المدينة الفاضلة
الشيخ خالد مهنا *
((رأيت فيما يرى النائم أنني أمشي في قفرة جرداء قد أنبسطت رمالها على سطحها متجعدة تجعد الأمواج المتكسرة على سطح القاموس المحيط وكانت الشمس قد طفلت ( أحمرت للغروب ) للإياب فلم أرى في بطحائها ظلاً غير ظلي المستطيل الذي رسمته يد الشمس فأخطأت في تصويرة كأنما حسبتني آدم أبا البشر فأوسعتني طولاً ورسمتني ميلا .
أنشأت أمشي لا أعرف لي مذهباً ولا مضطرباً ، وأنى يكون ذلك في صحراء تشابهت مسالكها . وتشاكلت مذاهبها وانفرج مابين قاصيها ودانيها حتى أنحدرت الشمس إلى مستقرها ، وطار طائر الليل من مكمنه . ونشر الظلام أجنحة السواد في الأفق حتى وجدتني أحير من دمعة وجد في مقلة عاشق ، يدفعها الحب ويمنعها الحياء ، ولا أ'لم هل أنا سر كامن في باطن الظلماء أ أو حوت مضطرب في أعماق الماء . وأحياناً كان يخيل إلي أن في منجم من مناجم الفحم فأمد يدي أتلمس جدرانه مخافة أن أصطدم بواحد منها ، ولم أزل كذلك حتى شعرت بأن الظلام قد بدا ينفض صبغته . وأن ذراته تتطاير ههنا وههنا ، فإذا أنا بين يدي جبل عال كأنما هو جدار قائم يمسك السماء أن تقع على الأرض ، أو ملك جبار قد لبس من قرص الشمس التاج الاحمر ، ومن شعاعها اللباس الأصفر .
ولا تسل هناك عما ألم بقلبي من الهم وعقلي من الخبال ، حينما رأيت أن صعود السماء أقرب إلى الأمل ، من صعود هذا الجبل ، وحرت بين الأقدام والإحجام ، فلم أر بد من الاستسلام لمقدور الحمام ، ثم رميت بطرفي فرأيت بين الصخور المبعثرة في سفح الجبل صخرة بيضاء ناعمة الملمس فاضطجعت عليها وأنا أتمثل بقول أبا العلاء .
ضجة الموت رقدة يستريح ال
جسم فيها والعيش مثل السهاد
وماهي إلا غمضة الطرف أن شعرت بأنها تتحرك قليلاً قليلا ، ثم أستقلت ثم طارت ، فكدت أحسب انه الموت قد نزل ، وأنها الروح تصعد إلى الملأ الأعلى ... لولا أن فتحت عيني ورأيت ما كنت أحسبة صخرة طائراً أشبة بالنسر في خلقة والقبة في ضخامتها وإستدارتها ، واستمر ذاهباً بي في أفق السماء ، ثم رنق لحظة في السماء ثم هبط على قمة الجبل فأسرعت في الإنحدار عنه وهناك أحسست بسلسبيل بارد من الأمل يتسرب إلى قلبي فينقع غلته . ويطفئ لوعته ، لأنني رأيت السفح الثاني ورأيت بهجة الحياة والعمران .
***
رأيت على البعد خطوط خضرة حول سطور الماء ورأيت الأكواخ الصغيرة والقصور العظيمة كأنها العصافير السوداء ، والحمائم البيضاء ، وكأن ما ألم بنفسي من السرور أنساني ما ألم بجسمي من النصب فانحدرت إليها فما بلغتها حتى رأيتني في مزرعة في وسطها بنية قد وقف على بابها شيخ هو أشبه الأشياء بما يتخيله الخياليين من علماء الهيئة من سكان المريخ ، فذعر مني كما يذعر الإنسان من لرؤية الجان ، وما كان الذي قام في نفسة مني بأكثر مما قام في نفسي منه ، لولا أني ألفت الغرائب وعجمت عود العجائب فتقدمت نحوة وكأنما الهمت لغته ، فحياني وهو يقول : ما كنت أحسب الشمس تطلع على مدينة غير هذه المدينة ، أو أن في العالم إنساناً غير هذا الإنسان ، فما زلت أحدثة وأستدنية حتى أنس بي ودعاني إلى منزلة وخلطني بنفسة وأهله وقدم لي طعاماً شهياً ومهد لي مرقد وثيراً وكان الليل قد أقبل للمرة الثانية في هجرتي هذه ، فنمت نوماً هادئاً مطمئناً لا تروعني فيه خواطر الموت ولا وساوس الهلاك .
استيقظت أنا والشمس من مرقدينا على أصوات تلك الأسرة الطاهرة الكريمة تصلي إلى الله صلاة الخاشعين المتبتلين وتدعو وهي مصطفه صفاً واحداً أن ييسر لها الله عسرها ، ويسهل أمرها ، ويصلح شأنها ، ويمنحها معونته ونصرة ، فأخذ منظرها هذا في نفسي منظراً عظيماً فلم أرى بدا من الإنتظام في صفها ، والدعائ لدعائها والبكاء لبكائها ، وعجبت من يكون مثل هذا الإيمان الخالص راسخاً في نفوس أهل هذه المدينة ولم يرسل إليها رسول ، ولم ينزل عليها كتاب ، فلما فرغنا من الصلاة التفت إلى صاحب البيت وفلت له : أراكم تتعبدون ، فمن تعبدون ؟ وتصلون فمن الذي تدعون ؟ قال : نعبد الله خالق هذه المخلوقات ومدبرها قلت : هل رأيتموه حتى عرفتموه قال: نعم رأيناه في آثارة ومصنوعاته ، رأيناه في السماء والماء ، والفلك الدائم والنجم السائر ، وفي أجنحة الحيوان وبذور النبات ، ورأيناه في أنفسنا وعقولنا وأرواحنا قبل ذلك ، قلت : ولم تعبدونه ؟ قال : شكراً له على نعمة الخلق والرزق ، وان أحدنا ليعنية أن يشكر لصاحبه نعمته إذا أحسن إلية بجرعة أو أنعم علية بمضغة ، فأحرى به أن يشكر مانح المانحين ، والمحسن إلى المحسنين ، فقلت في نفسي : لقد بلغ الرجل مرتبة الموحدين الصادقين ، الذين يعبدون الله موحدين له الدين ، لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً ، ثم سألته أين تذهبون بعد الموت ؟ قال : إلى النعيم المقيم أو العذاب الأليم ، قلت : لعلك تريد الجنة والنار ؟ قال لا أفهم ما تقول ، وإنما أعلم أن الاله الحكيم لا يترك المحسن دون أن يجازيه خيراً على إحسانه ، كما يأبى عدله أن ساوي بين المحسن والمسيء ، قلت : متى يكون المحسن محسناً والمسيء مسيئاً ، قال : الإحسان عمل الخير ، والإساءة عمل الشر ، لذلك لا ترى بيننا من يحدث نفسه بالإضرار بأخيه ، أو من يقصر في دفع الأذى عنه ، فقلت في نفسي ليت الفقهاء الذين ينفقون أعمارهم والمذى والودي والحدث الأكبر والحدث الأصغر . وليت الكلاميين الذين يسهرون الليالي ويقرحون المآقي في عينية الصفات وغيرتها والجوهر والعرض والحدوث والقدم ، والدور والتسلسل ، وليت المتصوفة الذين يحاولون أن ينازعوا الله مشيئته ويجاذبوه قدرته ، ويغالبوه على أمره ونهيه ويزاحموه في لوحه وقلمه - يعرفون من سر الدين وحكمته والغرض الذي قام له ما يعرف هؤلاء البله الأغرار ، اللذين لا يفهمون معنى الجنة والنار ، ولا يميزون بين الدين والتين .
***
فرغنا من الحديث وعرضت على الشيخ أن يزيرني المدينة . فانحدر بي إليها . فرأيت شوارعها فسيحة ومنتظمة ومنازلها متفرقة غير متلاصقة ، وقد أحاطت بكل منزل منها حديقة زاهرة ، ورأيت سكانها مكبين على أعمالهم ، مجدين في شؤونهم .. صغاراً وكباراً .. رجالاً ونساء .. ما فيهم فقير متسول .. ولا متبطل يتثائب ويتململ ، وأغرب ما أستهوى نظري أنني لم ار في تلك المدينة ذلك التفاوت الذي أراه في مدائننا بين الناس في منازلهم ومراكبهم .. ومطاعمهم ومشاربهم ، وهيئاتهم وأزيائهم ، كأن جميع سكانها سواسية في حالة المعيشة ودرجة الثروة ، فسألت الشيخ : ألا يوجد فيكم غني وفقير ، وسيد ومسود ؟ قال : لا يا سيدي حسب الرجل منا بيت يؤويه ، مزرعة تقتيه ودابة تحمل أثقاله ، ثم لا شأن له بعد هذا فيما سوى ذلك ، لذلك لا يوجد فينا سيد ومسود لأنه لا يوجد فينا غني وفقير . قلت لا بد أن يكون فيكم العاجز عن العمل والمتعطل والكسلان ! قال : أما الكسلان فلا وجود له بيننا ، لأنه يعلم أنا لا نرحمه ولا نغفر له ذلته في احتقار نعمتة العقل والقوة بتعطيلها عن العمل ، وأما العاجز فنحدب عليه ونحسن إلية ، ولا نرى في ذلك فضلاً لأننا نمنحة جزء من القوة التي منحنا الله إياها لنعبده بها ، ولا نرى في وجوه العبادة أفضل من مواساة العاجزيين ، ورحمة البائسين .وانه ليحدثني بهذا الحديث اذ لا حت لنا بنية فخمة تمتاز عن غيرها من البني بحسن نظامها ، وجمال هندامها ، فقلت للشيخ : هل أرى قصر الملك ، قال : لا ولكنه قصر رجل شرير طماع قد خالف إرادة الله وحكه فاحتجن ( أحتجن المال : ضمه واستواه ) دون عبادة أرضهم ومالهم ليعلو عليهم ، ويستأثر بالنعمة من دونهم ، فغضب الله عليه ، وقلب نعمته نقمة ، ورخاءة شدة ، فإنه مأراح رائحة العيش الرغد حتى أسلم نفسه إلى شهواتها ، وحملها فوق ما تحمل طبيعتها فها هو اليوم يقاسي من آلام الأمراض وأنواع الأسقام ما بغض عليه عيشه ، وحبب إلية الموت : لم يحمه قصره ، ولم يغني عنه ماله فهو عبرة للمعتبرين ، وموعظة السابلة ( المختلفون على الطرقات في حوائجهم ) فكبر الرجل في ذرعي ( أي عظم وقعه عندي ) وعظم في عيني ، وأكبرت فيه وفي أمته هذه الخلال الشريفة ، والاخلاق العالية ، وقلت في نفسي أن مدارسنا على ما تشتمل عليه من دروسها من قواعد الحكمة وأصول التربية وفنون الآداب ، لتعجز عن أن تخرج للناس رجالاً يستطيعون أن يساجلوا هؤلاء القوم في صفاتهم وفضائلهم وأردت على ذكر المدارس أن أعرف مناهج التعليم عندهم فقلت للشيخ : هل لك أن تزيرني مدرسة من مدارسكم ؟ فعجب لسؤالي وقال : ما المدرسة ؟ فكان عجبي لجوابه أكبر من عجبة لسؤالي وقلت : المدرسة مكان محدود يجتمع فيه صغار يتعلمون وكبار يعلمون ، قال : ما الذي يتعلمه الصغار من الكبار ؟ قلت : ما يصلح شأنهم وينفعهم في معاشهم وميعادهم ، قال : وأي حاجة بنا إلى مثل هذا المجتمع الحاشد في مثل هذا المكان المحدود ؟ إنا يا سيدي ارحم بأبنائنا من أن نكل أمرهم إلى غيرنا ، فنحن اللذي نتولى هذا الأمر منهم . فلا مدارس عندنا غير المصانع والمزارع ، نعلمهم فيها كيف يرمون البذور .. وكيف يستنبتونها .. وكيف يصنعون الآلات وكيف يستعملونها .. وفيها نعلمهم كيف يبنون منازلهم وينسجون ملابسهم ويعدون عددهم .. وإنا لا نعرف علما غير العمل ولا نعرف من العمل غير ما نحفظ به قوام حياتنا .. ونستعين به على عبادة ربنا . قلت الكم حاكم يتولى أمركم ؟ قال : لنا حكم لا حاكم وهو رجل قد وثقنا به وبفهمة واستقامته .. فاخترناه لفصل الخصومات أن عرض لنا من ذلك عارض . قلت : أليس له جند وأعوان يؤيدونه وتولون تنفيذ احكامه ؟ قال كلنا جنده وكلنا أعوانه على كل من يختلف عليه أو يتمرد على حكمه فقد وثقنا به وبعدله وحسبنا ذلك وكفى .قلت : أليس له سجناً يسجن فيه المجرمين ؟قال : لا .. حسب المجرم عندنا عقوبة أن يتفق أهل المدينه على احتقاره والزراية به .. وان أحدنا لا يؤثر أن يتخطفه الطير أو يسقط عليه كسف من السماء على أن يرى نفسه بغيضاً إلى قومه صغيراً في نفوسهم ذليلاً في أعينهم .. لا يرفعون إليه طرفاً ولا يقيمون له وزناً .
وما وصلنا من حديثنا إلى هذا الحد حتى كنا قد فرغنا من الطواف بالمدينه ووصلنا إلى المنزل الذي خرجنا منه .. فاستقبلنا أهله بالبشر والترحاب واستقبلوا شيخهم بالتقبيل والعناق .. فلم ار فيما رأيت من البيوت في مدن العالم وقراه بيتاً أسعد حظاً وأنعم عيشاً ولا أروح بالا من هذا البيت .
تلك (( مدينة السعادة )) التي يعيش أهلها سعداء لا يشكون هماً .. لأنهم قانعون .. ولا يمسكون في أنفسهم حقداً .. لأنهم متساوون ، ولا يستشعرون خوفاً لأنهم آمنون .
تلك (( مدينه السعادة )) التي رايتها فأحببتها وأحببت العيش فيها .. لولا ان الله في خلقه سنة لا تتبدل .. وشأناً لا يتحول .. فقد جاء الليل وأخذت مكاني من مرقدي في منزل الشيخ فلم أستيقظ حتى رأيتني في فراشي في منزلي ، فلا السهل ولا الجبل .. ولا الشيخ ولا المزرعة .. والمدينة ولا السعادة
ولما نزلنا طله الندى
أنيقاً وبستاناً من النور حالياً
أجد لنا طيب المكان وحسنه
فمنى فتمنينا فكنت الأمانيا )).
***
تلك هي مدينة السعادة الذهبية التي تصورت للمنفلوطي في منام اليقظة فرسمها بريشته الشيقة الريقة... فهل نعجز ونحن خير أمة قد أخرجت للناس أن نرسم معالمها فعلاً وبين أيدينا كنوز القرآن والسنة رائعة الحسن والجمال؟
كيف نعجز عن تحقيقها وبين أيدينا قول الله تعالى(فألف بين قلوبكم)..
عجباً لأمة نزل عليها قول الله تعالى(الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان) ثم هي في ذات ألوقت لا تستفيد من هذه النعمة المسداه لتقيم على هديها مرساة مدينتها،فإن ذهبت تقيمها وجدتها في ذيل قافلة الأمم.. وإن ذهبت تحصي كلامها وعلومها وتقنياتها وجدت جله الهذر الضائع..ثم لا خير في كثير من نجواهم،ثم للأسف أصبحت أفواهنا مدخلاً للنفايات التي تلوث الأجواء والقلوب..
ثم للأسف بات أصحاب الحل والعقد هم الذين يتصدرون هذه المجالس وفي وسعهم أن يكونوا أطهر ما أنجبت الأرض،وفي أمكانهم أن يكونوا الذوابة من مجتمع فاضل ومدينة محلقة..ولكنهم خسروا أنفسهم بانحيازهم للعبودية والتخاذل،شاهدناهم،ولقد شاهدنا وأبصرنا كما كثيراً من الخلائق...شاهدناهم يرتكبوا كل كبيرة رضىً لسلاطين ورضى لأصحاب نفوذ أو جاه،وكان الثمن أن مشت وراء مواكبهم شعوب وتيارات وملل ونخل مختارة المذلة على العزة،ولتتيه خائفة من ظلها،ومرهوبة من صداها..تحسب كل صيحة عليها.. تائهة في صحاري الشقاء والنكد تآكلها الرمال،وتذلها الغربة عن نفسها،وتشردها المخاوف،وما كانت لتؤدي معشار هذا كله لو لم يمرغوا خدودهم تحت مواطئ أقدام الذهب...و قديماً قالوا:
لو علم الملوك ما نحيا عليه من سعادة لقاتلونا وجالدونا عليها بالسيوف.... كان ذلك يوم كانت هذه الأمة تستمد سعادتها وقيمها من تراثها الزاخر ويوم كانت القيم الروحية هي التي تحكم حياة أسلافنا وتضبط إيقاعهم..
ولو عدنا لنأخذ منهم..ونقتفي أثرهم لعدنا إلى موقع الريادة والسيادة والرفعة والتمكين ...
إن نظامنا التكافلي والاجتماعي والسياسي هوالنظام الوحيد الذي يعطي للإنسان السعادة لأنه يقوم على أساس متين،وهو نظام يقوم على أساس فكرة"العالمية"لأنه النظام الوحيد الذي يسمح بأن تعيش في ظله جميع الأجناس،وجميع اللغات،وجميع العقائد، في سلام.. ويكون فيه لجميع المواطنين حقوق وتبعات متساوية ،بدون تمييز،وبلا تفريق بين أسود وأبيض وأحمر وأصفر لأن الآخوة الإنسانية فيه تجمعهم بلا عنصرية ولا محاباة لطرف دون طرف، ولا يكون للحاكم فيه حقوق زائدة على حقوق الفرد العادي من البشر،ولا تكون هناك شخصية فوق مستوى القانون،ولا تكون هناك محاكم خاصة للشعب،ومحاكم خاصة للوزراء أو غير الوزراء،إنما يقف فيه الحاكم الأعلى مع أي فرد من الشعب أمام القضاء بلا استعلاء.
وحيث أن البشرية اليوم ضل سعيها،وانحدرت قيمها.. وزاغ بصرها،وتزعزعت مفاهيمها.. فما الذي يؤذيها من سعينا لإقامة مدينتنا الفاضلة لتحيا البشرية كلها تحت رايتها بمناعة وقوة ذاتيه وتفوق..
قراننا .. ديننا...شرعتنا حافلة بالفضائل والقيم الرفيعة.. مرعاها أخضر ولكن العنزة – نحن_ هي المريضة..
عطاء الله يفيض علينا من كل حدب وصوب ولو أن الواحد منا يتذكر وهو يشرب قطرة الماء أمنية أهل النار حين يقولوا لأهل الجنة"أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) لعدنا من جديد نحلق مع الأفلاك الدوارة.. نبني مدينتنا حيث حللنا وحيث نضع مواطئ أقدامنا.
فيا عجباً لأمة (اقرأ) كيف خدّرها الجهل !
ويا عجباً لأمة (سورة الحديد) كيف أناخ بها الضعف !
ويا عجباً لأمة (سورة العصر) كيف رضيت أن تكون خارج العصر !
ويا عجباً لأمة تنام في النور ، ولأمم تستيقظ في الظلام !
بأيديهمُ نُوران ِ: ذكرٌ وسُنةٌ *** فما بالهمْ في أحلك الظلماتِ !
يقول الشاعر حافظ شيرازي : " نفسي متعبة من هذه الحال التي أناخت على أمتي فجعلت الأعداء يتزاحمون عليها ويجعلون أعزة أهلها أذلة ..
نفسي متعبة فأنا أرى كل هذا السوء يحط على أمتي وأنا وحدي لا أتمكّن من رفعه ولا أقدر على دفعه !
نفسي متعبة باكية ..ولكنْ هو ذا في الأفق البعيد، يلوح نور جديد ، يهدي الضالّ، ويُنهض الآمال ويستحث الخطى نحو فجر جديد .
* رئيس الحركة الإسلامية في ام الفحم وضواحيها..
رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية القطرية-الداخل الفلسطيني.