الحمايات الشخصية للمسؤولين

العميد حسّان السقّا

الحمايات الشخصية للمسؤولين

بين الواقع الأمني المضطرب والانتقادات الموجهة ضدهم

العميد حسّان السقّا

ضابط في الجيش السابق

 لعل من السذاجة والبساطة المتمثلة بكثير من الناس سواء كانوا كسبة أو موظفين أو إعلاميين أن تنشأ حالة من الانفعال العاطفي والتهجم الكلامي على عناصر حماية مسؤول معين حين يتخذ أولئك العناصر احتياطات أمنية معينة وإجراءات مشددة لا سيما في المناطق المضطربة أمنيا في ظل ما تعج به الساحة العراقية من أجندات مختلفة متضاربة وأفكارأصيلة وأخرى دخيلة وثقافات منوعة كثقافة العنف وثقافة السلم وثقافة (الاستسلام) وغير ذلك كثير.

إن من الطبيعي جدا أن يقوم عنصر الحماية الشخصية المكلف بحماية شخصية معينة اتخاذ ما يراه مناسبا لمنع أي حادث متوقع وليس عليه أن يلاحظ طريقة سيره ويحافظ على حركاته وسكناته وملامح وجهه بالدقة التي يكون عليها من يقوم بتقديم وردة حمراء لخطيبته في ليلة الخطوبة، إنه مؤتمن ومطالب ومحاسب على مدى حفاظه على الشخصية المكلف بحمايتها مع الالتزام بالمباديء العامة للسلوك بالمستوى الأدنى بحيث لا يخرج عن إطار الأخلاق، كما أن هناك نقاط أساسية يجب أن تُراعى في عمل الحماية الشخصية من أهمها:

1-  أنه مخول باتخاذ قرار لحظي وتنفيذ الإجراء المناسب حيث أن عمله لا يحتمل التفكير لأكثر من ثواني معدودة نزولا إلى أجزاء الثانية في كثير من الحالات.

2- 

3-  عليه أن يراعي الظروف الاستثنائية في عمله كالاضطرابات الأمنية، وما ينتج عن الكوارث الطبيعية من تبعات، والانفعالات الآنية غي المسيطر عليها وما إلى ذلك.

4-  الحذر من الخير المبطن بالشر حيث أنه من الممكن لشبكة مأجورة معينة أن تفتعل حوادث إنسانية لجر عناصر الحماية إلى خارج منطقة الواجب لتنفيذ عملية معادية.

5-  عصيان الأوامر من أجل المصلحة فلربما أُمر عنصر الحماية بشيء معين من قبل مسؤول الحماية أو الشخصية المكلف بحمايتها وهو يعلم بما لا يقبل الشك أن تحركه المأمور به يؤدي إلى كارثة لم يقدرها المسؤول التقدير الصحيح هذا إن لم يكن هناك مجال للنقاش أما إن كان هناك مجال للنقاش فذلك بحث آخر.

ومع ذلك فإن عناصر الحماية الشخصية يحتفظون بالجانب الإنساني والأخلاقي والشرعي وحسب تقديرهم أو تقدير مسؤولهم للظروف المحيطة فقد يقومون بالنجدة والإغاثة وغير ذلك ويفضل أن يكون عدد عناصر الحماية بحيث يسمح بذلك، لكنهم يستمرون بدرجة عالية من الحذر في مختلف الظروف حتى عندما يكلفون بواجب خارج نطاق الحماية الشخصية.

وكما أن لعناصر الحماية واجبات تجاه المواطنين فإن على المواطنين تقدير وتفهم طبيعة عمل هؤلاء المكلفين بما يضمن سير الأمور بشكل طبيعي، وبما يجلب للمواطن أقصى درجات الاستفادة من الزيارة أو الجولة.

ولعل ما حدث في كركوك يوم أمس 6/7/2008 في مبنى محافظة كركوك وبالتحديد في أثناء زيارة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي إلى المحافظة حيث حدثت ضجورة بين إعلاميين بسبب إجراءات التفتيش المشددة والكشف على أجهزتهم قبل السماح لهم بتغطية مؤتمر صحفي يعقده السيد طارق الهاشمي، كما شهد المكان حدوث مشادات كلامية بين إعلاميين وعناصر من حماية الهاشمي ولم تنته القضية إعلاميا إلى الآن.

إن ما شهدته الساحة العراقية في الثلاث سنوات الأخيرة من مشاهد مواكب المسؤولين وجولاتهم لم تشهده طيلة عقود مضت، بل لم تكن هذه المشاهد متوافرة كما هي عليها اليوم منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، وتأسيسا على ذلك فإن المواطن وحتى الإعلامي لم يعتد مثل هذه الأمور ويجدها غريبة على ثقافته الاعتيادية.

وختاما فإن النظام أين ما حل يمثل الجانب الحضاري ودليل التطور والتقدم لأن الكون من نواة الذرة إلى المجرات جميعه يسير وفق نظام دقيق لا يحيد عنه، والإنسان جزء من هذا النظام الدقيق وقد راعى القانون الإلهي الكوني في الإنسان خصوصيته وهو ما ذكرناه آنفا من الواجبات الإنسانية الاستثنائية المترتبة على عناصر الحماية الشخصية تجاه المواطنين، تلك المترتبة على المواطنين تجاه عناصر الحماية.