حوار عن الطب و الطب البديل 3
حوار عن الطب و الطب البديل
جزء ثالث
د
. حمزة رستناوي*جلال مراد/ حمزة رستناوي
إذا إن المرض هو منبه لنا يدلنا على الأخطاء التي نقع فيها سواء ، أكانت هذه الأخطاء نفسية أو جسدية . والحقيقة إن هذه النظرة للمرض قد تكلم عنها بشكل مفصل تورفالد دتلفزن في كتابه الذي ترجمه د . إلياس حاجوج تحت اسم
( المرض بوصفه طريقاً ) .
وإن سألنا أنفسنا من هو الذي يقرر السبب الدافع للمرض والسبب الساحب ” الغائي ” ؟ من الذي يدفعنا للقعود والحصر والتهام الطعام والسكريات ؟
ومن الذي جعل من مرضنا إنذار لدرء مرض أكثر خطورة ؟
ثم من الذي جعل لكل مرض أعراض معينه تدلنا عليه ؟
إن الذي يقوم بهذه الأمور جميعها موجهاً الرسائل لنا ولعقلنا الواعي , هو العقل الباطن هذا العقل الذي مازلنا في مجتمعاتنا ننظر إليه على أنه محض خرافة أو مفهوم أدبي يستخدم للاستهلاك المحلي . لنلاحظ أن لا شيء في الطبيعة يحدث بشكل عبثي ، وإن أحسسنا في وقت من الأوقات أن حوادث ما تظهر بشكل عبثي فإننا لاحقاً ندرك أن لهذه الحادثة أسباب لم نكن ندركها في حينها ، وفي كل الأحوال لها أسبابها التي يمكن أن ندرك بعضها .ولنلاحظ أيضاً أن عمل الأعضاء في الجسد يتم وفق أوامر عصبية تأتي من الجهاز العصبي الإرادي أو الجهاز العصبي اللاإرادي ، أو تأتي استجابة للهرمونات التي بدورها تتحرض بناءا على منبهات عصبية . وإن يكن الأمر ليس بهذه المركزية التي نصورها الآن ولكن في المآل النهائي إن جميع العمليات التي تحدث في الجسد تحدث وفق عقالة ونظام ما . ولكن أين هو مقر هذه القوانين الناظمة لهذه العمليات ؟
انتهى الاقتباس
تعليق حمزة:
المرض هو اضطراب في آلية عمل الجسم الطبيعية ,فهو بهذا المعنى خطأ أو بشكل أدق نتيجة لخطأ ما.
قد يكون مرض ما منبه على وجود خطأ ما أو أخطاء , و لكن كثير من الأمراض مجرد حدوثها نكون قد دخلنا في خط اللا رجعة, و لا يصحصح بوصفه بمنبه , بل بكارثة مثل تشخيص مرض السكري ليس تنبيه, بل هو يعني أننا أمام معاناة مدى الحياة لا سبيل للشفاء منها؟!
و ضبط السكر يجنبنا الدخول في الاختلاطات في حدود معينة على المدى القريب و البعيد.
- يجب التمييز بين:
العوامل المؤهبة لمرض ما- السبب المباشر- المرض- اختلاطات المرض .
-الفقرة السابقة تعقلن المرض ليس بمعنى فهمه على أسس علمية و رصد مسبباته و أعراضه و اختلاطاته و علاجه.
و لكنها تجعل للمرض عقل يفكر و يقرر , و هذا إسقاط لنمط تفكير غير برهاني.
و فقا ً للفقرة السابقة نحن أمام نموذج سلطوي يتحكم في الجسم , و ليس في إطار نظام متعدد و منطق علائقي.
تقول :" لنلاحظ أن لا شيء في الطبيعة يحدث بشكل"
هذه ميتافيزيقيا
الطبيب يقول: المرض ظاهرة علينا البحث فيها على أسس علمية فقط.
تقول:
" ثم من الذي جعل لكل مرض أعراض معينه تدلنا عليه ؟"
الطبيب يقول: هذا سؤال غير مفيد عمليا يطرح إشكالات فلسفية و ميتافيزيقية؟!
الطبيب يبحث في آلية حدوث المرض و تفسير الأعراض, و علاجات سببية و عرضية فقط.
تقول:
" إن الذي يقوم بهذه الأمور جميعها موجهاً الرسائل لنا ولعقلنا الواعي هو العقل الباطن"
العقل الباطن هنا هو كائن عاقل يخلق الأمراض, و يربط الأعراض بالمرض, و يخفض و يرفع .الخ و هذا لا دليل عليه إنه إسقاط ميتافيزيقي على علم الطب
العقل الباطن هو فرضية مفيدة في علم النفس و التحليل النفس ليس أكثر
تصلح لتفسير ظواهر مثل الهستريا مثلا و الأحلام ..الخ. و لا تصلح لتفسير مرض نفسي مثل الفصام ؟!
&
اقتباس من جلال مراد:
إن كانت المعدة هي الأداة التي يقوم بها الجسد بهضم الطعام ، واليد هي الجهاز الذي يقوم به الإنسان بمسك الأشياء أفليس من المنطقي أن نقول أن المخ هو الأداة التي يقوم به الإنسان بالتفكير !!؟
وهل يوجد العقل الباطن في الدماغ أم في الخلايا أم في الهالة المحيطة بالإنسان ؟
لن أتطرق الآن إلى هذا الموضوع ولكنني فقط سأبين أن من يعطي الأوامر لنشوء المرض.وآلياته وفق الاستعراض السابق الذي بيناه هو العقل الباطن. وعليه فإن مكمن الباطن (.الدافع) ومكمن السبب( الساحب) إنما يتواجدان في العقل الباطن .
وعليه فإن العلاج الحقيقي والجذري للمرض إنما يمكن أن يتم في العقل الباطن.
انتهى الاقتباس
تعليق حمزة
هذه فرضية مثيرة للجدل غير مدعمة ببراهين
مثال علاقة العقل الباطن بمرض السكري.
إذا كان العقل الباطن "جدلا" يأمر شخص بإتباع عادات غذائية سيئة .
أقول: الداء السكري ليس فقط عادات غذائية سيئة
هناك أساس بيولوجي يتعلق بالأنسولين مع عوامل خطورة لحدوث المرض منها السمنة و نمط حياتي معين..الخ و الحالة النفسية لم يؤكد دورها كعامل خطورة أساس حتى الآن .
الطب الحديث كعلم :ينظر للقضية من منظور تكاملي: عوامل مؤهبة – آليات مرضية – علاج تكاملي ل يقتصر على الدواء فقط – طب وقائي - طب تأهيلي..الخ
أما فرضيّة الطب الغيبي: عقل باطن؟
أين طبوغرافيا هذا العقل الباطن؟
ما الدليل التجريبي عليه و ما هي علاقته الدقيقة بالجهاز العصبي الذاتي ..الخ
هذا تبسيط غير علمي و فهم اختزالي للمرض
ما الذي يقدمه القائلين بالعقل الباطن لمريض سكري مصاب بنكبة غير التنظير؟
على النقيض من علم الطب الحديث؟؟؟
القول:
" العلاج الحقيقي والجذري للمرض إنما يمكن أن يتم في العقل الباطن."
استغرب هذه الثقة و اليقينية غير المبررة و غير المستندة للمنطق العلمي التجريبي, الذي هو منطق الحياة و ملزم لكل لبشر, لاحظ تعبير "الحقيقي- الجذري", .
هل العلاج يكون بناء على فرضيات ميتافيزيقية
و هذا مثل القول الإيمان بالله هو العلاج الحقيقي و الجذري..الخ
&
اقتباس من جلال مراد
ليس معنى هذا أن السبب الوظيفي غير مهم أو علينا عدم النظر إليه ومعالجته، ولكن علينا أن لا نكتفي به بل من المفترض أن يتم العمل على السبب الوظيفي، والسبب الدافع، والسبب الساحب ” الغائي ” بانسجام وتوافق.
وهنا أيضاً أن لا نكتفي بنظريات أبقراط وتلاميذه النجباء ، ونوصف كل من نهج ، نهجاً مخالفا ً باللا علميين بل علينا أن نقبل المدارس الطبية المختلفة لتحقق الغاية أي الصحة الإنسانية .
انتهى الاقتباس
تعليق :حمزة
العرض جيد
علم الطب ليس له فيتو على احد, و إن وجد فيتو من قبل جهة ما ,فهذا غير أخلاقي و لا يخدم الطب كعلم .
قدّم دراسة علمية أو افتراض مفيد و تستطيع أن تأخذ جائزة نوبل
ما تزال فكرة السبب الساحب و الغائي غير علمية بما فيه الكفاية
و لا تضيف شيئا خارج النظرية العلمية للطب الحديث.
يتبع الجزء الرابع و الأخير
* شاعر وكاتب سوري