محاضرة في القاعة الهاشمية في محافظة عجلون
محاضرة في القاعة الهاشمية في محافظة عجلون
لمناسبة احتفالات الأردن باستقلاله
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
باسم الله وكفى ، الذي اذا رفعت الحرف الاول منه لا نقول اسقطته بقي لله وان رفعت الثاني بقي له وان رفعت الثالث بقي هو الله وان ابقيت "ال" منه بقي ايل في اللغة السريانيه بمعنى الله كما في اسماء عبادالله الملائكة والانبياء اصرافيل وميكائيل، واسرائيل، "فيا الله اجعل جمعنا مرحوما ،والشيطان عندنا مرجوما ،وعلمَ الاردن خفاقا في الورى معلوما، وطهر ارضنا من الارجاس من جنة وناس ، وارفع رايات المسلمين عالية منتصرة ، يا الله يا ارحم الراحمين ،وصلِّ على أصل الشجرة النورانية النور الذاتي والسر الساري في الاسماء والصفات ، الذي انزلت عليه امرك الاول "اقرا "فتكونت أمرية القراءة بفهم ،كما تكوَّن الانسان من علق ، وعلى اله وعترته الاطهار وصحبه الاخيار عدد ما مضى من ثواني وثوالث الليل والنهار ،او سيمضي منهما في ازمان الافلاك ودوران الكواكب فيهاعبرالادهارايها السميع الشاهد الجبار.
عطوفة مدير ثقافة عجلون ،والأجهزة الامنية ، اصحاب العطوفة ممن فاتني ذكرهم ، السادة الحضور والسيدات ، الحفل المبارك ، سلام الله عليكم ورحمة الله في هذا اليوم المبارك ، إذ نحتفل فيه بمجموعة اعياد وطنية ، مضمونها عز واستقلال ، عزيزة كلها علينا ، ذكرى الثورة العربية الكبرى التي تمردت على اتاتورك وجمال السفاح ، وطاب الموت يومها للعرب ،فهبوا من أصقاع الأرض يطالبون بتحريرهم،فتشكلت للعرب نواة التوحد تحت راية واحدة ، وقيادة واحدة ، آخذة بالمثل العربي القديم الحديث "في اجتماعكم قوة لكم " وحكمة الوالد لاولاده:
تأبى الرماح اذا اجنمعن تكسرا واذا افترقن تكسرت آحادا
ونحتفل كذلك بيوم الجيش واستقلاله من ربقة الانتداب البريطاني ، ليس لان الحسين رحمه الله رفض تجديد الانتداب فحسب ،بل لانه اتخذ قرارا جريئا حكيما وان شئت قلت مغامرا بطردالجنرال كلوب ، اتخذ قرارا من ملك شاب حديث العهد آنذاك بالحكم ،واتكل في قراره على الله الواحد الصمداني ، و على وفاء شعبه ، فسلم الراية لقادة الاردن ،فحملوها قادة اكفياء مخلصين، وادوا حقها في الدفاع ليس عن الاردن فحسب بل دافعوا عن ثرى فلسطين والجولان ولسان حالهم قول الشاعر:
غلام وغى تقحمها فأبلى فخان بلاءه الزمن الخؤون
فكان على الفتى الاقدام فيها وليس عليه ما جنتِ المنون
ونحتفل بذكرى تسلم الراية من مؤسس لبان لموطد ، بعزم متخذا من الاردن اولا شعارا ،علنا واسرارا ،يرفع علم بلاده ،في محافل العالم ليلا ونهارا ، ليبقى الاردن كما في معاجم البلدان بمعنى الغلبة والشدة ،لا بمعنى النعاس ، في زمن تتغلب فيه قوى الظلم والهيمنة الكبرى وفتستقوي على الامم الصغيرة ، بقوة السلاح ،متناسية ان للروح صولتًها ،في قهر المادة، وان طغت الاولى ونجبرت ، واستعلت حينا وتكبرت ، فان لعالم الحق المشوب بالصير والوعي عن عقيدة صادقة الفَ دور ، يتزلزل فيها عتاولة التجبر والقهر والطغيان العالمي، والأمثلة كثيرة لا تحصى ، فمحبة الثرى الوطني من عقربا الى العقبة ومن شرق الاردن لغربه واجب مقدس ، يذادُ عن كلِّ ذرة تراب فيه بالغالي النفيس ، لانَّ محبة الوطن جزء من الايمان، وقول الرسول الكريم شاهد حق في مكة المكرمة " والله انكِ لاحبُّ بلاد الله اليَّ ، ولولا انَّّ اهلك اخرجوني منك ما خرجت "والانسان يحبُّ رحمه الاول الذي تخلق فيه فيحب لاجله أمه واباه ، ويُحترَمُ لاحترامه ابويه ،ثم يُحبُّ بيته الذي سقط فيه رأسه ، ثم يبدأ عادة يتوسع في دوائر محبة البيئة التي نما فيها ومنها اعتاش وترك بصماته عليها ، ومحبة الوطن الصغير ، اولا ، يعني في حساب الارقام انَّ الاردني يحب بلاده العربية قطرا قطرا ثانيا وثالثا ، ورابعا وعاشرا ، واثنين وعشرين قطرا عربيا ،وخمسة وخمسين قطرا إسلاميا ،ولا يُعاب عليه انْ احبَّ بلدَهُ الاردن اولا ، تماما كما يحبُّ كل من المصري والعراقي والفلسطيني وطنه اولا، ولا يُعابُ على اي منهم محبته لوطنه الاول، بل من الاولى ان بُعاب على كل اردني ان يكون قد احب الاردن ثانيا لا اولا ، لا سيما قد نمت من هوائه رئته ،و اشتد عظمه على ثراه ،ونما لحمه من خيراته ،كما يمكن ان يعاب على كل انسان لا يقضي لوطنه الاول حبه الاول ، على انَّ ملحظة مهمة هي ألا يزدري الإنسان غيره من بلاد الأقارب والاجانب، فها نحن الارادنة نحبُّ وطننا الاردن اولا وديننا قبله فيه والأخلاق النبيلة التي يتحلى بها اي انسان في العالم ، ونحب البئية النظيفة الخالية من ارجاس الظلم، والعفونة من ادران الناس ، ونحبُّ فضائل البشرية جميعا ، غير ان الخطورة في الامر، انْ نحبَّ أنفسنا فحسب ،فقول الرسول الكريم ماثل فينا " والله لا يؤمن احدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه "افلا ينبغي ان ننظر لغيرنا نظرة دونية، فنتخذَ من ابليس مثلاسيئا "انا خير منه "نحبُّ الاردن الذي ضحى لاجله الارادنة ودفعوا مهور الدم من ابنائهم للذود عنه ،ولرفع رايته، بل لتظلَّ راية الله هي العليا ،ومئات الشهداء وآلافُ الجرحى ما زالت جراحهم تنزُّ دما ، ريحها مِسكي ، وجثامينهم التي نقلت من جانب الأقصى، ودفنت في يبلى العبيدات، لم تصب بالبلى من اربعين عاما ، لانهم شهداء حقا ، بل هي صورة مكررة لجثمان لم يبل في شجرة الرمثا للملازم الاول الشهيد محمد عقلة الربابعة رحمهما الله وجميع شهداء المسلمين ، الذي استشهد في 18 نيسان عام 1948م، تكفل الله بحفظ اجسادهم من البلى، كما ضمن حفظ جسد نبيه سليمان عليه السلام بدليل قوله " ما دلهم على موته الا دابة الارض تاكل منسأته فلما خرَّ تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين" (سورة سبأ34/14)
بلاد مات فتيتها لتحيا وزالوا دون قومهم لتبقوا
وحررت الشعوب على قناها فكيف على قناها تسترق ؟ا
عطوفة مدير مديرية ثقافة عجلون ،أيها الحضور الكرام، ان لمحافظة عجلون سماتٍ تنماز بها عن كثير من بقاع الارض، و عن الاردن العزيزمنها ، إنها مثوى الانبياء ،ومنها انها ام لحصن حربي ، ومنها انها ام لمسجد الظاهر بيبرس الشركسي ، ومنها انَّها ام الجمال الطبيعي الستدسي ، ومنها انها امَُّ العلماء خاصة علماء البواعنةالذين جذروا للاردن علما وثقافة ،ومنها حديثا انها ام لاقدم معهد معلمات للاناث الذي تخرج فيه الوف المعلمات الفواضل عبر خمسين عاما مضت، فعلمن ماجورات الالاف المؤلفة من بنات جنسهن ، فاحسنَّ، فجزاهن الله عنا خيرا، وجزىخيرا من أمر بانشائه ،وقصَّ شريط افتتاحه ،فعسى الله تعالى ان يسجله له في ميزان حسناته ، وان يرجح به كفة ميزانه ،اذا خفت يوم الحساب ،والمعهد اليوم ترقل في مقره كلية عجلون الجامعية من جامعة البلقاء التطبيقية ، وعن قريب ستنطلق جامعة عجلون الاهلية ،لترفع شعلة العلم على هام بواباتها بإذن الله ، ولعجلون مزايا تزخر بها هذه المحافظة ذات العباءة السندسية ، في ظلال راية هاشميةحرصت على نهضةالانسان عبر سبعين سنة خلت.
أمّا عجلون مأوى الأنبياء فانَّ مار الياس الذي بين اشتفينا والهاشمية،شاهد ماثل ، تعبَّد فيه النبي الياس عليه السلام منذ آلاف السنين فطهرت بتوحيده بقاع عجلون من الشرك والوثنيه ، وآثاره شاهدة للعيان يمكن لاهل الديانات الثلاث ،انَّ يزوروا معبده في ديره المذكور، من جانبيه الديني والسياحي ، مما يعني انَّ الاردن عامة احتضن تبتلات عيسى المسيح غليه السلام ، شرقي نهر الاردن ،فعبد المسيح صلى الله عليه وسلم ربه في المغطس فكان ثاني اثنين يعبد الله على ثرى الاردن الطهور،وكان قبله موسى عليه السلام مرَّ قادما من مصر على شيحان الكرك، وصياغة مادبا، متجها الى الارض المقدسة ، وختم الطهارةَ خاتمُ الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، ليلة اسرائه ومعراجه ، فمرَّ على قبر موسى، وهو قائم بين يدي الله يصلي، فهل يدلُّ هذا على انَّ المؤمن ينشط في قبره ويمارس عمله، كما كان في دنياه ان خيرا فخير وان شرا فشر، او انَّ هذا النشاط مقصور على الانبياء فحسب ؟ اللهم حسِّن اعمالنا على الحالين ومتعنا بها في دنيانا ويوم نصير في القبور تحت اللحود ايها الرب المعبود.
أمَّا قلعة عجلون الرابضة غربيَّ المدينة على مربأ مشرف على الغورعلى ثلاثة كيلو مترات ، فبناها عزُّ الدين اسامة بأمر صلاح الدين الايوبي عام (1184م)قبيل معركة حطين بثلاثة اعوام ،وقد بُنيت قلعة السلط بعدها بثلاثة اعوام ، وقد اختير موقعها مشرفا على الغور، بزوايا تناظرية ،لرصد الاعداء وتمرير اشارات الخطر عن الصليبيين ليلا بنار ودخانا بنهار ، وكانت القلعة مستودع اسلحة "زردناخاه " وما زالت الدراوي تحيط بالقلعة دفاعا قنفذيا، واسعة من داخلها للرمي ، دقيقة من خارجها لتقليل الخسائر ، يحيط بالقلعة خندق عريض عميق ، عليه جسر خشبي يرفع ليلا، فتصير القلعة جزيرة محمية بسهام ، وبخندق عميق وعريض بآن ، يصعب ان تقفز من فوقه الخيول الجياد ارضاء لخواطر فرسانها ، مما يثبت مقدرةَ المسلمين على استيعاب نظرية الحصون في عصرهم دفاعا واستطلاعا واقتصادا في الجهد واكتفاء ذاتيا في تكديس الاسلحة من جهة ،والحبوب فيها ،من حهة اخرى، إذ كانت قلعة عجلون مستودع حبوب مما تجود به سلة سهول حوران من بلاد الشام ، وقد عاش في عجلون شعراء كفانا مئونة البحث عنهم ،وان كان الباحثان قصدا من الدراسة جمع الشعر وتحقيقه من مظانه اكثر من تحليله ودرسه ادبيا ضمن طاقات اللغة على تقديرنا لجهود استاذنا قاسم المومني ، وزميله " شعراء عاشوا في عجلون "آجرهما الله واخذ بايديهم الى الفلاح ، اذ فتحا للباحثين ابوابا كانت موصدة ، وتركاها مرحبة بالولوج اليها.
امّا أقدم مساجد عجلون فمسجد الظاهر بيبرس الشركسي الذي بناه في وسط المدينة ،واقام تكيَّة يتعلم الطلبة فيها العلوم الشرعية مجانا، وما يزال المسجد وآثار التكية من ثمانية قرون شاهدين ، ينضاف الى جهوده في إعماره قبور الصحابة كابي عبيدة ومقامات الشهداء في مؤتة ،الى ان هدى الله الحسين طيب الله ثراه فامر باعادة الاعمار لاضرحة الصحابة كما تثبتها الشواهد المرقومة عليها ،ولنجله الشاب الملك عبد الله الثاني دور مكمل فجزاه الله كذلك خيرا ،وزاد من حسناته ،على انَّ المآذن المخروطية ماثرة من عهد مملوكي شركسي ، عهدناها معماريا ، وما تزال شجرة عتيقة تقابل مسجدعجلون البيبرسي ، لعلها ما تزال تتحنن الى ذكر الله ،فظلت تطاول حنجرة الفضاء ، ويكاد يبلغ طولها سماعات المئذنة ، وقد كانت عجلون في عصربيبرس زاهرة ، وقد التجأ الظاهر بيبرس الى قلعة عجلون فترة اعاد فيها تنظيمه، بعد ان خرج من مصر خائفا يترقب ، وبعجلون نجا من مطاردة خصومه له ، ثم عاد لمصر، و قاتل التتار مع السلطان قطز اشد قتال ، في المعركة الفاصلة "عين جالوت"، وقهرهم قرب بيسان عام (658م) وردَّهم شذر مذر مرعوبين ،على خراذيلهم مهزومين ،ومن التتر من هداه عقله الى الحق فاسلم ، بعد ان كانوا عاثوا في بغداد فسادا، سنتين كاملتين ،اهلكوا الحرث والنسل ودور العلم،لانهم اعداء الانسانية والحضارة ،والا فكيف يبغون على ارث البشرية نهبا وسلبا كأيامنا هذه ؟ فهل التاريخ يعيد نفسه ؟ فسلام على بيبرس في الخالدين، وسلام على صلاح الدين من قبله، الذي بنى القلعة ومنها كانت تنطلق الجحافل الى حطين الفاصلة عام(1187م) ثم انطلقت في ما بعد الى عين جالوت ، بل من غور الاردن الشمالي أسقى صلاح الدين بعض ملوك الفرنجة الاسارى عصيرا مثلجا لعله من جبل الشيخ باردا، ومحلى في ما يقال بسكرالغورالشمالي ، وما يزال في الغور تل السكر شاهدا على ذلك ، في وقاص ، جنوب تل الاربعين ، قرب مثلث الزمالية ، ولعله اسم على مسمى ،فهل يزرع السكر اليوم بدلا من بعض مزارع البندورة التي لا يقطفها اصحابها احيانا لرخصها ، بغية تقليل سعر كيلو السكر الذي يتعناه الاردني بخمسة واربعين قرشا اردنيا هذه الايام (2008م)؟
امّا حمال عجلون فسندسي ، ذو عباءة خضراء بلون البلوط والصنوبر والزيتون ، دائم الخضرة ، يصدح الطير على افنانها ويقيلُ في ظلالها صباحا، ويغطُّ في نوماته بين غصونها مساء ،يغدو خماصا ويعود بطانا ، يسبِّح الخالقَ الذ ي يرزقه ولا قوت يكنزه تهبُّ عليه انسام اشتفينا وأرواح الدلب في وادي الريان واعباق وادي كفرنجة وعنجرا ، فبشفى العليل بهباتها ، و ويرتشف الماء النمير من عين التنور وعين جنا وعين التيس وعيون تضج بالحيوية والنماء ، ولعل ذوائب النعناع ما تزال تمد ذوائبها في كل اتجاه تحيي الناظرين اليها من كل مكان ،تنشر عليهم من فوحها عطرا . وكروم العنب قي عبين وعبلين وصخرا تتاخر عن الموسم ، فيقطف جنيها في تشرين ثان وكانون ، اما فواكه الوديان فغالبا تموزية آبية "في تموز يستوي العنب والكوز " اما في آب فاقطف القطف لا تهاب "ولعل اسم عين جنا ماخوذ من عين جنة و عيون الوادي فيها قد تنبجس بعدة ضربات من فاس حاد ،اما اذا جاد الغيث وعم فتنفجر عيون لا تكاد نحصى ،في راسون وعرجان وباعون وغيرها
أمَّا عجلون علميا فنسب اليها عدد من العلماء يمكن دراستهم في الضوء اللامع للسخاوي والشوكاني في" البدر الطالع من بعد القرن السابع "بل عند ابن حجر العسقلاني في "الدرر الكامنة في اعيان المائة الثامنة "و السيوطي في كتابه "نظم العقيان في اعيان الاعيان" والغزي في "الكواكب السائرة باعيان المائة العاشرة" وعبد القادر النابلسي في كتابه "نفحات الازهار على نسمات الاسحار في مدح النبي المخنار" الذي عدَّ عائشة الباعونية من أشعر الشواعر، وهي عنده ابلغ من ابن حجة الحموي في كنابه "خزانة الادب وغاية الارب "وابن الحنبلي في كتابه "در الحبب في تاريخ اعيان حلب ،والحنبلي في كتابه "شذرات الهب في اخبار من ذهب "وعند عمر رضا كحالة في كتابيه "معجم المؤلفين واعلام النساء "ويمكن ان تحد لعلماء عجلون ذكرا تجت لقب عجلوني قي اعلا م الزركلي، وغير ذلك كثير، ولعلَّ من اهم ما بذكر عن علماء عجلون ان كوكبة من البواعنة من ذرية ناصر الباعوني التي ولد فبها نحو سنة (750ه)قد انجب من ذريته عشرة اعلام خلال مائة وخمس وسبعين سنة في العصر المملوكي ، تركوا من آثارهم (53) ثلاثة وخمسين اثرا في مجالات العلوم المختلفة من شعر وفقه وافتاء وسير وتصوف ،كان منهم ابراهيم عم الشاعرة عائشة الباعونية يسمى " شيخ الديار الشامية " امَّا عائشة الباعونية فبلغت مؤلفاتها (25) حمسة وعشرين مؤلفا ،بين مخطوط ومفقود ومطبوع ، قمنا بالاشتراك مع الدكنور احمد حسن ربابعة باصدار كتابنا المشترك الموسوم ب"اسرة ناصر الباعوني العلمية في العصر المملوكي ، ذكرنا عنوانات مؤلفاتهم واماكن كل مخطوط في ما وسعه جهدنا ، وطلبنا من وزارة الثقافة نشر يعض ما لدينا من مخطوطات لانها تجذر للثقافة الاردنية من نحو ثمانية قرون سلفت ، ومشروعنا ما يزال من عدة اشهر للدرس ولا ندري متى ينجز الوعد ، علي ان من واجبنا ان نرد الفضل لاهله، ذلك أن وزارة الثقافة اصدرت كتابي "عائشة الباعونية فبل عشر سنين ، وهمَّت باصداره ثانبة لاهمية هذه الشاعرة الي احتفت بها منظمة اليونسكو لمرور (500) خمسمائة عام على وفاتها ، بتنسيب من وزارتي التربية والثقافة ، واما وزارة الثقافة فعاكفة على نشر كتاب لي وسمه "تخميس بردة البوصيري لعائشة الباعونية " منذ سنتين جرارتين ،وربما تجران سنتين اخريين على قنوات طويلة ومريرة ،تمر بها اجراءات النشرالطويلة ، حتى يكاد المؤلف مثلي ييأس من نشره ، في ضوءغياب تنسيق وطني حازم لحمع التراث الوطني والبدء بتحقيقه ودرسه ومكافاة مجزية للباحثين، واجراءات اخرى قدمناها لوزارة الثقافة ؛اذا ارادت للتراث الوطني ان ينهض على قواعده الصحيحة
أمَّا عجلون فلها محبة خاصة مني لاني تخرجت في ثانويتها عام (1969م)
عجلون مدرستي انعم بمدرسة منها تخرَّجتُ لا يخفى على احد
ولاشباخي الذين تعلمت عليهم كل تقدير ، ولاستاذنا المرحوم ادوارد توما عويس الذي علمنا الاخلاص في العمل واعراب الجمل بدقة وحذق في مدرسة اجديتا الابتدائية كل ادعية الخير ، ووفاء لعجلون فقد احبها احد اجدادي الاولياء الشيخ عبده محمد سلمان الربابعة قبل اربعة قرون فذكر جبل عجلون في رثائته لابن عمه الولي الشيخ محمد عبد الله ابي ذابلة صاحب الحمة المشهورة مطلعها:
الله الله الله الله يـا يـا بـحر فايض بشهور الربيع فوق راسك صاح شاويش الملوك ورد الـسـلاك من خص الدنان مـن نـسل رباع يا نعم الجدود لانـده الابطال عندي يحضروا لا يـبـقـوا من توابعهم حشود يـا جبل عجلون كم فيك ابطال نـاظـم الابيات من عين وباء يـا الـهـي تـب له واغفر له | ولـييـا ابـا ذبـلـة يا بحر عـلى جزيرة بها فواكه تحملي مـن يـكن ظميان يرد المنهلي هـوسـبع في وسط غابة معتلي يـا سـراج الاولـيـا كالمشعل لا يـبـقـوا مـن توابعهم ولي مـن مـصر للشام للربع الخلي لـهـم ايـادي طـايلة بالمبتلي ثـم دال وهـا ودخل الله وعلي فـي جـنان الخلد باعلى منزل | ممتلي
ولعجلون محافظة عزيزة علي انسانا وثرى مقدسا اهديهم هذه القصيدة ، فلعلي أردُّ وفاء بوفاء ، وان كان السابق بفضله لا يلحق :
عـجـلون تيهي في حلى فـان شـئـتِ هُـزِّي بـبلوطة وان تـسـألـي الياس ما ماره ؟ بـلادُ الـنـبـيـيـن من أعصر وان تـسـألـي العزَّ ما حصنُه؟ تــراقـبُ الأعـداء أبـراجُـهُ وحـولـهُ مـتَّـسـعٌ خـنـدق ٌ ومـنـه تـجـهَّـزَ فـي فتحه ِ بـنـى جـامـعـا شـاهدا فعلًهُ يـطـاولُـهـا شـجـرٌ قـربها ومــاءٌ زلال يــنـابـيـعُـهُ وامرر ب"عين التيس" ، ذق شهدَها شـمَّـل إلى "التنور" ، تسمعْ رُغا وانـظـر إلـى شـلال باعونة ٍ ويـروي الـفـواكـهَ فـي واده ب"كـفـرنـجـة "واديها ذو عطا ب"عـبِّـيـنَ " أعـنـابها كنزُها مـرايـا إذا جـئـتها في الضُّحى وبـاعـونُ ذي ولـدت نـاصرا فـمـنـهـم فـقـيهٌ ومنهم وليٌّ عُـويـشـة ُذي تـاجـهـم كلهم | السندسورفّـي ظـلـيـلاً ولا تُـبـلسي وأخـرى بـزيـتـونـكِ الأقدس يُـجـبـكِ الـمسيحُ من المغطس طـهـورٌ ثـراهـا ولـم ينجس مـنـيـعٌ دراويـه كـالـمُترس وتُـوقـدُ الـنـيرانَ في العسعس يـكـعُّ بـعـيـدا مـن الـفرَّس صـلاحٌ وبـيـبـرسُ الشركسي ومـئـذنـة ً كـالضحى المُشمس يـلـذُّ بـذكـرٍٍ ولـم يَـنْـبـسِ مـن عـيـن جنا مبتغى الأفؤس لا تـرتـوي مـن شَربةِ الأكؤس مـن عـيـن مـاء بـارد سلس يـصـبُّ فـضـيـضا ولم ييأس يـحـنُّ إلـى نـعـنعه معطسي إذا حُـجـز الـمـدُّّ فـي محبس تـرقُّ شـتـاء عـلـى الملمس ثـريَّـا تـشـعـشعُ في الحِنْدس فـشـع َّذراريـه فـي الـمقدس ومـنـهـم تـويجٌ على الأرؤس حـفـيـظـة قـرآنـنا الأقدس |
وبهذه المناسبة اهنيئ بلدة باعون التي تمخض فيها ولادة منتدى عائشة الباعونية حديثا ، فنشكر اهل الفضل ممن كان صاحب الفكرة ونشكرمن أعان عليه وعززه ودعمه ، ونامل ان ان ينهض بحثةٌ جادون ، ليحمعوا تراث البواعنة خاصة ، وتراث العجلونيين عامة ،لنقدم لانفسنا دليلا على جذورنا الثقافية الاردنية منذ ثمانية قرون خلت ، ليقرانا المتلقون ، من جهة ، ولتنشر كلمة الحق ،من جهة اخرى ، فتحيا من بين ارماس المخطوطات ،لترى النور في عالم يؤمن بالنور بعد طويل ظلام ، واخيرا اشكر لكم حسن استماعكم ، واسال الله ان ينسأ لكم اعمارا طويلة في خدمة حرف كتابه المقدس ودينه الحق وا ن يعيد علينا هذه المناسبات وقد تحررت اوطاننا وانتشر النور في الاقصى الشريف، وفكت قيوده، وتحررت اقطارنا العربية جميعها من ربقة الغاصبين ،واتحدت اقطارنا العربية الاسلامية ، لانها بالاتحاد وحده تحيا ،وبالتفرق تذبل وتموت ، فالله الله نسال ان يجمعنا على الهدى والحق ،انه سميع الدعاء، وهو الله وحده بالاجابة قدير جدير، والحمد لله اهل الفضل كله رب العالمين ،وهو السميع البصير ،
والسلام عليكم ايها الاحبة الفضلاء ورحمة الله وبركاته.