الشريعة أم الديمقراطية ... ماذا يريد الإسلاميون

عبد الله صالح

الشريعة أم الديمقراطية ...

ماذا يريد الإسلاميون؟؟

عبد الله صالح

[email protected]

في خضمِ الأحداث الحالية وفي ظل رياح التغيير التي هبت على أجزاء من العالم الإسلامي صار كثير من الناس يتغنون بالديمقراطية وينادون بالأنتخابات البرلمانية ويبشرون بحكم الشعب ، وليس هذا بمستغرب من دعاة العلمنة وأتباع الغرب بل ومن كثير من العامة ممن لا تبصر لهم في مثل هذه الدعوات والأفكار الباطلة والمبطلة ، ولكن العجب كل العجب والمستهجن كل الإستهجان أن تصدر هذه الدعوات من أناس يحسبون على الصف الإسلامي وعلى الدعوة الإسلامية ، ولست الآن بمعرض الحديث عن  بطلان الديمقراطية ومخالفتها للدين الحق وأنًما قصدت بهذه المقالة التذكير بمطالب الإسلاميين وغاياتهم التي ينشدونها علَ الغافل أن ينتبه والناسي أن يتذكر والله المستعان.

فأقول وبالله التوفيق . إن الصحوة المباركة ومنذ أيامها الأولى هدفت الى تطبيق الشريعة وانفاذ أحكامها بين العباد فالإسلاميون على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم وجماعاتهم لم يكونوا يوماً دعاة ديمقراطية وإنما كانوا دعاة دين ودعاة شريعة وفي سبيل ذلك لاقوا أصناف الأذى من قتلٍ وسجنٍ وتشريد وما ذلك الا من أجل هذا الدين "وما نقموا منهم الاً أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد" .

ولعلي أستعرض نماذج من أشعار ومواقف أبناء الصحوة تدل على ما لاقوه في طريق هذه الدعوة المباركة وكذلك صبرهم على الشدائد من أجل هذا الدين:

1- في لقاء عابر التقى أحد الإخوة من مدينة حماة بسورية بأخ آخر من خارج سوريا وأثناء الحديث علم منه أنه زار حماة قريباً فسأله الأخ الحموي : كم لك من حماة قال منذ ثلاث سنة ، فقال الحموي : أما أنا فلي منها ثلاثون سنة لم ارها ، فلله ! ثلاثون عاماً هل كانت من أجل الديمقراطية! وهل كان أهل حماة ينشدون الديمقراطية عندما قصفت حماة بالطائرات وشرِد وسجن الكثير من أهلها؟؟

2- وللشاعر الدكتور محمد وليد قصيدة بعنوان "دار الأحبة" يحن فيها الى أهله وأحبته وما أبعده عنهم الى النفي والتشريد من أجل دينه ودعوته فاسمع اليه يقول:

ألا مَـنْ يـوافـيني لـدارِ  أحبتي    أبـلّغها شـوقي  وحبّي وحرقتي

وأنـشدُها أشـواقَ روحـي رقيقةً    وأحـكي  لها  عمّا أعاني بغٌربتي

يُـقاسي فـؤادي مـا  ينوءُ بحملهِ    ولكـنَّ عـيني لا تـبوحُ بعثرتي

خرجتُ أغذُّ السَّير في مهمهِ السُّرى    ألا في سبيل الله  سَيري وهجرتي

وتسـبحُ في عرضِ البحار مراكبي    تُغـالبُ أمـواجَ الظـلامِ بـهمّةِ

ومـا أنـا دارٍ والبـلادُ بـعـيدةٌ     متـى يوم  مُرساها وأيّان عودتي

أكـابـدُ حـبّي كالـمآذنِ واقـعاً     وأسـمو بأشواقي إلى حيث جنّتي

ولـم تَرَني غيرُ المساجدِ  راكـعاً     وغـير إلـهي لا يـراني  بذلّتي

أتـعرفُني داري إذا مـا  قصدتُها     وتَـذكرني  من بعدِ عشرين حِجّةِ

وتـذكرُ أحـلامي بها وخواطري     وتـذكرُ أيـاماً قضتْها بـصحبتي

وتـذكرُ همْساتي ولمـسَ  أناملي     وتـذكرُ فرشاتي وحبري وريشتي

أرصِّعُـها بالـدرِّ في كـلّ حُجرة    وأكـسو ثراها  من خيالي ولوعتي

وأطـيارُ أحـلامي ترفُّ  بخافقي    وأشـواقُ أشواقي تـطير بصبوتي

تركتُكِ يا داري  وفي القلب غُصّة     كـأنّيَ يوم  البين غادرتُ مُهجتي

حَـنانيكِ مـن دارٍ فـما أنا زاهدٌ     بـريّاكٍ لـكني عُـنيتُ بغـربتي

فـهل غـيّرْتكِ الناسُ يا دارُ بعدنا    وكـرُّ الـليالي.. ليـلةً بعـد ليلةِ

وأخشى الذي أخشاه أن يدركَ الونى فؤادي .. وتنسى تلكم الأرض قصتي

وتنـسى وصـالي إذ تعذَّرَ وَصْلها   وتُـدركـني قـبل  الوصالِ منيّتي

تـسائلني أمـي مـتى يوم عودتي   فـتخـفقُ كـلُّ الـكائناتِ لخفقتي

أقـول بعـونِ الله فـي كل غدوةٍ    لـنا عـودةٌ  أمّاه فـي كل رَوحةِ

وفي كل نجمٍ لاح في  الأفق بارقاً     وفـي كـل فجر هلَّ في اللاذقيةِ

ديـاري ديـار العز تحيا كغرسةٍ    وتـهـفو لأنـوار الهدى والحقيقةِ

ورغـم ابتلائي مـا تـزال وفيةً    تـحنُّ إلـى قُـربي وتهفو لطلعتي

سأسعى  إليها ماسحاً عن جـبينها    همـومي.. فهمّ الدار همّي ومحنتي

وأسـألها أن تـغفرَ البينَ والنوى    فما البينُ من طبعي ولا الهجرُ مِلَّتي

ولـكنَّ تشريدي وهَجري ضريبةٌ     أكـابـدها أكـرِمْ بها  من ضريبةِ [1]

3- ويلخص الأستاذ عصام العطار كل هذه الابتلاءات في طريق الدعوة فيقول :

ويشرق الحق في قبلي فلا ظلم            ويصدق العزم لا وهن ولا سأم

درب سلكناه والرحمن غايتنا                ما مسنا قط في لأوائه نــدم

نمضي ونمضي وإن طال الطريق بنا      وسال دمع على أطرافه ودم

يحلو العذاب وعين الله تلحظنا          ويعذب الموت والتشريد والألم .

4- ولئن كانت النماذج السابقة متصلة بالأذى والشدة التي لاقاها القوم في طريقهم فهاك نموذجاً آخر في بيان الوجهة وتوضيح المقصد والطريق من شعر الدكتور يوسف القرضاوي في قصيدة بعنوان "مسلمون"  حيث يقول:

يا أخي في الهند او في المغرب ... أنا منك ، انت مني ، انت بي

لا تسل عن عنصري عن نسبي .... إنه الإسلام أمي وأبي

إخوة نحن به مؤتلفون .... مسلمون مسلمون مسلمون .

قم نُعد عدل الهداة الراشدين ..... قم نصل مجد الأباة الفاتحين

شقي الناس بدنيا دون دين ..... فلنعدها رحمة للعالمين

لا تقل : كيف فإنا مسلمون .... مسلمون مسلمون مسلمون

وبعد فهذه هي مطالب القوم وتلك هي أهدافهم لم يكونوا دعاة  ديمقراطية وإنما كانوا دعاة اسلام وشريعة .. وتالله ما كانت تلكم المجاهدات والتضحيات لاقامة دولة الديمقراطية ولا لتأليه وتحكيم الشعب وإنما جاهدوا وصابروا وضحوا من أجل حكم الشرع ، والقوم إن شاء الله على العهد باقون وعلى البيعة ثابتون منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدَلوا تبديلاً .

فاللهم أتم لأهل الصحوة صحوتهم وأمضي لهم جهادهم وهجرتهم ولا تردهم إلى دركات الجهل والديمقراطية ،وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

                

[1] - http://www.odabasham.net/show.php?sid=52