شتاء الثورة الرابع، هل من مغيث!!
م. عبد الله زيزان
برودة طقس أم برودة ضمير
بدأ برد الشتاء يتسلل إلى ربوع سورية معلناً دخول المحنة السورية شتاءها الرابع، ليقع المواطن السوري بين برودة الطقس وبرودة الضمير العالمي الذي بات ينظر إلى شهداء سورية وجرحاها كأرقام تُذكر في نهاية نشرات الأخبار قبل ختامها...
فإذا كان هذا نصيب الشهداء والجرحى من اهتمام وسائل الإعلام فإن الصامدين في ديارهم لا بواكي لهم، فبدخول الشتاء يبدأ فصل جديد من المعاناة، ليندر الوقود وتختفي وسائل التدفئة مع الانقطاع المتواصل للكهرباء...
شتاء رابع يمر على الثورة السورية، ولا يزال المجتمع الدولي لم يحسم أمره في التعامل مع مأساة القرن، بل يتساقط يومياً دعاة حقوق الإنسان، لنكتشف أن الإنسان المقصود عند هؤلاء الدعاة، هو بمواصفات معينة، وأنهم لا يتحركون تجاه المجرمين إلا إذا انطبقت تلك المواصفات وإذا توافق ذلك مع مصالحهم الخاصة...
عامل جديد يضاف للمعاناة
إنّ شتاء سورية الحالي ليس كغيره من السنوات السابقة، فإضافة إلى ندرة الوقود تتحكم "داعش" بتسعيره وتوزيعه في العديد من المناطق السورية، في صورة تعري كذب التحالف الدولي في دعواه بمحاربة هذه العصابة، فلا زال الكثير من مصادر الوقود بيدهم، ولا زالوا يتحركون في سورية بكل يسر وسهولة...
لهذا لم يعد يثق السوريون بالمجتمع الدولي ككل، حيث أنه فشل على مدار الأعوام الماضية في التخفيف من معاناة حتى اللاجئين الذين هربوا من بطش النظام، فكيف سيخفف عنهم في الداخل، وهم يشاهدون ازدواجية العالم في التعامل مع قضاياهم الداخلية، فدماء الشعب السوري في عين العرب مثلاً غير تلك التي في حلب، وغير تلك التي حمص ودير الزور، فحشدوا لمعركة عين العرب وكأنها معركة سورية، فقاتلوا الذنب وتركوا الرأس، فلا قضوا على هذه ولا أضعفوا تلك...
ربيع يعقب الشتاء
سيمر هذا الشتاء كما مرّ سابقاته، فالسوري المبدع سيجد حلاً لكل مشكلة تواجهه، ربما سيشعر بمزيد من البرد ومزيد من الجوع، وأضعافهم من الخوف، لكنه صار على قناعة أنه لن يحل قضيته أحد في العالم، وأنه على الشعب أن يعتمد على نفسه في تدبر شؤونه، رغم صعوبة ذلك بوجود التآمر العالمي عليه، وبوجود التخاذل العربي تجاهه...
سيمر هذا الشتاء وسيعقبه ربيع سوري مميز بالنصر إن شاء الله، وسيصنف حينها الشعب السوري الصديق من العدو خلال محنته هذه، كما سيصنف الصديق الحقيقي من الصديق المتخاذل، فالشعوب العربية ليست ببعيدة عن معاناة السوريين، لكن الكثير منهم آثر السلامة وآثر راحة البال، وهؤلاء كلهم لن يرحمهم التاريخ كما لن يرحمهم الحاضر، فمن يغيث السوريين اليوم إنما هو يغيث نفسه، فالأمة الإسلامية اليوم كلها في خطر، وليست في منأى عما يخطط له أعداء الأمة، فإن لم تتكاتف الجهود، فستؤكل كما أكل الثور الأبيض...