سيكو أقدم أصدقاء النيل
نصر القوصى
مع حكايات زمن الماضى الجميل وأيامه الهادئه الريقه يتذكر محمد حسن عبد الموجود والملقب ( بسيكو ) عندما ترك قريته بمدينة قوص منذ أكثر من نصف قرن , والتى كان يعمل بها مزارعا بعد خلافه مع أسرته وإتجه الى الأقصر فلم يكن فى حسبانه أن يترك البر وحياته ليعيش فى البحر ويصبح من أهله (مركبى )
بدأ عم ( سيكو) فى سرد قصته مع البحر قائلا حياتى كلها فى البحر فأنا أعشقه منذ أن وصلت الى الأقصر فى منتصف القرن الماضى فقد عملت فى البدايه على مركب شراعيه كبيره ( بابور ) كانت ملك الخواجه كانت تعمل فى نقل الكاكولا من أسيوط حتى أسوان ثم عملت فى مختلف البضائع سكر – بصل – غلال – بعد أن صارت ملكيتها لأحد المصريين فلم تكن هناك وسيله آخرى لنقل البضائع فى ذلك الوقت ويضيف عمى ( سيكو) أن حياة البحرأكبر معلم للصبر فالسفر كان وقتها يستغرق من 10 الى 15 يوما وربما شهور سواء من والى شمال وجنوب الأقصر ونحن ما بين السماء والبحر وحولنا الجبال فى أنتظار الريح فقد كنا نربط بالمركب على ضفة النيل الى أن يشاء الله فلم يكن هناك جرار كما هو الآن يقوم بسحب المراكب عندما يكون البحر منخفض أو الرياح (غير مواتيه ) ويقول لذلك كنا نأخذ معنا فى السفر ذادا وزوادا ( خزين ) من مستلزمات الحياه أكل وشرب وكنا نقوم بأعمال الطبخ بأنفسنا وعم ( سيكو ) جاوز الآن الثمانين عاما من عمره إلا أنه يحتفظ بصحته ونشاطه كما يتباهى بأنه يسمع دبة النمله ويرى ثقب الإبره كما أنهى حظه من التعليم عند ( الكتاب ) وعلى حد تعبيره على أيام الملك فاروق ماكنش فيه مدارس غير أنه يحفظ من اللغه الإنجليزيه ما تتطلبه المهنه فى نقل الأجانب وعن حياته الأسريه يقول تزوجت منذ أن كان عمرى التاسعه عشره تقريبا ورزقنى الله من البنين والبنات أربعه وعندى الآن من الأحفاد أثنا عشر حفيدا
ويعود الى حياة البحر مره آخر ذاكرا بأنها لم تكن حياه هادئه مائه فى المائه فقد كانت أيضا تحمل الأخطار فى بعض الأحيان ويحكى عن أحد المواقف التى تعرض لها بأنه وأثناء نقله لبضاعه الغله (حبوب ) من مدينة جرجا الى أخميم جنوب مصر 1945 وعندما كانت ترسو المركب إقتحمها بعض اللصوص بمركبهم الصغيره وتحت تهديد السلاح سرقوا ما يملاء مركبهم من كل ما هو موجود بالمركب وبعد حبسنا داخل كبينتها
( الخن ) ومثل هذا السطو كان يحدث وبكثره فلم تكن هناك شرطه لحماية المراكب ويسترسل فى حديثه قائلا بعد سنوات كثيره من العمل فى نقل البضائع المختلفه زرت خلالها جميع محافظات الجمهوريه من القاهرة الى أسوان أشتغلت مع ( المعرفين ) وهم أصحاب المعديه وملاكها الى وقت قريب والتى تنقل الأقصريين من الشرق الى الغرب والعكس بعرض النيل من خلال المركب ( أبو الحجاج ) كانت تسع300 فرد وتعد أول مركب كبيره تعمل فى المعديه بعد أن كان يتم نقل الناس وخاصة يوم الثلاثاء بمركب شراعيه صغيره تعمل بالمقداف وتتوقف باقى الأسبوع إلا من تعدية شخص أو أثنين على حسب الظروف فقد كانت أعداد الناس بسيطه وقليله والتى توالت بعدها العديد من المراكب الكبيره مع زيادة البشر
وعن تلك الأيام يقول كانت أيام جميله والعمل فيها مربح للغايه كنت أتقاضى أجر 8 جنيه ( أيام ما كان الجنيه جنيه ) كما أننى قمت بتعدية العديد من كبار الشخصيات والرؤساء والزعماء فلم يكن هناك وسيله آخرى مثل هذه الأيام لنقل الرؤساء والزعماء الى البر الغربى للأقصر أتذكر منهم الزعيم والرئيس الراحل عبد الناصر وموشى د يان أثناء زيارته الى الأقصر مع الرئيس أنور السادات بالإضافه الى رؤساء ووزراء كل من ألمانيا – وأسبانيا – وروسيا – بلجيكا – وفرنسا والعديد من الممثلين ورجال الفن المصريين والأجانب
ويضيف كنا نقوم أيضا بعمل رحلات فسحه فى النيل لأفواج السياحه التى تأتى عن طريق البواخر فناخذهم الى دندره أو الواحات ونعد لهم حفلات السهر والغناء كان يقوم بها الريس متقال والآن فرقته وأبنائه فى المهنه ويذكر فى نهاية حديثه قصة طريفه حدثت له ويتذكرها جيدا عندما جاء القرار بتغير المليم الى قرش وقام هو بتغير إحدى عشر زكيبه
( شوالا ) للنقود من وزارة الماليه بالقاهرة بعد رفض فرع البنك بقنا تحويل هذا المبلغ الكبير وسرعان ما أصبح حديث الصحف والتليفزيون فى ذلك الوقت والتى لقبته بمليونير الصعيد بعد ظن المسئولين أنه من متسولى السيده زينب والحسين لضخامة المبلغ.