اختر ألفاظك ولغتك
معمر حبار
مقدمة المهتم.. المشكلة ليست في المعلومة التي يملكها الأستاذ أو المربي، أو الإعلامي، أو المسؤول، أو القائد .. إنما المشكلة في كيفية طرحها، وإختيار الألفاظ المناسبة، التي تناسب الشريحة الموجهة إليها، والأمثلة سيتم التطرق إليها، توضح ذلك وتبينه، منها ..
إسمع جيدا وتكلم أحسن .. المتتبع لإذاعة غليزان ، مقارنة بالإذاعات المحلية، التي تتاح للسامع سماعها، يدرك بوضوح أنها تفوقت وكسبت السامعين إليها، بسبب اللغة المناسبة التي تخاطب بها سامعيها، والتي امتازت .. بالاختصار، والبساطة، والمباشرة، رغم تطرقها لمواضيع علمية صعبة.. كالحصة الخاصة بالطب.. والحصة الخاصة بالفلاحة .. وحصة أخرى في علم النفس، وكيفية التعامل مع الأسرة بكل مكوناتها .. ناهيك عن الأداء الجيد للحصة الخاصة بأمن الطرقات .. والحصة الخاصة بالفتاوى.
وكل هذه الحصص، تقدم من متمكنين في الموضوع، ويحسنون السمع للمتدخلين، ويتقنون جيدا اللغة العامة والإعلامية، التي يقدمون بها موضوعاتهم ، بطريقة سهلة شيقة.
إبتعد عن الخطاب العسكري .. في مناسبتين إعلاميتين، أتيحت الفرصة لصاحب الأسطر أن يلتقي بمكلفين بحصص خاصة بالسلامة المرورية، عبر إذاعات محلية، ويحملون رتبا عسكرية عالية، فكان هذا التدخل ..
تملكون معلومات دقيقة مفيدة، حول سير الطرقات من نواحي عدة، وتدعمونها بالأرقام والنسب والإحصاءات، ويمكن ترجمتها إلى قرارات فاعلة، تحد من حوادث السير، ومن الكوارث التي تحدث يوميا، وبشكل عنيف رهيب..
لكن يخيل للسامع ، أنه في ثكنة عسكرية، وأنه أمام قائد يأمر جنوده فيطيعون وينفذون .. ثم أردفت قائلا ..
إنك تخاطب سائق ، والسائق غير متفرغ لكلامك، فهو منتبه للسياقة، ومن حين للآخر يوجه ذهنه لما يبث عبر المذياع، فعليك في هذه الحالة، أن تستغل هذه الفرصة، وتوجه له رسالة خفيفة ورقيقة وسهلة النطق والاستيعاب ، دون مخاطبته بلغة العسكري، التي تعتمد على الأمر والتنفيذ، والتي لاتناسب إطلاقا الوسيلة الإعلامية، وربما نتائجها تكون عكس مايريده القائم على الحصة، والتي في جوهرها مفيدة، كالسلامة والمرورية، والحصص الطبية، والحصص الفلاحية.
جمعة الوعظ لا الأرقام.. اليوم، وأن أتابع خطيب الجمعة، وهو يتحدث عن الزكاة، فتطرق لأدق تفاصيل الزكاة، فضاع المقصد الأسمى من الزكاة في ظل الأرقام والإحصاءات والأعداد التي أكثر منها الخطيب، ولم تفد السامع في شيء، وكانت سببا في نفور أصحاب المال من تقديم الزكاة ..
وكان عليه، أن يحترم الربع ساعة المخصصة للدرس، ويتحدث عن فضل العطاء، وميز البذل، وقيمة مواساة المحتاجين، وحاجة الناس للتكافل الاجتماعي .. بأسلوب يناسب أهل البلدة، ويراعي مستواهم العامي، وظروفهم الاجتماعية العادية، ويترك الأرقام، والأغنام، والأبقار، والإبل لمناسبة خاصة بالطلبة، ولمن يهمه الأمر، وتصاغ بعدها بصيغة بسيطة سهلة، تناسب الجميع، ويستفيد منها الثري والفقير.