نحو أسرة مستقرة

عدنان عون

نحو أسرة مستقرة

(2)

عدنان عون

[email protected]

*  أطوار ثلاثة :

تمر الأفراد والأمم في أطوار ثلاثة: ضعف فقوة ثم ضعف، وهو قانون لا يستثني أحداً··، هذا ما أومأت إليه الآية (45) من سورة الروم، في قوله تعالى :"الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوةٍ ضعفاً وشيبةً" · بيد أن عوامل كثيرة تؤثر في الأفراد والأمم قوة وضعفاً، وقد أكدت تقارير ودراسات أن ثمة علاقة مطردة بين الأخلاق وبين التنمية والتطور، وأن فساد الأخلاق يعطل طاقات ويهدر قدرات تؤثر سلباً في التنمية والبناء والتطور·

والعجب أن البشرية على الرغم مما تنعم به من حضارة مادية متطورة ، تمضي على طريق الهلاك ·· يقول المفكر الفرنسي (لاموني) :" إن الجنس البشري بكامله يمشي بخطى حثيثة إلى الهلاك، إنه في النزع الأخير ، وكثرة الأخطاء في حضارتنا تجرها إلى الغرق" ··

فلا عجب أن كان تدمير الأخلاق في مقدمة الأهداف الصهيونية حيث ينسب إلى " بروتوكولات حكماء صهيون"  القول: " يجب أن نعمل لتنهار الأ خلاق، ويجب أن نكسب المرأة" ·· فالمرأة أقصر طريق لإفساد الشباب وتحطيم القيم، ومن ثم كان حرص دعاة الحرية وتحرير المرأة على استغلال المرأة، ودفعها تحت شعار التحرر والحرية، إلى ميادين الإفساد·

* تحرير المرأة :

و المرأة هي أخطر الأسلحة في فتنة الناس والانحراف بهم عن جادة الاستقامة، لذلك حرص دعاة تحريرها على إعداد مسلسل إفسادها إعداداً جيداً ومغريا ً ليفسدوها، وكانت كل خطوة من خطوات الإفساد تسلم إلى خطوة تالية·· فكيف كانت بداية الإعداد؟

مزّقي يا ابنة العراق الحجابا                 واسفري فالحياة تبغى انقلابا

ثم جاءت دعوتهم لخروج المرأة من البيت ومزاحمة الرجال في الطرقات وميادين العمل، وفتحت لها أبواب العمل والسفر والصداقة·· وساعد في ذلك إعلام مكثف ، وإغراء شائق  وآداب هابطة، وأقلام لم تفكر بعفة ولا حياء··

وخرجت المرأة بعد أن حطمت القيود إلى ميادين العمل والحياة، تنافس الرجل، وتزاحمه في كل مواقعه·

ومازال دعاة تحرر المرأة يُعمِلون الإغراء، ويتفننون بالإعلام ترغيباً وتحريضاً، حتى بدأت الأسر تنحل وتتفكك، فبدأت أزمات أوروبا وأمريكا·· وتمردت النساء··

يقول الفيلسوف والكاتب البريطاني برتراندراسل، وقد أصاب مكمن الداء: " لقد تم حلّ الأسرة باستخدام المرأة في الأعمال العامة، وأظهرت التجارب العملية أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق المألوفة، وتأبى أن تظل أمينة لرجل واحد" . وقد أكدت الباحثة الأميركية (أيدا أيلين): " أن سبب الأزمات العائلية في الولايات المتحدة وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة، فزاد الدخل، وانخفض مستوى الأخلاقق

* إيجابيات نسائية :

يمر طريق الإصلاح بالمرأة ويبدأ بها، ومن ثم يجب أن تظل المرأة مختلفة عن الرجل غير مندمجة به منصهرة معه·  يقول (جول سيمون): " يجب أن تبقى المرأة امرأة ، فإنها بهذه الصفة تستطيع أن تجد سماتها وأن تهبها لسواها·· فلنصلح حال النساء دون أن نغيرها، ولنحذر من أن نحوّلهن رجالاً، لأنهن بذلك يفقدن خيراً كثيراً، ونفقد نحن كل شيء " ··

إن المرأة كما يقول الرافعي " لاتكون عظيمة إلا إذا كانت مادة الفضيلة والصبر والإيمان وكانت وحي إلهام وعزاء وقوة، وزيادة في سرور من حولها، ونقصاً من آلامهم " ·

يقول احد الدعاة :  " إن شقاء الإنسانية اليوم  بهذه الحضارة أنها صححت العقل، ولكنها أفسدت القلب، وأنها عززت العقل لكنها أضعفت القلب وأنها وسعت آفاق العلم، ولكنها ضيقت آفاق فضائل النفس والروح والقلب " ·

وفي صرخات عقلاء الغرب ومفكريه مايشير إلى أن  أسباب زوال الدول وانهيار الحضارات يتجسد في انحلال الأخلاق وفساد العلاقة الاجتماعية·

يقول الكاتب السياسي والاجتماعي الفرنسي آندريه موروا : " إن من أهم أسباب انهيار فرنسا هو تفسخ الشعب الفرنسي، نتيجة انتشار الرذيلة في أفراده" .

فكيف السبيل إلى الوقاية وحماية المنجزات الحضارية؟

تقول الألمانية (فاطمة سي لامير): " إن الاسلام دين زاخر بالحياة والحركة، وإن من واجب جميع المثقفين أن يملأوا الفراغ الروحي بالإسلام· فالإسلام لديه رسالة لابدّ أن يقولها للعالم، إنه نور بوسعه أن ينوّرالعالم أجمع" ·

يتبع ...