عبثية "التفلسف".
عبثية "التفلسف".
ومصير البشرية
م. الطيب بيتي
مغربي مقيم بفرنسا
باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس
اذا كانت الفلسفةPhilosophia بمعناها الايتيمولوجي عند الأغارقة أو عند اللاتينSapientia، تعني الحب، أو البحث عن الحكمة ،بدئا من هيراقليطس الى يومنا هذا
واذا كانت الفلسفة بمعناها العام هي"فن التفكير المنفتح والمتصل بفن العيش"
واذا كان "ديكارت" نفسه يقول "بأن ثمة "فلاسفة حقيقيون" أولائك الذين يقترن لديهم الاشتغال الفلسفي بالخلاص/ الغاية، فأين هي هذه الفلسفة ؟وأين هم هؤلاء الفلاسفة؟أم أن المتفلسفون يفقدون أسلحتهم وعتادهم، عندما يخوضون غمار معترك التأمل الفلسفي؟أم أن الأفكار الفلسفية هي "مثل الألوان والموسيقى اما أن تعجبك أو لا تعجبك "حسب تعبير"دولوز" أنظر"Qu’est ce que l’acte de creation
وبهذا المنظور فلقد أجمع علماء الحياة، بعد أن فشل الفلاسفة، ورجالات الأخلاق ،على تعريف "الخير" أو ايصاله الى النفوس بالشكل الكافي والمطلوب ،باعتبار،أن العمل الراشد على الاستجابة لقوانين الطبيعة، والارتقاء البيو- ثقافي بقيمة الانسان والحياة هو" الخير"،وأن "الشر"هو كل الأعمال الفوضوية التى تعتدي على قوانين الحياة، ونظام الكون، لتمكن للأمراض الخلقية والخلقية أن تتوارث، وللعاهات النفسية أن تتزايد، وللكفاءات العقلية أن تتسافل وتتماوت، وللبواعث الروحية أن تنضب.وتشح....
ما أروع تفاهات بعض البشر، بما يضمره البعض للأخوة في الانسانية من كراهية ،وتربص للانقضاض والتدمير، وكأني بمقولات "الفلاسفة الأنغلوساكسونيين":جون لوك ،توماس هوبز، وجون ستوارت ميل، وديفيد هيوم)"هي الأكثر تعبيرا على ما يجول في أغوارالعقليات ذات النزعة التفوقية.الذين اعتبروا" الانسان عدو لأخيه الانسان" –هوبز-وأن " الانسان ذئب لأخيه الانسان"-هيوم-
والمذهل، هو أنه قدأقيم على هذه الأطروحات الفلسفية" المضادة للانسان" Les Philosophies-Anti hommeما يسمى اليوم"بوحدانية السوق" Le monotéisime du marché ،وعبادة "الشحنة الاقتصادية"لتزج بالبشرية في "عولمة الفقر، والجوع والبطالة والجريمة المنظمة، والعنف الجماعي واليأس ،والاغتراب، و"المجاعات الجماعية" المسببة للاقتتالات في المناطق العازلة بين البشمال والجنوب الي سماها "كريستوفر روفانRuffin" ب'الليمس" Le Limes » أو" الدول العازلة".Les Etats tampons الكائنة بأعماق افريقيا.المبعدة نهائيا عن الحدود الشمالية ،والتي تعيش في تناقض تام مع حضارة وثقافة الشمال (شمال الساحل) التي.اصطلح عليها "مافيات" المنظمات الدولية " بالأراضي المجهولة" التي ترزح تحت الفوضى الشاملة على كل المستويات (ليبيريا،اثيوبيا، الصومال ،أوغاندا، راوندا، الكونغو الديمقراطي، جنوب السودان.،.. وغيرها) وفي اسيا- الكامبودج افغانستان التايلاند الهند..سريلانكا..) وأما امريكا اللاتينبة فهي الحديقة الخلفية الامريكية "الحصرية" التي ستظل ممولا لشمال القارة ومزبلة استهلاك سلعه وقيمه في آن واحد، فهي متروكة "للاتينيتها" تمرح وترقص وتلعب الكرة لتسري عن بؤسها وفقرها، ولهسترتها الدينية الكاثوليكية( اللاارهابية) المختلطة بهرطقاته وطقوسه السحرية المحلية(الفودو البرازيلي والطوطيميات الزنجية) حيث يترك أمرثقافتها الدينية "للفاتيكان" مقابل الصمت على "امبراطوريته المالية السرية( فالفاتيكان هو ذلك الحصن الحصين المالي والاقتصادي الملغوز) لانعاش "الكثلثة" عند الضرورة
وعلى هدي هذه الفلسفات، تم الاطاحة بكل القيم"الأركية" الأخرى المنافية" لقيم السوق " بتشطيبها من كل الحقول الثقافية والفكرية والابداعية،حيث تم اقصاء كل الذين ينافحون بهويتهم عن مغزى أعمق للحياة،وبايمانهم بعدم "تجزئة الانسان" و"تفكيكه" والعبث بمقدراته الانسانية
وعلى هديها أنجزالغرب أكبر قرصنة انسانية في التاريخ البشري، بخلق اسرائيل تلك"القلعة المتقدمة للحضارة الغربية ضد همجية الشرق" باحياء تراث( خرافي- مافوق قبري) بتزوير كلي للتراث البشري،وبفرض فلسفة تلفيقية لاعقلانية وتنصيبها "مرجعية" للدولة العصرية" و"ثقافة ما بعد الحداثة" كما روجت له محرقة الكتاب" والثقافة" في مهزلات المعارض الدولية للكتاب بأوروبا،بتنصيب صنم"الكتاب الاسرائلي" كنموذج للمشروع الثقافي الأمثل"للشعوب المضطهدة وللأقليات الثقافية في العالم المعاصر"كما صرح بذلك التسعة والثلاثون كاتبا ومثقفا اسرائيليا بالمعرض الدولي للكتاب بباريس، وبالقنوات التفزيونية والاذاعات المتخصصة في الثقافة مثل اذاعة "فرانس كولتور الفرنسية الدولية" France culture ، حيث غطت تصريحاتهم كل وسائل الاعلام المكتوبة وأهمها كبريات الصحف والمجلات وخاصة"لوموند الأدبيةLe monde litéraire أمام "مسخرة"و صمت ديناصورات" مصممي الثقافة بالغرب
وعلى ضوء هذه الفلسفات، يهتدي اليوم "الفلاسفة الجدد" و"اليمين الجديد" الطاغي على كل المناحي الثقافية في الغرب للتنظير "للمجتمعات الجديدة" و" الانسان الجديد" والعودة الى الاطروحات القديمة واحيائها،مثل "المعادل الذكائي" للأفراد والشعوب، و"السوسيولجيا البيولوجية" و"النخبة الأرستقراطية البيولوجية" و"المفهوم النتشوي" النخبوي المتعالي ،المولد للفاشيات في أوربا القرن الماضي" بالتركيزباستمرار على"'تهميش الحقيقية وتفكيكها " تحت تأثير"روح السوق" استجابة للأرباب الجدد"للسوبرماركت –البلزاكي -العالمي للثقافة" بخلق "مستهلكين ثقافيين جدد" باعادة استقطاب"غريب من جديد ،للعلاقات الانسانية والدولية، ضد الهويات الثقافية ،أو الدينية ،أو التاريخية ،لباقي الحضارات،" الأركية" المتبالية للشعوب، حسب مزاعمهم
وعلى الأهداف البعيدة المدىلهؤلاء الفلاسفة، تم اعادة صهرالأنظومة الغربية من جديد ، بتفعيل الدورالجديد للأطلسي" ضد "الدول المارقة حاليا" و"الدول والأمم التي تتطلع الى المروق لاحقا (مثل روسيا وتركيا والصين"استجابة للنداء الملحمي القديم للامبرياليات الكلاسيكية المتمثل في "اللحمة الأوروبية- الأمريكية الجديدة " باقامة "الصور العظيم" ضد الآخرين" بطريقة غير مسبوقة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ،على شكل الوفاق التام – ولأول مرة بين 'ألمانيا مركل" وفرنسا ساركوزي ،والولايات المتحدة -أيا كان أرباب البيت الأبيض القادمون- حيث تتجلى اللعبة القذرة" للنخب الغربية والشرقية" على العموم بمنع "القطيع البشري المدجن" من "التفكير" ومسخ عقولهم، ومسح أدمغتهم علىعدم خلط الثقافة" بالسياسة –تلك الثنائية المحظورة على الثالثيين،أي صرفهم بكل بساطة وصفاقة عن التفكير البسيط في كيفية تسييروترشيد شؤونهم الخاصة والعامة بمفاهيم ثقافاتهم، حيث يترك ترشيد البشرية للأفاقين والنصابين، والنرجيسيين، والمافويين المحليين والدوليين على قاعدة "لاتفكر هكذا ، بل عليك بالتفكير هكذا"كما خاطب معاوية المسلمين ، والغائه للشورى عندما "اخترع"الملك العضوض والتوريث-الذي بقي آفة ألافات في ثقافتنا العربية حين قال"اما ان تقبلوا خلافة هذا مشيرا بأصبعه الى ابنه اليزيد،أو عليكم بهذا - مشيرا الى سيفه
وعلى أسس فلسفات القرن التاسع عشر،الذي قرع فلاسفته أجراس الموت" للميتافيزيقا التأملية"، حين قتل "نتشه" ابن القس، اله الكنيسة وأحل محله "الانسان السوبرمان"، وتم وأدت "الميتافيزيقا" بكل وقار على يد كل من"كانط" و"برادلي"و" هيوم") مما أثار احياء "ميتافيزيقي عظيم تجلى في المثالية المطلقة لدى كل من "فخته و" هيغل" بشكل لم يحلم به الفلاسفة الذين سبقوهم ، مما أجج الصراع بين التيارين
–وعلى أشلاء حطام"المثاليات الميتافيزيقية" – التي محتها "النفعية الانجلوساكسونية" أقامت انجلترا العظمى صرح امبراطوريتها التي لا تغرب عنها الشمس ،على "المذهب التطوري" لفلسفتها النفعية اللاأخلاقية ( هربرت سبنسر وتوماس هوبز) التي روجت لمفخرة "جنتلمانات" الديموقراطيات فى العالم،بالتأكيد على "عدوانية الانسان لأخيه الانسان" وتطبيقها على شعوب القارة الأسوية باستنزاف خيراتها، وتسفيه حضارتيها الكونيتين الكبريين (الهندية والصينية) بينما ظلت"محافظة" على تقاليدها داخل جزرها،من تحاب ،وتآخ، ومساواة، واتيكيت وبروتوكولات ونظم العيش الراقي، والهندمة الأرستقراطية) ،واعلاء شان"العرق الأنغلوساكسوني" في مستعمراتها(الكومنولث) باستأصال الثقافات المحلية لاثنيات نيوزيلاندا ،وأستراليا ،وجرينلاند، وجنوب افريقيا وغيرها من المستعمرات في المحيطات عن طريق الممارسات اللااخلاقية واللانسانية.(حيث أنجزت أكبر الديموقراطيات الأوروبية واقدمهاأول " أبارتايد منظم ومعقلن" بجنوب افريقيا) ولاغرابة في ذلك ،حيث أن منهج "الاستأصال " كان دوما منقبة غربية، وتصورا" للآخرين" منذ ما بعد عصر التنوير
فقد أطلق الاسبان على ابادة هنود جنوب القارة الأمريكية "تنصيرا" -والنصارنية منهم براء- وسرقة كنوز قبائلهم "تحضرا";
واستند "الانجليزالطهرويون" الى كتاب يشوع "الابادة المقدسة" في العهد القديم لملاحقة الهنود الحمر وقتلهم وسرقة أراضيهم، كما يصورهذه المهزلة الانسانية "المؤرخ والمفكر"ترومان نيلسون" Truman N elson « the puritans of Mmassachuseets : From Egybt to the Promised Land Judaism
وعلى هدي هذه "الخصوصية "الأنجلو-جرمانو-بروتيستانتية"أستأصلت الولايات المتحدة 80/100 لأكبر قبيلة من الهنود الحمر وهي قبيلة"ال"أنكا" les Incas..في حروب ابادتها الكبرى الاولى/ بينما ابعد الباقون وهمشوا ثم حوصروا في محميات مثل الحيوانت ، واحلت محلهم مهاجرون من كل بقاع العالم، من مختلف الثقافات والأصول لا تجمعهم الا رابطة الرغبة في الثراء السريع، معظمهم من الايطاليين والايرلانديين والالمان والاسكننافيين والبورتوريكيين، والمكسيكيين ومن العبيد السود المستوردين مثل البهائم والبضائع الرخيصة من مجاهل افريقيا السوداء
وعلى أنوارهذه الفلسفات ،أقيمت ثقافة وحضارة تمثل قواعدها الأساسية =المخدرات، والأسلحة أوالدعارة المنظمة،حيث يعادل رقم المخدرات في الولايات المتحدة في الضخامة نظيره لصناعة السيارات والصلب ، ويعتبر الشعب الامريكي ، من أ كثر الشعوب اقبالا علي المخدرات وثقافة الخنا والمغني الهستيري البذئ ،بسبب تفاقم البطالة والاقصاء"واللامعنى واللاغاية" واللاهدف" حيث يبحثون عن كل شيئ ولا شيئ، فالكل يبحث عن "السعادة الموعودة" في بلد" الحريات" –شريطة ألا يفكرون، بل يتستهلكون فقط- مما جعل الفيلسوفة الفرنسية "سيمون فيي"Simon weil(1909-194(وليست "سيمون فيي" الوزيرة السابقة اليهودية المتصهينة في حكومة جيسكار، وميتيران") التي كانت رفيقة الجنرال دوغول في المقاومة تقول آنذاك"...ان "أمركة" أوروبا ستهيئ بدون شك"أمركة" الكرة الأرضية ...وستفقد الانسانية ماضيه
ان فلسفات مثل هذه، مهما كنا –نحن الثالثيين المستضعفين- انتقائيين سلبا او ايجابا ،مدا أو حزرا حيالها،اوحتى لو سلمنا جدلا" بأننا برارة، وحثالة، وسلبيين ، -حسب زعم الغرب- فلا يمكن لغرب كهذا غارق حتى النخاع في تناقضاته العديدة، الا أن يفرض نفسه بالعنف(وما تبث تاريخيا أنه فعل العكس) ،فنرجسية الغرب تجعله عاجزا ومكبلا عن اعادة تقييم نفسه ،والدليل على ذلك هو محوه و محاربته لأكبر ثقافة نقدية شمولية –من داخل الأنظومة الغربية نفسها- مبنية على الدليليكتيك والعقلانية وهي الماركسية، وقد تم ذلك في فترة وجيزة بالمفارنة الى الملايين من البشر الذين قدموا قربانا على مذبحتها لتحقيفها
واذا اردنا ألا نحقر عقولنا، فما علينا الا أن نتقبل المزيد من هذيان الغرب وهسترياته"ووجهنا معفر بالتراب"- حسب احدى تعابير البير كامو المفضلة- بمعنى القبول بالمزيد من البشاعة الكونية ،مادامت عوالم الحنوب "منح لها دور "البراربة الجدد" في مواجهة الشمال المفترض أنه موحد ، امبراطوري ، يمتلك القيم العالمية للحضارة الليبرالية الديمقراطية" حسب تحليل الحرفي ل " جون كريستوفر روفان".RUFFIN jean- christophe l’empire et les nouveaux barbares الامبراطورية والبرابرة الجدد