حديث الأربعاء

يسري الغول

[email protected]

هل تذكرون حديث الأربعاء؟ يوم أن كنا نتحلق مساء كل أربعاء في متابعة برنامج "حديث الأربعاء" الذي كان يغرد فيه شاعرنا الفلسطيني الكبير أحمد دحبور، يجول في عوالم الإبداع الأدبي والسينما والحبكة والدراما عبر تلفزيون فلسطين، يتحدث عن رواية ذهب مع الريح والبؤساء والثلاثية وثرثرة فوق النيل وغيرها، ثم تتركنا الفضائية الناشئة حديثاً في متابعة العمل السنيمائي الذي يوثق تلك الرواية أو ذلك العمل.

أبدع شاعرنا دحبور يوم أن جرفنا إلى زاوية الأدب في الوقت الذي كانت فيه الحالة الفلسطينية مصابة بالتكلس والإحباط لأن السياسة وهموم الحياة أخذت بالجميع نحوها فتجاهلوا عالم الرواية والقصة والمسرح، وصرنا نتابع البرنامج بشغف لنكتشف جديد السينما ودورها في التلاعب أو الحفاظ على حبكة النص الروائي. فتعلمنا على يديه دون أن يدري أبجديات القراءة الواعية للعمل الأدبي وقراءته النصية بصورة أكثر وضوحاً.

أخبرنا دحبور في حديث الأربعاء عن الروايات التي لا نعرفها، حيث كنا في بداية طريقنا الأدبي، فصرنا نستعير الروايات التي يتحدث عنها ونكتشف من خلاله هنات الرواية أو مواطن قوتها، وما زلت أذكر كيف كانت الزيارات تترى لمكتبة بلدية غزة والهلال الأحمر ورشاد الشوا والجامعة الإسلامية للحصول على الروايات المتوفرة في تلك المكتبات. تلك الروايات التي أحببنا شخوصها وكرهنا آخرين، ودحبور لا يتوقف عن رسم خارطة المشهد الثقافي الفلسطيني كغيره من كبار الكتاب والمبدعين. فالأدب لا يتوقف عند حدود الأدب الفلسطيني، وإنما الأخير هو امتداد للآداب العالمية التي أسست للمدارس الإبداعية الفنية والأدبية الحاصلة اليوم.

لم يتوقف دحبور عند حديث الأربعاء، بل استمر في رسمه للمعرفة حين كان يقدم "عيد الأربعاء" عبر صحيفة الحياة فيجول في بطرح الجديد من الأعمال ونقدها ورسم خيوطها، ولكن هذه المرة لم يكن ضرورياً  من كون العمل روائياً أو مسرحياً، ولم يكن ضرورياً منفذ سينمائياً، بل عيد الأربعاء كان يمثل نقد الأعمال الشعرية والدراسات والروايات والكثير من الفنون ليغذي العقول الشابة والمهتمة بمعرفة لا متناهية.

أحمد دحبور شاعر فلسطيني ولد في حيفا عام 1946 ونشأ ودرس في مخيم حمص للاجئين الفلسطينيين بعد أن هاجرت عائلته إلى لبنان عام 1948 ثم إلى سورية. لم يتلق دحبور تعليماً أساسيا كافياً لكنه قارئاً نهماً وتواقاً للمعرفة فصقل موهبته الشعرية بقراءة عيون الشعر العربي وكرس حياته للتعبير عن التجربة الفلسطينية المريرة.

صدر لشاعرنا أحمد دحبور العديد من الأعمال الشعرية كديوان الضواري وعيون الأطفال، حكاية الولد الفلسطيني، بغير هذا جئت، واحد وعشرون بحراً وغيرهما الكثير.

حفظ الله شاعرنا دحبور وعافاه..