حكايا الطوابع 4

شمس الدين العجلاني

حكايا الطوابع

يوسف العظمة

" 4 "

استشهد يوسف العظمة في " عقبة الطين "

الطابع هو سفير من الورق و أداة من أدوات التوثيق

شمس الدين العجلاني*

[email protected]

سأذكر ما حييتُ جدارَ قبر              بظاهر جلّق ركب الرمالا

مقيمٌ ما أقامت ميسلونٌ                 يذكّر مصرعَ الأُسْدِ الشبالا

تغيّبَ "عظمةُ" العَظَمات فيه                 وأولُ سيدٍ لقي النبالا

ترى نور العقيدة في ثراهُ                  وتنشقُ من جوانبه الخلالا

إذا مرت به الأجيال تترى                  سمعتَ لها أزيزاً وابتهالا

" أمير الشعراء أحمد شوقي "

يستذكر السوريون جميعا الشهيد يوسف العظمة ، الذي كان نقطة علامة في تاريخنا المعاصر .. يوسف العظمة الذي خط تاريخه بماء الذهب ، و سطر إلياذته الخالدة في الدفاع عن الوطن .. و الطابع السوري حكى لنا قصه هذا البطل الشهيد :

  الزمان : الساعة العاشرة والنصف من صباح  يوم الرابع و العشرين من تموز عام 1920 م

  المكان : عقبة الطين

  الحدث : استشهاده وزير الحربية يوسف العظمة

  يوسف العظمة : هو شهيد ميسلون ، القائد العسكري و وزير الحربية للحكومة العربية في سورية بقيادة الملك فيصل الأول عام 1920 م .  و أول وزير حربية عربي يخوض معركة ويستشهد فيها،  ينتمي إلى عائلة دمشقيه عريقة، ولد في حي الشاغور بدمشق عام 1884م م ،  و تعلم فيها  ، و أكمل دراسته في المدرسة الحربية في الآستانة . تنقل في الأعمال العسكرية بين دمشق و لبنان و الآستانة . اتبع دورة عسكرية في المانيا لمدة سنتين ، و عين بعدها كاتبا للمفوضية العثمانية في مصر . و أثناء الحرب العالمية الأولى عين رئيسا لأركان حرب الفرقة العشرين في بلغاريا . ثم عين رئيسا لأركان حرب الجيش العثماني المرابط في القفقاس ، فرئيسا لأركان الجيش الأول بالآستانة . وبعد الحرب عاد إلى دمشق ، فاختاره الأمير فيصل مرافقا له ، فرئيسا لأركان الحرب العامة . ثم ولي وزارة الحربية عام 1920 م ، في 24 تموز عام 1920 م عندما قام الفرنسيون بدخول دمشق ، قاد يوسف العظمة جمهورا من المتطوعين  على غير نظام من شباب و شيوخ دمشق و إلى جانبهم عدد من الضباط و الجنود . لملاقاة المحتل الفرنسي ،في معركة كبيرة غير متكافئة  قاوم و من معه ببسالة فائقة و استشهد و دفن في مكان استشهاده و قبره إلى اليوم رمز التضحية تحمل إلية الأكاليل كل عام من مختلف المحافظات السورية .

عقبة الطين:

تبعد قرية خان ميسلون ( أطلق عليها عده  أسماء عبر التاريخ فهي" عين ميسنون " التي التقى بها العرب مع الروم في معركة ضارية استشهد فيها عدد كبيرا من العرب فسميت لفترة زمنية " عين الشهداء "  و هي الآن معروفه باسم ميسلون ) تبعد  عن دمشق حوالي 35 كم ، و ميسلون هي منطقة في الجبال بالقرب من دمشق ، كانت تقع على طريق العربات القديم, الذي يربط بين بيروت ودمشق, و يوجد فيها محطة استراحة للمسافرين من دمشق أو للقادمين من بيروت في عربات السفر القديمة التي تجرها الخيل أو على ظهور الخيل ، لوجود خان فيها عرف بخان ميسلون يقدم الخدمات و المنامة للمسافرين و دوابهم  ، اشتهرت المنطقة بمعركة ميسلون بين القوات السورية بقيادة وزير الحربية السوري آنذاك البطل يوسف العظمة وبين القوات الفرنسية بقياده الجنرال غوابيه ، وهي معركة دافع فيها البطل يوسف العظمة ومن معه من الأبطال المجاهدين بشجاعة عن وطنهم ، و ارتبط اسمها بالبطل الشهيد يوسف العظمة  ، حيث تحتوي على ضريحه و نصب تذكاري يخلد شهداء معركة ميسلون .

أما "عقبة الطين " التي تبعد عن ميسلون 3 كم نحو الغرب على الطريق العام القديمة بين دمشق وبيروت .فهي المكان الدقيق الذي استشهد فيه يوسف العظمة حيث كان يقع مقر قياده الجيش السوري ، و يقول اللواء راشد الكيلاني في مذكراته عن استشهاده :" صمدت القوات العربية حتى نفاد ذخيرتها، واستمر تقدم القوات الفرنسية باتجاه المحور، فشاهد احد رماة الدبابات الفرنسية، يوسف العظمة ، وقد لمعت شاراته الصفراء تحت أشعة الشمس، إذ كان يرتدي لباس المراسم وهو يسهم بالانتقال إلى قرب مدفع معطل، يريد إصلاحه فأطلق الرامي النار عليه، وأصابه إصابات مباشرة في رأسه وصدره فسقط مضرجا بدمائه الزكية..."

الطابع :

لا شك أن الطابع هو سفير من الورق الملون يحمل بين طياته عقدا ومتعة وثقافة و تاريخا ، و الطوابع التذكارية تعد الأهم تاريخاً لدلالتها الوطنية و القومية كونها أداة من أدوات التوثيق للأحداث التي جرت على مر الأيام و تأخذ حيزا هاما لدى هواة الطوابع . و سوريه اهتمت منذ القديم بإصدار الطوابع ، فأصدرت العديد من الطوابع التذكارية لمناسبات وطنيه و قوميه ، منها ما خصص لذكرى جلاء الاحتلال الفرنسي عن البلاد .

و تعتبر مجموعه طوابع الشهيد يوسف العظمة التي صدرت تخليدا له من الطوابع المهمة التي صدرتها سوريه  على مدار السنوات الطويلة الماضية ، ففي كل عام يتم إصدار طابع تذكاري في 17 نيسان ذكرى جلاء المستعمر ، و كانت هذه الإصدارات عبارة عن توشيح لطوابع صادره سابقا ، فمثلا في عام 1947 م تم توشيح مجموعة طوابع هي طابع الرئيس شكري القوتلي و طابع  عليه رسم لطائره فوق سد بحيرة قطينه ، و طابع عليه رسم لحصان عربي وشحت هذه الطوابع  بعبارة " ذكرى الجلاء " ومن ثم صدرت طوابع تذكاريه خاصة بهذه المناسبة تحمل رسوما تعبيرية عن عظمة يوم الجلاء منها ما طبع عليه العيد الوطني ، و منها طبع عليه ذكرى الجلاء و في بعض السنين كانت الإصدارات التذكارية لهذه المناسبة تحمل رسما شخصيا للشهيد العظمة ، أو تحمل رسما للنصب التذكاري الذي كان قائما على مدخل نادي الضباط " القديم " في طريق الصالحية بجوار مجلس الشعب ،  لم نستطع تحديد زمن صدور أول طابع يحمل رسما للشهيد العظمة  ، و إن كنا نميل أن ذلك حصل في الخمسينات من القرن الماضي ، و قبل ذلك كانت ذكرى الجلاء تحمل صوره رئيس الجمهورية ، أو رسما تعبيريا عن هذه المناسبة ، كما أننا لم نستطع الحصول على طوابع تذكاريه قديمة تخلد ذكرى معركة ميسلون .

يتبع