صالون وتر
يسري الغول
موسيقى خلابة تنساب مع قصائد لشاب حديث العهد بالأدب. كلمات ومفردات ومترادفات جديدة قديمة، ملونة أو بلون واحد ترسم صورة لصالون وتر الذي صار محط بعض الشبان للعيش في عالم آخر غير الذي تعرفه غزة.
فقبل عدة أيام دُعيت لحضور صالون وتر الأدبي في مقهى مزاج، وهو عبارة عن أحد منجزات مجلة 360 التي سبق وأن تحدثت عنها. دُعيت فلبيت الدعوة رغبة في اكتشاف الجديد في عالم الأدب، وحضرت وجلست يجاورني صديق إعلامي أحبه. تسامرنا وتبادلنا أطراف الحديث حول مشاريع الإعلام والأدب حتى بدأ الصالون في عرض مشروعه ونصوصه.
كانت المجموعة الشابة تمثل عدداً قليلاً ممن يكتب الأدب ويمارس الإبداع هواية أو احترافاً، وما كان يميز تلك المجموعة أنها أقلام متميزة تم انتقاؤها بعناية من خلال النصوص التي ينشرها أصحابها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أثناء ذلك اللقاء صار بعض هؤلاء الشبان يغني ويغرد في عالمه ويطير بنا إلى رحاب جنونه وحياته وخيالاته حتى وصلنا منتصف اللقاء. وفي المنتصف كان الغناء الوطني بنكهة الكمان وصوت فريد.
وكنت على وشك المغادرة حتى طلب صديقي الإعلامي أحمد الكريري من مؤسس ذلك اللقاء أن أعقب بالرأي فيما يمكن أن يدفع بتطوير ذلك الصالون، وفعلت. وكانت الرسالة الأولى تتمثل في تحديد الهدف المنشود وصولاً إلى الاحتراف. القراءة نحو الاحتراف، فلا بد من القراءة المعمقة والمتنوعة للوصول إلى المادة أو النص المميز. وأذكر إميل حبيبي عندما انتهى من قراءة مائة كتاب داخل سجنه حتى خرج لنا برواية المتشائل التي أذهلت الجميع والتي كانت أشبه بامتداد لرواية كنديد أو التفاؤل لفولتير.
الرسالة التالية تمثلت في عدم التعجل بنشر العمل الأدبي، وعدم الوقوع في الأخطاء اللغوية أو النحوية؛ فالانطباع الأول هو الانطباع الأخير، كالرصاصة التي إذا خرجت لن تعود، فالعمل المنشور والمقروء سيعطي القارئ انطباعاً عن الكاتب أو الأديب إما بالإيجاب أو السلب. ولأن الأدب لا مجاملة فيه، كان يجب تحري اختيار النص ومفرداته وأفكاره. ورغم أن الذائقة تختلف إلا أن الأدب لا يقبل المجاملة بأي حال.
ومما أثار انطباعي أن هناك أساليب مختلفة لدى الشبان أظهرت خلفياتهم التاريخية والبيئية والتنظيمية وغيرها، فكان لا بد من توجيه رسالة جديدة من أن الانفتاح وقراءة الآخر وفكره وثقافته سيعمل على تعزيز وتوطيد الأرضية لتصبح أرضية صلبة متماسكة من الممكن الانطلاق من خلالها لنشر الأفكار أو المواقف المراد طرحها في عالم الأدب الخلاب.
وكان لا بد من الحديث عن أن الواقع العربي المرير لم يرحم الأدب، وعليه فلا بد من اهتمام كل فرد بنفسه دون انتظار المؤسسة الرسمية أو المؤسسات الأهلية لدعم الأدب، رغم حاجتنا لذلك. وعلى كل كاتب أن يصنع الصورة الذهنية الملائمة للقارئ من خلال ما يبدعه ولن يتأتى ذلك إلا بالقراءة.
صالون وتر خطوة كعشرات الخطوات المبعثرة في أرجاء الوطن دون وجود حاضنة حقيقية لاحتواء كل تلك الطاقات. ي حال.