الصلاح والإصلاح في الفكر الإسلامي
هايل عبد المولى طشطوش
[email protected]
ينبغي علينا ان نجاري حركة التاريخ في كتاباتنا وذلك من خلال تحسس ما يدور في
الشارع حيث تشهد منطقتنا العربية اليوم حراكا غريبا مختلفا عما شهدته من حركات عبر
تاريخها الطويل ، ومطلب الجماهير من هذه التحركات هو الاصلاح ، على الرغم من ان
كثيرين لايدركون معنى الاصلاح ومفهومه الحقيقي .
الاصلاح
بمفهومة المطلق يقتضي تحقق متطلب سابق له في حياة الانسان الفرد وفي حياة الامة
كجماعه واحده ، الا وهو (الصلاح) فلا شك ان صلاح الفرد بذاته يؤدي الى صلاح المجموع
لان الفرد قّوام على من حولة فهو بلا شك راعٍ لرعية يصلح امرها بصلاحه ويفسد امرها
بفساده .. ، اذن فقيام كل فرد من المجتمع باصلاح نفسة واصلاح من يعول ومن يطول ،
يؤدي حتما الى صلاح الامة وبالتالي ينتفي مطلب الاصلاح لانه يتحقق تلقائيا بغياب
الفساد والشر من المجتمع لان المجتمع في هذه اللحظة يتحول الى مجتمع صالح مثالي
يعتبر الفاسد فيه شاذا واضحا للعيان ينبذه الناس لانه منبوذ من الله تعالى .
ولا شك ان ديننا الاسلامي الحنيف هو دين الصلاح والاصلاح، فالاسلام دين صالح لكل
زمان ومكان وهو في ذات الوقت مصلح لكل ما فسد من القضايا والاحوال التي تعتري حركة
الاجتماع الانساني ، وعندما نطلق لفظة الاصلاح فنجعلها لصيقة بالاسلام نعني بها" ان
الاسلام
فيه
الصلاح للحركة الحياتية لإصلاح ما فيها من أنظمة معوجة وسلوكات خارجة عن حدِّ
الفطرة ومنهج الله،بينما قولنا: "الإسلام مصلح..." يعني بالضرورة أنه الدين الذي
يقوم على تصحيح الاعوجاج المتمثل باتباع غير شرع الله، كما ينقذ البشر من قصور
مناهجهم وأخطائها، ليرفع الحياة الإنسانية إلى الأفق الكريم الذي أراده الله
للإنسان.
وقيام كل فرد في الامة بصلاح ذاته ينقذ الامة من الوقوع في براثن العذاب البغيض
الذي تستحقة ان هي قصرت في القيام بهذه المهمة
، حيث يقول تعالى: {وما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأَهْلُها مُصْلِحونَ}
[هود:117].
اذن القيام باصلاح النفس واعادتها الى طريق الحق واصلاح ذات البين واصلاح سلوكيات
حياتنا وغيرها من الممارسات الاصلاحية هي من صميم واجبات المسلم الموحد لينقذ نفسة
وغيرة من الوقوع في عذاب الله.
والمطالبة بالاصلاح تقتضي ممن يطلبة ان تكون سلوكياته سليمة لا اعوجاج فيها لانه من
العار على المرء العاقل ان ينهى عن خلق وياتي بمثلة ، وهذا الامر يعود بنا الى حيث
المربع الاول الذي بدأنا به الا وهو ان يصلح كل فرد منا نفسه اولا حينها يصلح
المجتمع وهذا هو فحوى المنهج الرباني الذي جاءت به شريعه الاسلام الخالدة حيث لم
تكن يوما دعوة الاصلاح هي دعوة عنف او قوة بل هي دعوة الرحم واللين .بل ان
الصلاح هو رجاء الأنبياء وابلغ مطالبهم من ربهم سبحانه وتعالى، فها هو نبيّ الله
إبراهيم عليه السلام
يقول:
"
ربّ هب لي حكماً وألحقني بالصالحين
"الشعراء:
83،
ونبيّ الله يوسف عليه السلام يقول:
توفّني مسلماً وألحقني
بالصالحين) [يوسف:
101]، ونبي الله سليمان عليه السلام يقول:
وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين[
النمل: 19]، فالمؤمن الذي يسير في درب الصلاح إنما يسير في درب
الأنبياء ويدعو
بدعاءهم أن يكون من الصالحين.
وأخيرًا لتعلم اخي الانسان ان النّاسُ أربعة نفر : صالحٌ ومصلحٌ وفاسدٌ ومفسدٌ،
فاحرصْ أن تكونَ أحدَ
الأولَيَيْن واحذرْ أن تكونَ أحدَ الآخِرَيْن.