الديمقراطية في الغرب والدول العربية
الديمقراطية في الغرب والدول العربية
محمد هيثم عياش
برلين 30/07/10 / يذهب العرف السائد حاليا بأن الديموقراطية في معناها المتداول سواء في اوروبا والعالم العربي وغيرهما بأنها حرية الرأي والحريات العامة الا أن معنى الديموقراطية الحقيقي التي أصلها يونانية هي حكم الشعب ، والشعب مهما أوتي من حكمة ودراية بالامور الا أنه يرتكب اخطاء وقد جعل الله الانسان خليفته في الارض وأمره بالعدالة ونهاه عن الظلم . والمسلمون كانوا في قمة العدالة الاجتماعية وصانوا للانسان كرامته وأثبتوا أحقيته بالحرية التامة والتاريخ الاسلامي مليء بحوادث حرية الراي والاختيار فالحجاج بن يوسف الثقفي المعروف بقسوته الا انه كان يحترم حرية الرأي ويعفو عن اولئك الذين أرادو الكيد له ولدولة الخلافة الاموية . قال زياد بن ابي سفيان المعروف / بابن أبيه / وكان معروفا بالسياسة والدهاء ما غلبني امير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما الا بواحدة فقد كتب لي انه لا يجوز ان نعامل الناس معاملة واحدة فكن انت للقسوة واكون أنا للرخاء فاذا ما أصدرتَ حكما قاسيا على احد من الرعية لجأ اليَّ حتى أكون متسعا له .
والديموقراطية السائدة في الغرب التي تعني اختيار الشعوب لحكامه وابداء آراءه بصراحة مفقودة تماما ، وعلى حسب رأي استاذ العلوم السياسية في جامعة هومبولدت البرلينية اوتو فيلهلم بيتش بندوة حول الديموقراطية في اوروبا والشرق الاوسط دعت اليها جامعة هومبولدت البرلينية يوم أمس الخميس 29 يوليو ان الديموقراطية في اوروبا رمز فقط صحيح ان الالمان وغيرهم من الاوروبيين يذهبون كل اربعة أو سبعة أعوام الى صناديق الاقتراع لانتخاب حزب جديد يحكم بلادهم الا أنه عندما يستلم هذا الحزب حكم بلد ما يضع وعوده وراء أذنيه ويقوم بانتهاج سياسة مغايرة عن رغبة الشعب فالالمان الذين ابدوا رغبتهم استلام يوخيم جاوك منصب الرئاسة الالمانية خلفا للرئيس السابق هورست كولر لم يأبه اعضاء البرلمان الالماني وبرلمان الولايات الالمانية الاخرى من المسيحيين والفيدراليين لرغبة الشعب التي وصلت نسبتهم الى 78 في المائة يطالبون بانتخاب جاوك بدلا من كريستيان فولف كما ان شعوب الاتحاد الاروبي رفضت سياسة التقشف التي اعلنتها بعض حكوماتهم الا أن هذه الحكومات ترفض الاصغاء لمطالب شعوبها ويجب على المرء الذي يتابع تطورات السياسة في الشرق الاوسط أن لا ينتقد غياب الديموقراطية في دول تلك المنطقة وعدم سماح حكومات تلك المنطقة بالحريات العامة وتعدد الاحزاب وغيرها .
أحد خبراء العرب في السياسة الدولية يعتقد ان غياب الديموقراطية في الدول العربية يعود الى تقاليد موروثة في تلك المنطقة التي لا تزال تحكم حكم زعيم القبيلة وان الرئيس الامريكي السابق / السيء الصيت / جورج بوش عندما شعر بالقوة بارساله جيوشه الجرارة الى افغانستان لمحاربة الارهاب وتأييد معظم دول اوروبا له أكد بأنه سيبذل جهوده لارساء الديموقراطية في الدول العربية الا أنه الغى تلك السياسة ونكث بوعوده عندما أعلن زعماء الدول العربية تحالفهم معه ضد ما يطلق عليه بمنظمات الارهاب الدولية كما ان اوروبا ترى ان وجود الديموقراطية في الشرق الاوسط خطر كبير على اي عملية لاحلال السلام فيها اذ انه لو دعيت الشعوب العربية للادلاء برايها حول اقامة علاقات مع الكيان الصهيوني لرفضت ذلك اذ ان شعوب تلك المنطقة متأثرة بالحركات الاسلامية التي ترى بأن اي سلام مع الكيان الصهيوني يرفضه الاسلام وطالما القدس اسيرة وفلسطين محتلة .
ومن اجل احلال الديموقراطية في تلك المنطقة رأى بعض مشاركي تلك الندوة ضرورة ابعاد الاسلاميين عن المشاركة في حكم مناطقهم بينما يرى البعض بأن الديموقراطية التي تعني بمفهوم الغرب الحريات العامة ضرورة مشاركة جميع فئات شعوب تلك المنطقة بالحكم بما فيهم الاسلاميين ، اذ ان الاسلام السياسي بمقدرته ارساء السلام وانهاء المعضلات التي يعاني العالم منها ويجب على المرء أن لا ينكر فضل الاسلام على الحريات العامة والعدالة الاجتماعية في اوروبا فالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان اول من سنَّ راتبا لكل مولود وقد اخذت المانيا هذه السياسة من الخليفة المذكور ولم تعاني اي منطقة في اوروبا والعالم الاسلامي من ضوائق مالية واقتصادية لما كانت الخلافة الاسلامية تعيش في صراع مع القياصرة الاوروبيين ، وحرية الراي موجودة في بعض الدول العربية ولا سيما في السعودية الا أن هذه الحرية لها تقاليدها الموروثة من تعاليم الاسلام فبعض دول الخليج العربي التي سمحت ببعض الحريات رأت انه لا بد من تقييدها من جديد عندما لمست ان اخلاق شعبها في تردٍ واذا ما عدنا الى لبنان ذلك البلد الذي كان يعتبر / سويسرا الشرق / نظرا للحريات العامة فيه نجد ان تلك الحريات كانت وراء حرب اهلية ضروس لا تزال آثارها السبية موجودة الى وقتنا هذا .
والحريات العامة وراء انهيار المجتمعات في الغرب وانتشار الامراض المزمنة هذه السلبيات ساهمت بازدياد ظاهرة الدعوة بالعودة الى الفضيلة من جديد كما انها ساهمت بازدياد قوة العنصرية .