مصر ومستقبل الشمال الإفريقي
في المقاومة..
د.عصام محمد علي عدوان
[email protected]
الأوضاع التي وصلت إليها ليبيا مناسبة جداً للدول الغربية التي تظاهرت بالتدخل
لصالح ثوار ليبيا، لكنها حريصة على عدم تقدم طرف على طرف، إلا بالقدر الذي يحقق
مصالح غربية. حلف الأطلسي أوصل رسالة إلى كل الشعوب العربية، تدعوها للتفكير ألف
مرة قبل الشروع في ثورة على أنظمة الحكم فيها. وأوصل رسالة أخرى إلى كل الحكام
العرب بألا يستسلموا بسهولة، وأنه بمقدورهم الاقتداء بالقذافي. وحقق حلف الأطلسي
ضربات موجعة للقدرة العسكرية الليبية التي قد تقع في أيدي الثوار وترتد إلى صدر
حليف للغرب في المستقبل. إن هذه الرؤية تجعلنا نقدر طول أمد هذه المعركة في ليبيا،
الأمر الذي يوجب البحث عن مخرج عربي. وبالنظر إلى الساحة العربية، نجد أن جميع
الأنظمة العربية تقريباً مستفيدة من الدرس الذي يلقنه القذافي لشعبه. إلا أن الثورة
المصرية والتونسية هما المتغير الجديد في الواقع العربي وهو ما يفرض عليهما دور هام
في دعم كل ثورة شعبية عربية، فكيف عندما تكون واقعة بينهما!!
إن لمصر تجربة تاريخية هامة في دعم الثورات العربية في حقبة الخمسينيات والستينيات،
فقد دعمت الثورة الجزائرية واحتضنتها بقوة، وتحملت انتقام فرنسا في حرب السويس جراء
هذا الموقف، ودعمت الثورة اليمينية على يد عبد الله السلال، وتحملت العداء مع
السعودية التي دعمت النظام الملكي في اليمن. كما دعمت الثورة الفلسطينية بين عامي
68-70م. كما أن مكانة مصر العربية والعالمية، وموقعها الاستراتيجي، وإمكانياتها
البشرية والمادية، وخبراتها السابقة، كل ذلك يؤهلها للعب دور المناصر للثورات
العربية في هذه المرحلة، والأمر يصبح أكثر وجوباً بحق مصر أن تقف إلى جانب ثوار
ليبيا، ولديها وسائل عديدة، ظاهرة وباطنة لتحقيق هذا الدعم وإنضاج الثورة وإنجاحها.
إن فوائد هذا التدخل المصري على درجة خطيرة من الأهمية، فثوار ليبيا سيحملون الفضل
لمصر بما يسمح بطرح فكرة وحدة الشمال الإفريقي، ولا سيما بعد إدخال إصلاحات دستورية
في الجزائر.
إن الشمال الإفريقي على موعد مع وحدة عربية تقودها مصر وتدعمها تونس، وهو ما سيسرع
عجلة التنمية العربية، ويمهد الطريق أمام الأمة العربية للتخلص من الاستعمار
الصهيوني المدعوم غربياً. وإن ليبيا في هذه المرحلة هي حلقة الوصل المفقودة، وعلى
مصر مسئولية تاريخية تجاه الشعب الليبي وثورته الوطنية، وتجاه مستقبل الشمال
الإفريقي، على موعد مع الوحدة بإذن الله.