من يفك الحصار عن عقولنا
سالم الزائدي
يدور جدل كبير في أروقة السياسة وفي صالونات المفكرين والمثقفين امتد حتى وصل الى داخل البيوت وبين أفراد العائلة الواحدة، إلى داخل المؤسسات التعليمية والحكومية.. جدلُ الهدف منه صرف أنظارنا وإغراقنا في دوامة الفكر المشوش حتى لا تقال الحقيقة ويرفع عن الخبايا الستار.
لماذا يتهرب البعض عندما نتحدث عن الإسلام ونقول أن قضية العرب مرتبطة كل الارتباط بقضية الإسلام وأن الفصل بينهما أمر مستحيل.
ومن أعجب العجب أن كل من يتصدى لهذه المسألة وإبداء الرأي فيها بصراحة ووضوح يُتهم بأنه متطرف متشدد أو إرهابي أو أنه ينتمي لحزب الإخوان المسلمين أو داعش أو انصار الشريعة أو غيرها.. وأن التقدم والديمقراطية في بلداننا العربية مرهون بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة على غرار النهضة في البلدان الأوروبية متجاهلين أو جاهلين لحقيقة أن الإسلام دين علم يحث على الاجتهاد والبحث واعتمد المنطق والموضوعية والبيان العلمي .
وهنا أحب أن أنبه الأذهان إلى خطر قائم ربما يدركه الكثيرون، ومن حق جيلنا المعاصر، أن يقول كلمته بأن أوروبة وأمريكا لم تفصل قط بين حربها المستمرة الخفية على الإسلام وبين غرس الأفكار المضللة والطائفية لشغل العرب فى ثرثرة جدلية لا فائدة منها.
المخيف في الأمر أن بعض القادة العرب يرسخون هذه الخديعة في أذهان شعوبهم من أجل تثبيت كراسي الحكم ولا يهمهم في ذلك إن سحقوا شعوبهم أو شعوب جيرانهم وأمتهم العربية الإسلامية... من العار حقاً أن يبلغ الأمر هذا المبلغ وأن يصبح المدافع عن دينه وحضارته وعن شرعيته مسجوناً أو مقتولاً، وكان أولى بكلمة الحق أن تجلجل وأن تصمت بقية الأصوات الناعقة باسم الديموقراطية المزيفة أو الحرية المسروقة أو مكافحة الارهاب.
وقد آن الأوان ، أن نقول أن السيل قد غمر والكيل قد طفح ولا محيص من الجهر مهما كان التفسير والتأويل.
يظن السياسيون أن التعامل الأمثل مع المواطن العربي هو بتخويفه وقهره، مما أوصلنا الى أسوأ النتائج، وقد أكد الله عز وجل على أهمية الثقة في المجتمع، ونهى عن فساد العلاقات والعداوة، وإن إنسجام القول والسلوك هو الذي يحقق الثقة وينشر الأمن ويمنع التطرف والغلو ويحقق الاستقرار والنهضة التي نطمح إليها. وهذا ما يقودنا إلى المكانة اللائقة بين الأمم كما فعل العلماء العرب والمسلمون الذين أناروا الطريق لعلماء أوروبة الذين قرؤوا لهم.
نحن نعلم الآن أنه لا يوجد معين للإسلام إلا الله بعد أن تسربل الشرفاء والشجعان من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالقبور ولم يبقَ لنا إلا بعض الأفراد والشخصيات ممن يرفعون الرأي ويجهرون بالقول بأن الإسلام أمة وحضارة وتاريخ وأخلاق وعلم.
إن صناعة رجال أحرار في أمتنا ليست بمعجزة وبإمكاننا أن نخرج الكثيرين حين نمارس سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه الله تعالى" لقد كان لكم في رسول الله أسوةً حسنةً".
إن قانون الله سيتحقق في كل زمان ومكان والناس الذين يقدمون أفكاراً صحيحة ويدعون إليها بالحسنى سيجدون نتائج طيبة وسيستجيب الناس لهم، كما يحصل في تركيا الآن.
لسنا مجبرين على غلق العقول، لسنا مجبرين على سجن الآخرين، لسنا مجبرين أن نحيك المكائد لبعضنا لنفوز بثقة الغير. نحن يا قوم أبناء عموم، نحن مسلمون ولسنا شذاذ آفاق.
لماذا تلاحقنا روح الاستعباد وتلاحقنا في كل جيل.....
لماذا تحاصرون عقولنا (علمنا وحياتنا ولقمة عيشنا). لماذا نستجيب لمكائد أعدائنا ونزرعها في النفوس لكي نشكك بكل ما حولنا ونتهمه زوراً وبهتاناً بحجة أمن الوطن أو استقرار البلد. ألا تعلموا أن الحكم لله يورثه لمن يشاء وفي الوقت الذي يشاء. لماذا يتقدم الغرب علينا؟ أليست العلة فينا؟ لماذا لا يحاصر الغرب عقول أبنائه ويسجنهم كما نفعل نحن؟
إن المغالطات قد أصبحت مسلمات والافتراءات وقائع والأكاذيب حقائق، على الرغم من دور حضارتنا العربية الإسلامية في تطور البشرية وإخراجها من عتمة الجهل إلى نور المدنية والتحضر ....
إن الإسلام أعظم ديانة على ظهر الأرض سماحة وإنصافاً نقولها بلا تحيز ودون أن نسمح للأحكام الظالمة أن تلطخه بالسواد.
فمتى سنعيش مثل العالمين؟
متى سترجع يا ضيــــــــــــــــاء؟
ومتى ستضحك يا مساء؟
ومتى ستجف منا الدماء؟؟