مَنْ يأتي أوّلاً

هنادي الشيخ نجيب

[email protected]

هل تساءلتم يوماً-شبابنا- عن نسبة "الأغنياء الناجحين السعداء" من حولنا؟!

ألا تعتقدون أن هذا الثلاثي(الغنى-النجاح-السعادة) هو مطلب تشرئبّ له كل نفس منفوسة على وجه الأرض؛ فتركب من أجله الصّعاب، وتبذل في سبيله الأوقات ، وتفني بالبحث عنه الصحة والبدن؟!!

لكن، من تظنون أنه إن أتى أولاً فسيفسح المجال لصاحبيه حتى يشاركاه المسيرة ويعيناه على استكمال الطريق؟!

الغنى أولاً؟ أم النجاح أولاً؟ أم أن الحب يأتي أولاً؟

تعالوا شبابنا لنقرأ القصة أولاً...

جلس ثلاثة شيوخ على قارعة الطريق، قد بدت عليهم أمارات الخبرة والحكمة، واكتسوا رداء من المهابة والرفعة، يحملون حقائب تغري الناظرين، وتفتح لهم ألف باب لألف سؤال... جلسوا ينتظرون مُضيفاً طموحاً، ذكياً، يدعوهم إلى بيته، ويجلسهم إلى مائدته؛ فيفهم عنهم، وينتفع منهم...

مرّ رجل فاستوقفه منظر الثلاثة، وقف يحدّق بهم، بينما راحت أفكاره تحلّق فوقهم...أحسّ أن سرّاً وراءهم، تقدّم نحوهم...قال بقلب واثق ولسان صادق:"أيها الكرام، تفضلوا معي إلى البيت، انتم في ضيافتي اليوم"...فأجابه احد الحكماء الثلاثة قائلاً:"اعذرنا يا ولدي...فإننا لا نستطيع قبول دعوتك، لأن بيننا اتفاقاً على أن لا ننزل جميعنا في نفس المكان بدعوة أحدنا...إلا في حالة واحدة...وهذا يعتمد على اختيارك لمن سيكون ضيفك!

استفزّ كلام الشيخ الرجلَ، فطلب ان يتعرّف عليهم...وكانت المفاجأة...الغنى والسعادة والحب يقفون على بابه...إنها فرصة العمر...يا لها من صدفة لا تعوّض..لكن، لم هذا التعقيد؟! لمَ لا يدخلون معاً فيحصل المطلوب ويُنال المرغوب؟!

هيا، فكّروا أيها الشباب، إنهم لن يدخلوا معاً إلا في حالة واحدة، ما هي؟!

ساختصر لكم –شبابنا- طريقاً طويلة وشاقة، عسى أن تكونوا ممن يهتدون بقليل الإشارة، ويستغنون بها عن كثير العبارة.

الحبُّ أولاً...لقد اختار الرجل أن يستضيف الحب، ليسكن قلبه ويملأ جنبات نفسه بالطمأنينة، وسبحات روحه بالسكينة...وليشعّ على من حوله بالرحمة والإحسان، وليصنع منه إكسير السعادة، ويستغني به عن كل شيء (وهذه قمة الغنى)...

لكنّ الحب لم يدخل وحده، لأنه رمز العطاء والكرم، وأجلُّ ما أُعطي إنسان من النّعم...ولو أن أحد رفيقيه دُعيَ دون الآخَرَيْن لودّعهما ثم أغلق الباب خلفه!!

أجل-شبابنا-، تذكروا دائماً: الحبُّ أولاً...

الحبُّ مفتاح القلوب، وغنى الجيوب...

الحبُّ طعم السعادة، ومبعث الإرادة...

الحبُّ رصيد المحسنين، وبريد المتقنين...

الحبُّ أولاً: لله العظيم، ولرسوله الكريم... لأصحاب الفضل الجسيم من خيرة الأولين والآخرين...للوالد الرؤوف، والأم الشغوف...للأخ الشقيق، والزميل الصديق...لأخي العقيدة، برغم المسافات البعيدة...للدنيا: متجر الصالحين، وللآخرة: منزل المتقين...

الحبُّ أولاً...وثقوا بأن الغنى والسعادة سيرافقانه في دنيا المعاش وآخرة  المعاد...

فردّدوا دائماً: الحبُّ أولاً... 

 من سلسلة: "إشراقة غدي" – مجلة "غدي" الشبابية/ لبنان