العلمانية.. رمتني بدائها وانسلت

رضوان سلمان حمدان

العلمانية.. رمتني بدائها وانسلت

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

قد يستغرب البعض العنوان لكنه في الواقع من الأمثال العربية المعروفة ، وهو مثل يضرب لمن يعير صاحبه بعيب هو فيه، فيلقي عيبه على الناس ويتهمهم به ، ويُخرج نفسه من الموضوع،

ويسمى أيضاً في علم النفس بالإسقاط ، ومثاله أن يتهم الكذاب غيره بالكذب ويتهم اللص غيره بالسرقة ليبعد التهمة عن نفسه ولينشغل البريء والشريف بالدفاع عن نفسه ومن ثم لا ينتبه أحد لجريمته.

وهذا هو واقع العلمانية التي تفتري التهم على غيرها بما فيها من تهم ونقائص وعيوب .

هي الترجمة غير الأمينة لكلمة لا دينية وهذا طبقاً لأحد أهم القواميس العالمية الذي يعرفها كالتالي:

والعلمانية secularism

وهي تعني عدم الاكتراث بـ أو رفض أو إقصاء الدين والاعتبارات الدينية.

ولا يوجد لها معنى أخر في التعريف ولا علاقة للكلمة من قريب أو من بعيد بالعِلم سواء أكان هذا العلم دنيوياً أو أخروياً ، وعندما نقلت مبادئ العلمانية أو اللادينية لمجتمعنا خاف ناقلوها من ترجمة المعنى بشكل صحيح حتى لا ينفر الناس من المعنى ومن المبادىء العفنة فربطوها بالعلم وكأن من يتخلى عن دينه ويربط حياته بالعلم النظري الدنيوي فقط سوف يتقدم كما تقدم الغرب المصدر لهذه المبادىء العفنة.

هذه إشارة بسيطة لمعنى الكلمة أما عن أكثر ما يميزها فهو إبعادها للدين عن كل شئون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتستطيع تمييز ذلك ببساطة من خلال تعبيرات مثل لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين (والدين يشمل كل نواحي الحياة).

الدين علاقة خاصة بين العبد وربه ( والدين علاقة خاصة وعامة شريعة ظاهرة وعقيدة باطنة) وغيرها .

أما عن إلصاقها التهم بالآخرين فهاكم مثالين فقط كي لا أطيل عليكم

* المثال الأول

وهو من مشهد في مسلسل الجماعة شاهدته مؤخراً يتحدث فيه أحد أبطال هذا المسلسل وكأنه أحد الخبراء في شؤون الجماعات والشؤون السياسية وكل الشؤون وبالمعنى العامي (فاهم في كل حاجة وفاهم كل حاجة).

ويتكلم فيه مع حفيدته ليخبرها أن هذه الصحوة الإسلامية مصدَّرة إلينا من الدول التي تعيش إسلام البداوة وأن الغرض منها هو فتح الباب من الداخل ليدخل الحرامي.

أي ببساطة أن الملتزمين بشرع الله هم جواسيس وعملاء للنظم البدوية التي تمهد لغزونا .. وقاحة أليس كذلك ؟؟

بل هم أحق بهذه التهمة وأهلها

بل أنتم جواسيس وعملاء للنظم العلمانية الغربية التي تنحي الدين جانباً وتسعى جاهدة لفصل الدين عن كل شؤون الحياة وتمهدون لغزو إن لم يكن عسكرياً في الوقت الحالي - بل هو واقع - فهو بلا شك غزو فكري وثقافي الذي هو طليعة الغزو العسكري.

* المثال الثاني

هو مداومة الإعلام وإلحاحه أن النقاب ليس زياً مصرياً وأنه ليس من الدين وأنه مستورد من المجتمعات البدوية المجاورة وغيرها من الكلمات العجيبة.

ولن أناقش هنا حكم النقاب الشرعي وكونه من الدين أم لا فقد تكفل بهذا شيوخ أفاضل.

لكني سأتكلم عن الادعاء العجيب بأن النقاب لم يكن زياً مصرياً.

هل تذكرون يا إخواني الصور التي ينقلونها لنا عن ثورة 1919 والتي يفخرون فيها بأنها أول خروج للمرأة المصرية في المظاهرات (ويا ليتها ما خرجت).. المهم أن كل الصور التي تتحدث عن هذه الثورة فيها نساء منتقبات يسرن في صفوف ويرفعن الأعلام المصرية فكيف لم يكن هذا الزى زياً للمصريات؟

أمر عجيب

وما يذهلكم أن كتاب تحرير للمرأة الذي ألفه قاسم أمين في مطلع القرن العشرين

من يتخيل منكم أن هذا الكتاب كان مجرد دعوة للمرأة لكشف وجهها وكفيها ..

ولو قرأنا هذا الكتاب في الوقت الحاضر لظنناه كتاباً يدعو إلى الفضيلة وإلى شكل من أشكال الحجاب.. المهم أن هذا الكتاب الذي وجه إليه نقد عنيف وألف في الرد عليه نيف وعشرون كتاباًَ كان يدعو لمجرد كشف الوجه والكفين أي أن لباس المرأة المصرية في هذا الوقت كان النقاب أو البرقع أو البيشة ومهما اختلفت الأسماء فالمضمون واحد وهو أن الزي الذي يغطي كل جسد المرأة هو الزي المصري النابع من عقيدة مصر المسلمة..

لكن للأسف أول من أدخل المايوه وأزياء الفاسقات الأوروبيات التي تكشف النحور والسيقان والصدور هم من يتشدقون بأن النقاب ليس مصرياً.. والغريب أن هناك من يصدق هذا ويصدق أن الملابس العارية هي الزي المصري ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لكن ماذا نقول غير رمتني بدائها وانسلت