دمع الشموع
سماح سليم شمالي
المقال الفائز بالمركز الثاني في مسابقة أفضل مقال للأسرى بمناسبة عامهم الجديد التي أقامتها الهيئة الشعبية العالمية لنصرة القدس - رومانيا
كل اثنين .. أرتدي ثوب الألم .. أستعجل الوقت ليصل سُرى الفجر وتتسارع الخطوات إلى مقر الصليب الأحمر .. أرفع بكل كبرياء وشموخ صورة الأب الأسير وفي قلبي تشعرني المشاعر بأني " شحّاذ حرية " !
أسمعُ بعض التنهدات من الأمهات تلك على زوجها وهذه على ابنها وهذي "أنا" على أبيها ..
أنصتُ إلى بعض الكلمات التي تبشرنا بالفرج ..!
فرجٌ .. وأنا منذ ما كنتُ يوماً لا أكف عن الذهاب لصليب !
فرجٌ .. وأنا أقدم "رسالة الماجستير" عن أوضاع أبي الأسير !
أيُّ فرجٍ .. وقد يقارب أجلي أو أشيب !
قد كنتُ يوماً وكنتُ عاماً وأصبحتُ في " العشرين " ولم تزل نزهة كل أسبوعٍ إلى مقر الصليب !
في دياجير الظلام أناديه "أبي" .. ما حيلتي وأنا المكبل بالهوى " فأنا الأسير" , فيردني : "ابنتي" ما حيلتي وأنا المكبل بالقيود " فإنني أنا الأسير" ..!
ثمة أعوامٍ وأنا أتوق للقياكْ , ثمة أعوامٍ أشتاقُ لأرتمي في الأحضان الدافئات , ثمة أعوامٍ لا أفهم معنى عيدٌ ولا فرحٌ ولا هناءْ .. ما قيمتي إن لم يزين وجودي بهاكْ .. ما قيمتي إن لم يزين وجودك دنيايْ !
ما حيلة قلبٌ مسربلٌ بالأسى .. ما حيلة جفن من الدموع ما جفا .. لكنني أصررتُ أن لا أعرف اليأس أبدا .. فمهما مضى الزمن سأكونُ في انتظاركَ ولن أملْ ..
مضت الأعوام وقد شارف عام جديدْ .. لا أدري ماذا يخفي في أزقتها , هل من الألم المزيد ؟ أم الفرج القريبْ .. أرى النّاس يحتفلون ويتبادلون التهاني بقدوم هذا العام الجديدْ , أما أنا فأجدد الانتظار من جديد وأبادلني برقيات تصبير !
تمضي الليالي الحالكات , أشعرُ بأنها تمر عليك سوداً , أحسُّ بأنك بحاجة إلى النور , فلا أقصر .. أسارع لإشعال الشموع في عيوني وأكتم الدمعات فيذرف دمع الشموع !
أبي .. إن بعدت عني قالباً فكلانا يسكن قلباً واحداً .. إنه قلب الأسر والأسى يا أبتي .. فإنني أسير هواكْ .. وأنتَ أسيرُ القيودْ .. وكلاهما في العناء سيَّان !
إليكَ أُتْرُجَّة قلبي أرسلُ قلبي بمظروف معبأ بكلمات : كل عامٍ وأنتَ بخير .. صاحب الأمل , وسامر اليقين بالفرج , ولا تنوء عن كتاب الله , ولا يصيب صلاتك الجفاء من الدعاء , وأنا سأكون كما تكون , وحتماً سأراكَ وأعانق قلبكَ الحنون وفي ظل أحضانك وعزك سأقضي السنون .. وتستنشق الحرية بفتون .. فصبراً قليلاً "فالفجرُ آتٍ لا محالة يا أبي فالشمس تبعثُ نورها بالموعد".