كونوا أُُّذُنَ خير...

من سلسلة: "إشراقة غدي"

هنادي الشيخ نجيب

[email protected]

اجتمع جمهور الضفادع يوماً ليشهدوا حادثة تسلّقِِ أعلى قمةِ جبل في محيطهم... فاصطفّ المتسابقون وقد اعترتهم مشاعر الرهبة من هذا التحدّي الصّعب... والمهمّ في الأمر هو طبيعة المناخ الذي سيسود المكان... ليس الطقس هو المقصود: أي أن يكون مشمساً أو غائماً أو ماطراً... لا... لا... سأكمل القصة لنفهم العبرة...

أُطلقت صفارة الانطلاق... فتدافعت الضفادع بكلّ ما أوتيت من طاقات... كلهم يتطلّعون إلى القمة ويَسْعَوْنَ لها سعيها... وتعالت في الساحةِ صيحات جماهير الضفادع... فمِنْ قائل: هذا أمرٌ شاق يفوق قدرات المتسابقين، ومن مُنادٍ: لن يستطيع أحدٌ أن يبلغَ تلك القمة الشاهقة، ومن هاتفٍ: جرّب كثيرون ولم يفلحوا!!، ومن متسائل: لماذا زجّ المتسابقونَ أنفسهم في هذا المأزق؟!، ومن متعجّب: مساكين هؤلاء الضعفاء، لا يعلمون ماذا ينتظرهم من عقبات!!....

وضجّت الساحة بعبارات التخذيل والإحباط... وكانت تخترق آذان القافزين فيسقطون الواحدَ تلو الآخر... إلاّ واحد... حافظ على رباطةِ جأشه وعلوّ همته، فكانت أقدامه تسابق نظره الذي لم يَرَ إلاّ الهدفَ أمامه...

وما هي إلا لحظات حتى دوّت صيحات الابتهاج والفرح، فقد حقّق هذا المتسابق ما عجز أمثاله عن تحقيقه، وحاز وسام الانتصار وحصل على ميدالية النجاح...

هرعت الجماهير الغفيرة لتهنّئه بفوزه الساحق، ولتبارك له وقوفه على قمة الجبل.. لكنّه لا يردُّ عليهم... لا يشكرهم... لا يجاملهم... لعلّه لا يسمعهم... أجل... هو لا يسمعهم الآن وهم يغدقون عليه عبارات المدح والثناء... ولم يسمعهم في بداية السباق عندما كانوا يمطرونه – وأصحابه المتسابقين – بوابلٍ من الجمل التشاؤمية فيصعِّبون عليهم الطريق، ويبالغون في وصفِ العقبات، يخذّلون أولي الأهداف والرؤى الكبيرة، ويُيئسونهم من النصر!!.

لقد فاز بالسِّباق ضفدعٌ أصمّ... يا للعجب!!. ألأنّه لم يُلْقِ بالاً لكلّ ما قيل... لقد صمّم واستعدّ ومضَى في طريقه حتى وصل...

أيها الشباب... أيتها الشّابات... أسأل اللهَ تعالى أن يحفظ لكم سمعكم وأبصاركم وأفئدتكم... وأن يسلّمكم من كلّ نقصٍ أو عاهة...

ورجائي أن ترعوا سمعكم عن السلبية والسوداوية والتشاؤم، بل ليتكم أُذن خير وإيجابية وتفاؤل...

واحفظوا أبصاركم من أن تنظر إلى دنايا الأمور وسفاسف الأشياء...

واملئوا أفتدكم إيماناً ويقيناً وهمةً ورغبةً... تصلوا إلى أهدافكم وترتقوا بأنفسكم وبمجتمعاتكم وبأمّتكم – إن شاء الله.