هذا هو الجولان
" إن الجبهة السورية ـ الاسرائيلية " خط ماجينو " السوري المشهور ، الذي كلف البلاد آلاف الملايين من الليرات السورية على مدى عشرين عاماً لتحصينه وتجهيزه بأحدث المعدات ، والذي اشتهر عنه بأنه لا يؤخذ ... هذا الخط الساخن سقط بأيدي القوات الاسرائيلية خلال 48 ساعة فقط ... "
من كتاب " المسلمون والحرب الرابعة ص 171 "
ـ 1 ـ جغرافية الجولان
آ ـ الجولان : مقاطعة هامة من الأرض العربية ، تابعة للجمهورية العربية السورية وتقع في الجزء الجنوبي الغربي منها ، تجاوره من الشمال الغربي أراضي الجمهورية اللبنانية ، ومن الغرب الأراضي المحتلة من فلسطين ، ومن الجنوب أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.
ب ـ ويقع الجولان في الترتيب الأول بين المحافظات السورية من حيث : الأهمية العسكرية ، وخصوبة الأرض وغناها الطبيعي ، وتوفر المراعي الغنية طوال فصول السنة ، ووعورة الأرض ، وتنوع أجوائه ضمن مسافات متقاربة ، وتوفر المياه المعدنية وحماماتها ، وتعدد طوائف سكانه وأديانهم وأجناسهم .
ج ـ ويبلغ طول حدوده مع العدو : ثمانين كيلومترا .
د ـ من أشهر مدنه : (القنيطرة) وهي مركز المحافظة ـ و(فيق) وهي مركز قضاء الزوية.
هـ ـ أهم مصادر المياه فيه : بالاضافة إلى نهر الأردن وبحيرة طبريا اللذين يعتبران من أكبر مصادر المياه التي كان سكان المنطقة يستفيدون منها ، هناك مصادر أخرى للمياه أهمها :
1 ـ نهر بانياس الذي يشكل ثاني روافد نهر الأردن وينبع من ارتفاع /300/ م . ويبلغ تصريفه السنوي /157/ مليون م3 من المياه العذبة .
2 ـ نهر اليرموك الذي يبلغ طوله /57/ كيلو متراً يسير منها /47/ كيلو متراً داخل الأراضي السورية .
3 ـ قناة العفريتية ، وهي مأخوذة من نهر الأردن .
4 ـ نهر الزاكية والمسعدية ، ويصبان مباشرة في بحيرة طبريا .
5 ـ بالاضافة إلى ينابيع وعيون كثيرة ، موزعة في كل وديانه وقراه ، وتشكل مصادر وفيرة للمياه ، ومن اهم هذه الينابيع : (نبع البرجيات) ، (وعين الكبش) (ونبع الجوخدار) . (ونبع السنابر) ، وكان مستغلاً بشكل ممتاز ويروي قرى كثيرة ، وتزرع على مياهه مساحات جيدة بالأرز ، و(ينابيع القصبية) وهي مستغلة أيضاً بشكل جيد ، وعلى مياهها يزرع الأرز في منطقة القصبية .
و(نبع الدورة) . و(نبع الحمة) ، وقد كان أكبر إفادة منها ، في الاستحمام لكونها معدنية ، وهي من أجود الحمامات المعدنية في العالم .
و ـ أشهر المحاصيل الزراعية التي كانت تنتجها الجبهة (الجولان) :
الفواكه وخاصة التفاح والكرز والزيتون واللوز والموز والحمضيات والقمح والشعير والذرة والفول السوداني والخضار والأرز .
ز ـ أشهر المحاصيل الحيوانية : المواشي (وخاصة الأبقار) والأسماك والعسل ،يضاف إلى ذلك كميات محدودة من الألبان والسمن والجبن .
ح ـ أكثر الأشجار انتشاراً في الجبهة (الجولان) هي :
1 ـ الأحراش : وتضم في غالبيتها أشجار السنديان ، والبلوط والسماق والزعرور .
2 ـ الأشجار المزروعة غير المثمرة : كان من أهمها الكينا والحور .
ـ 2 ـ أسباب تكالب العدو على الجولان
ترجع أهمية الجولان ، وتكالب العدو عليه ، لأسباب هامة نوجزها فيما يلي :
آ ـ الأسباب الدينية : فالعدو يعتبر الجولان ، من الأرض التي يزعمون أنهم وُعدوا بها في كتبهم .
ب ـ الموقع السوقي (الاستراتيجي) : يتمتع الجولان بموقع جغرافي فريد من نوعه ، فهو يسيطر على أهم مصادر المياه التي تزود فلسطين ويسيطر سيطرة مطلقة على القسم الأعظم من شمال فلسطين وخاصة سهل الحولة والسفوح الشرقية للجليل الأعلى .
هذا من ناحية الأرض المحتلة ، أما من الناحية المقابلة ، فإن العدو الذي ملك الجولان أصبح مصدر خطر كبير على كل من دمشق ودرعا ، لأن الطريق إليهما قد أصبحت أمامه مكشوفة ليس فيها أية عقبات تعترض تقدمه إليهما سوى ما تقيمه القوات في وضع دفاعي .
ج ـ الغنى الطبيعي :
1 ـ فالجولان يتمتع بوضع طبيعي عجيب ، ففي تلك المساحة الضيقة الصغيرة من الأرض ، يجد المرء تنوعاً كبيراً في الأجواء ، ففي الشتاء تجد الأجواء المثلجة الباردة إلى جانب الجو الدافئ الممطر . وفي الصيف تجد الجو اللطيف المعتدل حيث كانت الثلوج في الشتاء ، وبجانبه الحار الرطب ، والحار الجاف . هذا التنوع في طبيعة الأرض ، الذي جمع كل صور الجمال والطبيعة ، كاف لجعله منطقة سياحية هامة . وهو أحد الأسباب التي جعلت العدو يتلمظ عشرين عاماً حتى حصل عليه بالمؤامرة لا بالحرب .
2 ـ والجولان يتمتع بغنى كبير بالطيور (الوافدة والمقيمة) ، وبأنواع الحيوان الأخرى كالأرنب والغزال وحتى البقر الوحشي .
3 ـ ومن أبرز مظاهر غنى الجولان ، المياه المعدنية في الحمة التي تحتوي على نسبة جيدة من اليورانيوم والراديوم وهي من أفضل ينابيع المياه المعدنية في العالم ، وأكبر حمامات معدنية في الشرق الأوسط كله .
4 ـ ولا يقل غنى الجولان في تربته عن البقاع الخصبة النادرة في العالم . ونضرب مثلاً على خصوبة تلك الأرض ، بالذرة الصفراء التي كان يزيد طول ساق الواحدة منها على أربعة أمتار ، وتحمل من (العرانيس) مقادير عالية جداً رغم بدائية طرق الاستنبات . وكان سكان البطيحة يستغلون الأرض ثلاثة مواسم في العام على الأقل ، دونما تقويتها بسماد يذكر . ولقد قال عنها الجنرال " كارل فون هورن " كبير المراقبين الدوليين ، في كتابه (الخدمة العسكرية من أجل السلام) :
(إن كل شبر من تلك الأرض ، يساوي منجماً من الذهب لكثرة ما يغل من الحبوب) .
د ـ الغنى الأثري : ولعل من أكبر اهتمام العدو بالجولان وتكالبه عليه ، هو غناه الأثري ، الأمر الذي يجهله كل الناس ، فليس في كل أجزاء سوريا منطقة غنية بالآثار المطمورة مثل الجولان . وكثيراً ما كنا نكتشف منشآت أثرية أو دلائل عليها ، ومصلحة الآثار تعلم ولم تفعل شيئاً . ولعل من أهم الآثار البارزة في الجولان ، قلعة النمرود ، تلك القلعة العجيبة التي تحتوي على آثار فينيقية وإسلامية وصليبية معاً . وتقع قرب بانياس على مرتفع من الأرض لا تصله إلا العقبان ، وتشرف من موقعها على شمالي فلسطين كله ، وحتى ساحل البحر الذي يمكن رؤيته خلال أيام الصحو في الصباح ، في منظر يكاد يخلب لبَّ الناظرين إليه ..