً وساعة .

وعندما حان يوم الزيارة وساعتها قدما ، ولم يكد هذا الزائر أن يريح جسده على الكرسي حتى بادرني بالسؤال المفاجئ : ما رأيك في هذا الخلاف الدائر حول فلسطين ، ولماذا لا نحكم فيه العقل ونبحث فيه بموضوعية وحيادية ، فإذا انتهى بحثنا إلى أن فلسطين من حق العرب أعلنا ذلك على العالمين ، وإذا انتهى بحثنا إلى أن فلسطين من حق اليهود قبلنا ذلك بجرأة وشجاعة ... وينتهي الخلاف !

إذن كانت قضية الأنساب حجة ومدخلاً لهذا السؤال الملغم .

قلت لهذا الرويبضة : إن الأوطان والعقائد لا تخضع للحيادية والموضوعية ، ولا يمكن لعربي أو مسلم أن يسمح لنفسه أن يشك ولا لجزء من المليون من الثانية في عروبة فلسطين وفي إسلاميتها .

ولكن دعني أقول لك : أنت واحد من اثنين : إما أن تكون يهودياً تحمل اسماً إسلامياً تتخفى وراءه لبث سمومك في التشكيك بعروبة فلسطين وإسلاميتها ، أو أنك عميل قذر قد استؤجرت لهذا الأمر .

إنك من أولئك الذين أجازوا لأنفسهم أن يتحاوروا مع الأعداء ويفاوضونهم على بيع فلسطين مقابل الملايين يسمنون بها أرصدتهم وذلك بحجة أنهم يؤمنون بالرأي والرأي الآخر .

الأوطان لا يساوم عليها بأية صورة ، والخيانات لا تحجبها العناوين المخادعة ، والعقائد ليس فيها الحيادية والموضوعية إلا لدى الروابض من أمثالك .

كنت ثائراً وغاضباً ، وخشي صديقي أن أفتك بزائري ، فأخذه وانصرف .

وفي اليوم التالي هاتفني صديقي معتذراً ، وأعلمني أنه فوجئ بالموقف الذي حدث ، وأن غضبه من هذا الموقف كان شديداً .

حسبنا الله .