إنهم يذبحون الشعب واللغة العربية
أ.د/
جابر قميحةالشعار في اللغة : ما وليَ الجسد, -أي ما: التصق به- من الثياب, وهو ما نسميه بالملابس الداخلية. والشعار كذلك: علامة القوم في الحرب, وهو ما ينادون به ليعرف بعضهم بعضا. وهناك هدف آخر للشعار هو الاستنهاض والتحميس» فالنداء -أو الهتاف- الجماعي يبعث في النفوس الحمية والحماسة والتوهج, ويحثها علي التقدم في شجاعة وبسالة.ولأمر ما كان الرسول صلي الله عليه وسلم وكذلك قادة المسلمين حريصين علي أن يكون للجيش شعار موحد. وقد تتعدد الشعارات إذا ضم الجيش قبائل متعددة, ولكنها تدور كلها في الفلك الإسلامي:- فكان شعار المسلمين في بدر: أحد.. أحد.. (وهو شعار يشير إلي «التوحيد» وهو قاعدة القواعد).- وكان شعارهم في أحد «أمِتْ.. أمتٍ» (وهو شعار يحتمل معنيين: الأول: أيها المسلم أمت عدوك.. أي: تشجع في القتال واقتله, والثاني: دعاء إلي الله أن يهلك الأعداء.-وكان هو نفس الشعار الذي اتخذه المسلمون بعد ذلك بسنوات, وهم سرية وجهها النبي صلي الله عليه وسلم لقتال بني الملوح.- وكان شعار المسلمين يوم الخندق «فهم لا يُنصَرون».- وكان شعار المسلمين يوم غزوة خيبر «الله أكبر, خربت خيبر».- وتعددت شعارات المسلمين يوم فتح مكة وحنين والطائف:
أ- فكان شعار المهاجرين: يا بني عبدالرحمن:
ب- وكان شعار الخزرج: يا بني عبدالله.
ج- وكان شعار الأوس: يا بني عُبيٍد الله.
***
وقد رأينا أن الشعار أيام الرعيل الأول من المسلمين، لم يكن مجرد عبارة مكتوبة، أو هتاف تعلو به الحناجر، ولكنه كان إعلانًا نابعًا من القلوب، يبين عن التزام عملي صادق بالانتصار للحق، وإعلاء كلمة الله، والاستهانة بالموت، والثبات على الإيمان واليقين.
وفي مصر: قامت الثورة سنة 1952م، فملأت على الناس حياتهم بالشعارات، وعلى أوسع نطاق نشرت السلطة شعار "الاتحاد، والنظام والعمل المتواصل ، وهو شعار سلوكي عملي "لو تحقق" على كل المستويات، وأخذ الناس أنفسهم به حكامًا ومحكومين ـ لحققنا من التفوق والتقدم والانتصارات الكثير والكثير.
ولكن المسألة كانت جعجعة بلا طحن.. كلامًا في الهواء، للإيهام والدعاية، والاستهلاك المحلي لانعدام القدوة الحسنة في الحكام الثوريين الذين دب الشقاق في صفهم، فشقه، واصبح التآمر هو سيد الموقف، فتخلص عبد الناصر من محمد نجيب القائد الحقيقي للثورة، ومن أبطالها الحقيقيين من أمثال عبد المنعم عبد الرءوف، وأبي المكارم عبد الحي، ويوسف صديق، ونجح عبد الناصر وبطانته في زرع روح الرعب في نفوس الشعب، وهيمنت كذلك ـ بفعل الخوف ـ روح اللااكتراث واللامبالاة.
ونشأت طبقة جديدة هي، طبقة الضباط العظام، الذين نهبوا القصور الملكية، وأموال الحراسات، وتحكموا ـ هم وأقاربهم ـ في أعناق الشعب، وتحكموا في الاستيراد، والتصدير، والتجارات، والتهليبات، وأصبحوا هم الوساطات النافذة لتخطي القوانين، وتحقيق المعجزات.
أما النظام فقد نسينا شكله ومضمونه في الشوارع والمصانع، والمتاجر، والدواوين الحكومية.
وأخيرًا، أثبتت الإحصاءات الرسمية أن متوسط "ساعات" العمل اليومي للعامل المصري هو 28 دقيقة في اليوم، فالأصح إذن أن نقول "متوسط دقائق العمل اليومي".
فأين الاتحاد.. والنظام.. والعمل .. يا مفجري الثورة الميمونة؟!
***
ومن الشعارات الثورية التي ولدت ميتة؛ لأنها كانت كذلك تناقض الواقع الذي تعيشه الأمة ـ شعار "لا صوت يعلو على صوت المعركة"، وهو شعار غريب غامض؛ اتخذ ذريعة لإخراس كل نقد نزيه، وإلغاء صوت العقل والضميرلا، وإلقاء المخالفين في غيابات السجون.
فإذا كان للمعركة صوت، فقد كان هناك صوت أخر يعلوه، ويتفوق عليه هو صوت الظلم والاستبداد، والحكم الفردي المطلق الذي لا يسأل عما يفعل.
***
وكان لا بد لهذا الشعار من شعار آخر يسانده، فكان شعار "الحرية للشعب" ولا حرية لأعداء الشعب، والثوريون ـ أبناء الميمونة ـ لا يقصدون بأعداء الشعب الأمريكان، أو الملاحدة، أو التهليبيين، أو قطاع الطرق، ولكنهم يقصدون بأعداء الشعب معارضيهم، وناقدي سياستهم التي جرت الوطن للخراب، والمتمسكين بدينهم وقيمهم فلم يسايروا الحكام في تمجيد حماقاتهم، وحرق بخور النفاق تحت أقدامهم فهؤلاء ـ في نظر أبناء الميمونة لا يستحقون أن يتمتعوا بالحرية، ومثواهم السجون، وعقباهم القتل والتشريد، وقطع الأرزاق.
أما الشعب الجدير بالحرية ـ في نظر أبناء الميمونة ـ فالمقصود بهم بطانات السوء، والمنافقون والمهرجون والمطبلون والراكعون الساجدون لفراعين الميمونة.
***
وكان أشهر شعار ساداتي هو "لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة"، ولا يكاد خطاب واحد من خطاباته يخلو من هذا الشعار. ويشاء الله أن ينتفض السادات نفسه شعاره هذا بإدخاله الدين في السياسة، فقد كان يختم كل خطبة "سياسية" من خطبه بقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران: 8).
***
وبعد هذه المسيرة جاء دورنا مع النظام المباركي، والحزب الوطني، وشعاراته. فقد فجأنا هذا الحزب بشعار "فجر جديد"، وقرأنا عن شعار "العبور الأول"، وعن شعار "العبور الثاني". وطبعًا لم نفهم شيئًا. وحولهما سرت في الشعب نكتة خلاصتها: إن مفكرًا كبيرًا ذهب إلى صفوت الشريف، وقال له: لك مني عشرة آلاف جنيه، ولو فهمتني الفروق الموضوعية بين العبور الأول والعبور الثاني.
فقال له صفوت: لا، لا فهِّمني أنت وخذ مني عشرين ألف جنيه.
***
لحد هنا وماشي لغويًّا، وكأنما عز على كبار الوطني من الجماليين والصفوتيين والشهابيين، ألا تظلم اللغة العربية، فكان الشعار الأخير "مصر بتتقدم بينا". وهو للحق شعار واقعي من الناحية العملية، فمصر تتقدم وتتقدم برجال الحزب الوطني، ولكنها للأسف تتقدم إلى الوراء، وتعلو ... وتعلو ... ولكن إلى الهاوية.
ويسخر المستشار مرسي الشيخ- رئيس مجلس أمناء مركز العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان- من شعار الحزب الجديد (مصر بتتقدم بينا) قائلاً: "ربنا يهنيهم بمصر"، مؤكدًا أن الإعلان عن مشروع مصر النووي في هذا التوقيت ليس إلا محاولةً لإدخال الشعب في حلم جديد، بعيدًا عن الفقر والقهر والاستبداد، متسائلاً عن أي تقدم حققه الحزب الوطني؟!
وأشار الشيخ أنه في حكم الحزب الوطني زاد الإقطاعيون أكثر من قبل ثورة يوليو، مؤكدًا أن المال الفاسد هو الذي أصبح يتحكَّم في البلد، ويسير بنا إلى الوراء، بعد أن استولى الحزب الوطني على مدَّخَرات هذا الوطن وسرَق خير هذا البلد، وعاث فيه فسادًا.
ويؤكد أن الشيء الوحيد الذي تتقدم فيه مصر هو زيادة عدد قوات الأمن المركزي الذي وصل إلى مليون ونصف المليون، في مقابل أن يتراجع الجيش المصري الذي لا يتجاوز 600 ألف جندي، واصفًا هذا التقدم بأنه تقدمٌ عشوائيٌّ يتسم بحالة من اللا وعي، مشيرًا إلى انعدام دور مصر السياسي في الشرق الأوسط أو في السودان أو في شمال إفريقيا.
وأضاف الشيخ : إننا نرفض التقدم بمثل هذا الحزب الذي خرَّب مصر، فهو لا يصلح أن يقود دابةً عن أن يقود سفينة وطن.
وأقول دعك من هذا فهي بديهية حقيقية يعرفها المواطنون جميعًا، ولكن أنا أقف أمام بتتقدم، وأمام بينا، لماذا لا تكون مصر تتقدم بنا، أو تتقدم بنا مصر؟ لماذا نلجأ إلى العامية، وليس هناك داعٍ لذلك، أم هل أراد رجال الوطني أن يجذبوا الشعب إليهم، بهذه اللهجة العامية؟ أنا أقول: هذا تفكيرٌ غير سوي؛ لأن هذه اللهجة هي لهجة شمال مصر، وهذا يغضب الصعايدة؛ لأن إرضاءهم يكون بجعل منطوق الشعار: "مصر بتتجدم بينا" . على أية حال هو عمل غير موفق، ونرجو ألا يكون شعارهم القادم "بص شوف أحنا بنعمل أيه". "بص شوف أحنا بنعمل أيه".
لقد نسي هؤلاء أن اللغة هي هوية الأمة، وأن من أهم وسائل الاستعمار فرض لغته على الأمة التي يستعمرها، كما حاولت فرنسا فرنسة الجزائر بمحو اللغة العربية، ولكن اللغة العربية ـ لما تتميز به من فرائد في اللغة , ولارتباطها بالمعطيات الدينية، وبصفتها لغة القرآن ـ ظلت باقية لا تموت.
وفي المأثور المنسوب لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أيها الناس إن الرب واحد، والأب واحد، وليست العربية بأحدكم من أم وأب، إنما العربية هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي".
ويقول الدكتور محمد جابر الأنصاري: "وإذا صح هذا المأثور كحديث نبوي مثبت، أو قول تراثي متداول، فإنه يمثل المفهوم الذي اعتمده العرب لعروبتهم منذ مرحلة التكوين، وهو مفهوم يتفق إلى حدٍ كبير مع الفهم العصري لدور اللغة في تكوين القومية".
وللأسف لم يرقى كبار مفكري الوطن وخطابئهم إلى مستوى الرجل البدوي الذي نزل إلى سوق البصرة، فوجد الناس يلحنون (أي يخطئون في ضبط الكلمات) فصرخ وقال: يالله كيف يلحنون ويرزقون ؟؟!! "أي أنه يدعو الله أن يعاقبهم لهذا الخطأ اللغوي بقطع الرزق".
كان ذلك من ألف عام وزيادة.. ولو بعث هذا البدوي في عصرنا لرأي من الناس من ينهبون.. ويهبشون ويغدرون.. ومع ذلك يُرزقون، فمن رحمة الله بعباده أنه يرزق المؤمن والكافر، والبر والفاجر.
وعفوًا إذ أقول للمرة الثانية: "دعك من هذا أيها القارئ فالسقطة اللغوية الخطيرة للحكومة المباركية، وحزب الأغلبية هي إطلاق كلمة "انتخاب" على ما سيحدث بالنسبة للمحليات يوم 8/4/2008م؛ لأن كلمة "انتخاب" مصطلح سياسي لا يصدق على "عملية" 8/4/2008م.
فالانتخاب لغة معناه "الاختيار من متعدد" أقول: انتخبت من الورد وردة حمراء. أي اخترت واحدة حمراء من بين ورد متعدد الألوان.
وهناك إجماع في كل المعاجم القديمة، والحديثة على هذا المعنى "الانتخاب يعني الاختيار" . وإن زاد بعض المعاجم الحديثة على المعنى اللغوي ـ الذي هو الأساس ـ المفهوم السياسي كمعجم الوجيز إذ أضاف: "الانتخاب إجراء قانوني يحدد نظامه ووقته، ومكانه في دستور أو لائحة ليختار على مقتضاه شخص، أو أكثر لرياسة مجلس، أو نقابة، أو ندوة، أو لعضويتها، أو نحو ذلك".
وواقعنا في مصر المحروسة يقول: إن أعضاء الحزب الوطني "حزب الأغلبية!!" انفردوا بالترشيح وحرم منه الإخوان المسلممون الذي كتب عنهم أحد المراسلين الفرنسيين: "الشارع المصري الآن ليس فيه إلا الإخوان المسلمون، وآخرون بلا فاعلية".
ومن ثم لا تعدد يسمح للمواطن بأن يختار صاحب الأيديولوجية التي يرجحها،أو الشخصية التي يحبها، وما عليه إلا الإقرار بالمفروض الموجود إذا أراد أن يعطي صوته.
لذلك كان الصحيح أن تسمى هذه العملية "لا انتخاب المحليات. ولكن الإقرار والاعتراف بأعضاء الوطني للمحليات".
وهي عملية لا ترقى لمستوى الاستفتاء؛ لأن من حق المواطن في الاستفتاء أن يقول "نعم" أو "لا" أما في هذه العملية الغريبة، فهو لا يملك ـ إذا ذهب ليصوت ـ إلا أن يقول نعم فقط.
وهذه الحقيقة المرة تدفعني أن أخاطب مرشحي حزب الأغلبية بأبيات هي أول ما نطلق به طرفة بن العبد، ويقال أنه كان مع عمه في سفر وهو صبي، فنزلا على أرض معشبة فيها ماء ويكثر فيها طيور القنابر، فنصب فخه، ونثر حوله حبًا حتى يصيد فخه واحدة، ولكن انقضى النهار بطوله دون أن يصيد شيئًا فرفع فخه لينصرف مع عمه، فرأي القنابر تحط على الحب، وتلقطه فقال مخاطبًا إياها (وهو أول ما نطق به من الشعر) :
يـا لك مـن قبـرة بمعمــر
خلا لك الجو فيبيضي واصفري
ونقري مــا شئـت أن تنقري
قد رحـل الصياد عنك فابشري
ورفـع الفخ فمـاذا تحـذري؟
لا بد من صيدك يومًا فاصبري
نعم والله ما قرأت هذه الأبيات إلا وتصورت أنني أخاطب نخبة الحزب الوطني الذين آثروا الدنيا على الآخرة، واعتقدوا أن الحال لن يحول.. وأن الوضع قائم بلا تغيير أو تبديل، ونسوا القول المأثور "لو دامت لغيرك ما انتقلت إليك". وأن "بقاء الحال من المحال" يا ليتهم يلقون نظرة على أبيات الصبي الصغير "طرفة بن العبد" وخصوصًا البيت الأخير:
لا بد من صيدك يومًا فاصبري
إن حرمان الإخوان من حق الترشيح للمحليات يعد جريمة في حق الخُلق، وحق الوطن، وحق المواطنين، وسابقة لا وجود لمثلها في التاريخ المصري كله.. بل في تاريخ أية دولة في العالم.
ومما يؤسف له أن بعض كبارهم يرددون في جلساتهم المغلقة أنه إجراء لحماية الشعب من جماعة "محظورة"، عاشت على الإرهاب. وكل عاقل في مصرنا المسحوقة يدرك تمامًا أن الشعب في حاجة إلى الحماية من النظام القائم، وعتاولة الحزب الوطني.
ورحم الله جمال الدين الأفغاني (1839-1897) لما رأي المستعمر الإنجليزي يستبيح أرض الهند ومصر وغيرها بحجة حماية شعوبها من أعدائها فزرع في قلوب الناس الرعب, واستنزف الثروات, ونشر الفساد والسقوط, كان يقول لتلاميذه إنه كالجارية الدميمة الكالحة التي كانت تحمل الوليد الرضيع - ابن سيدها - وتسير به بعد الغروب فأخذ يبكي فتحتضنه, وتقربه من وجهها القبيح الكالح, وتقول له في حنان: لا تخف من الظلام با بني, فأنت معي. يقول جمال الدين: ولو أبان هذا الرضيع في الكلام لقال: «أنا لا أخاف من الظلام, ولكن أخاف من وجهك الكالح الدميم». ودلالة الحكاية لا تحتاج إلي توضيح.
وحرمان الإخوان ـ عمليًّا ـ من التقدم للترشيح في المحليات سبقته كما نعلم حملات ضارية جدًّا من أعضاء مدرسة المستنقع.
وإن الإنسان ليصاب بالغثيان وهو يقرأ لسرايا الأهرام "... وتواجهنا من الجهة الأخرى مشكلة الإخوان المسلمين، أو أعضاء الجماعة المحظورة، والذين يهددون الاستقرار المصري، وقد شهدنا خلال الأيام الماضية القبض على بعض خلاياهم التي تمارس الإرهاب وتثير القلاقل وتقف عقبة أمام الإصلاحات السياسية المصرية، ونتركهم لأجهزة التحقيق التي نثق بعدالتها".
"...إنه جزء من تاريخهم وبعض من جرائمهم التي يجب أن يعرفها شباب مصر الذين يحاول البعض إيهامهم بأن الحكم الحالي يضطهد الإخوان باعتباره منافسًا له، وتلك أكذوبة كبرى يجب تعريتها، فالحقيقة أنه لا الحكم الحالي، ولا الحكومات السابقة اضطهدتهم. وإنما هم الذين اضطهدوا المجتمع عندما حاربوه منذ أكثر من ستين عامًا، ولم يتغير سلوكهم في مختلف العهود من العهد الملكي ومن حكومات النحاس والنقراشي، وأحمد ماهر إلى عبد الناصر، والسادات، وصولاً إلى الوقت الراهن".
"... وإذا كنا مطالبين بحماية تجربتنا السياسية من الأفكار الفاشية، والنازية، فإن علينا أن نواصل حمايتها أيضا من أفكار جماعة "الإخوان المسلمين" التي ترفع "شعارات ظاهرية" باسم الإسلام، فخطرها لا يقتصر على النظام السياسي وحده، فهي تستهدف هذا النظام كمدخل للتسلط على الاقتصاد،والسياسة، والمجتمع، والناس جميعًا".
(الأهرام 24 من أغسطس 2007).
***
وعلى درب سرايا نقرأ لواحد من هؤلاء الذين ماتت ضمائرهم اسمه طارق حسن، يقول بالحروف الواحد: "... وقد درج موقع الإخوان الإلكتروني على شبكة الانترنت على إعادة نشر ما يكتبونه مشايعة للإخوان، وفتح باب التعليق عليه من جانب زوار هذا الموقع، وأغلب هذه التعليقات،تكفير صريح يسوغ قتل وإهدار دم كل مخالف للإخوان، من نوع أن "دعوة الإخوان هي دعوة الله"، و "من يحارب الإخوان فإنما يحارب الإسلام، ومن يحارب الإسلام فإنما يحارب الله"؟!
مشايعي الإخوان: أرأيتم كيف، وفي ماذا. يستعملكم الإخوان ؟.
يا الله.. كيف تكون وجهة النظر السياسية هي "دعوة الله"؟!
وكيف يكون تفكير إنسان أو مجموعة بشر هو "تفكير الله"؟!
وكيف يكون الخلاف مع أي بشر "خلافًا مع الله والدين الحنيف"؟!
وكيف يمر مثل هذا التكفير الصريح دون محاسبة ومساءلة قانونية؟!".
(الأهرام 1/ 9/ 2007م).
***
ويلجأ أحمد موسى إلى التأويل الفاسد، فيرى أن الإخوان يبيحون الاغتيال من كلمات منسوبة للدكتور حبيب نصها "... الإخوان ليسوا في حاجة لاغتيال أحد، أو تصفية وزراء، أو مسئولين؛ لأنهم قاموا فعلاً باغتيال النظام سياسيًا" (الأهرام 1/ 9/ 2007).
فالمتعلم بل الأمي يدرك أن اغتيال النظام سياسيًّا، يعني: كشفه وفضحه، وطبعًا نرى موسى لايشير إلى اغتيال المرشد حسن البنا، وشنق عودة ويوسف طلعت،والطيب , وهنداوي , وسيد قطب، وغيرهم ظلمًا . ولكن يتحدث عن تاريخ الإخوان الإرهابي.. بقتل النقراشي، والخازندار.
وأقول إذا لم تستحي فاصنع، وقل ما شئت .
ولا ينسى القط أن يدلي بدلوه، فيرى الجماعة الحاقدة الموتورة هي اتي تولت كبر شائعة مرض الرئيس. (أخبار اليوم 1 / 9/ 2007م).
***
ومع ذلك أنا أدعو قيادة الإخوان إلى توجيه خطاب شكر، بل خطابات إلى الحكومة المباركية.
1ـ لأنها أثبتت قدرتها على الابتكار، فهي تعتبر رائدة في حرمان المواطنين من حق الترشيح، وهذا في ذاته نوع من التطور، ولكن إلى أسفل طبعًا.
2ـ أنها بمسكلها هذا ـ من حيث لا تقصد طبعًا ـ قامت بدعاية للإخوان ما كان الإخوان يستطيعون القيام بها، ولو كلفوها ملايين الجنيهات.
بل زادت من حب الناس للإخوان؛ لأن سلوك الحكومة هذا جاء في وقت خنقت فيه الناس برفع الأسعار، وأصبح الحال كما يقول حافظ إبراهيم"
أيها المصلحون ضاق بنا عـزت الـسـلعة الذليلة حتى وغـدا القوت في يد الناس كاليا ويـخال الرغيف في البعد بدرا إن أصـاب الرغيف من بعد كد | العيــش ولـم تحسنوا عليه بـات مسح الحذاء خطبا جساما قـوت حتى نوى الفقير الصياما ويـظـن الـلحوم صيدا حراما صاح: من لي بأن أصيب الإداما | القياما
3ـ أنها أثبتت أن الإخوان جماعة لها وجودها، وثقلها، ويخشى اشتراكها في إدارة شئون المواطنين حتى لا يفضحوا ما خلفه السابقون من أعضاء الحزب الوطني من مفاسد أصبحت للركب كما قال كبير قيادي فيهم.