الولاء والانتماء... ودور الحركة الكشفية
وهيب الصانع
كاتب وباحث - اليمن
في عام 1907 م ظهرت الحركة الكشفية ، حركة مدنية مستقلة لم يكن هدفها هو شغل وقت فراغ الفتية والشباب وتوفير فرص الترفيه والتسلية لهم .
بل ذهب مؤسس هذه الحركة التربوية " اللورد بادن بأول" إلى أبعد من ذلك .
أن فلسفة وأهداف الحركة الكشفية الإستراتيجية تسعى إلى تطوير المجتمعات إلى الأفضل عن طريق الاهتمام بالفرد وتنميته بالإسهام والمشاركة في المشروعات والخدمات التي تعود على المجتمع بالنفع والفائدة .
ومع تنامي مؤشرات ارتفاع السكان في العالم ، قد أدى إلى زيادة الطلب في منظومة الخدمات , هذا الأمر رافقه عبث في استغلال الموارد الطبيعية وتدهور ملحوظ على كافة مستويات النظم البيئية .
ورغم أن اختلال التوازن في مكونات ومفردات عالمنا قد أفرز العديد من القضايا البيئية والفكرية والقيمية التي تعد من أبرز الأساليب لتأزم المعيشة .
لذا لم تعد الجهود الحكومية قادرة على سد الاحتياجات في مجال الخدمات وتنمية المجتمع ،بل أن ما يقدم ليس بالقدر المناسب والكافي ، إذ غالباً ما تستأثر بها بعض المدن الكبيرة على حساب القرى الصغيرة أو المناطق النائية .
كما أن برامج التنمية أدت إلى تحسن مستوى المعيشة في بعض المجتمعات بينما لا نجد أي أثر لهذا التقدم في مجتمعات أخرى مدرجة بخطط التمنية للحكومات , ومن هنا جاءت الحاجة الضرورية والملحة لأهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به الحركة الكشفية في هذا المجال ليس فقط وفق أصالتها وفلسفتها وأهداف نشأتها .
بل أيضاً لتأكيد مبادئها القائمة على غرس وترسيخ القيم الروحية العالية التي تجسدها سلوكيات الشباب والنشء بعد الانخراط في هذه المنظومة التربوية المتكاملة .
أن فلسفة مناهج الحركة الكشفية تقوم بالأساس على تأكيد مبادئها من حيث أداء الواجب نحو الله بإتقان العمل ،ونحو الآخرين بتقديم العون والمساعدة ، وحتى نحو الذات بالرضا لأداء ما عليها من فروض وواجبات وأعمال .
إن الولاء والانتماء هما الركيزتان الأساسيتان لضمان تماسك المجتمعات والدرع الواقي لحماية شبابها من كل تلك الأمراض التي تأتي من الخارج أو تفرزها الظروف السياسية والصراعات الداخلية ، لذا فإن الحركة الكشفية تعمق هذان الاتجاهان نحو الطريق الصحيح من خلال المهارات والتقاليد والفنون الكشفية والتي تتميز بها الحركة الكشفية عن غيرها من الفلسفات التربوية .
وبما ان الولاء و الانتماء يتم بروحية وجدانية يتم صياغتها بلغة ذات دلالات معنوية يصعب قياسها على المدى القريب فإن الطريقة الكشفية ( الجماعات الصغيرة)
تسهم في غرس تلك القيم والمثل العليا التي جعلتها تتربع على عرش أفضل الأساليب التربوية القديمة والحديثة في العالم كونها تقوم على أساس التعلم بالممارسة .
إن فكرة التعليم بالممارسة مع الأخذ بنظام وتميز الجماعة قد جعل هذا التعلم أكثر فعالية وأكبر تفوقا وتميزا لما فيه من عناصر ومكونات هي بالأساس مطلب لكل المجتمعات وحاجة ماسة وضرورية في وقتنا الحاضر .
فعمل الشباب أو الأطفال ضمن مجموعة نشاط يجعلها أكثر تفاعلاً من أفراد مجموعته ويشعره بالانتماء لهذه المجموعة . إن نجاح أو فشل هذه المجموعة مرهون بحجم الجهد المبذول من قبل الجميع .
ولأن شعار المجموعة يقوم على " الكل يعمل وطليعة تفوز " فإنه وبنفس الوقت يزيد من درجة انتمائه لهذه المجموعة الصغيرة وبهذا يكون وبلا شك أن الكشفية قد غرست قبل ذلك قيم وعادات ( الوعد والقانون الكشفي ) لدى أفرادها , بهذه تكون أسهمت في خلق المواطنة الصالحة التي تنشدها كل الفلسفات والأيديولوجيات المختلفة .
إن نجاح هذه الفلسفة في كثير من البلدان قد جعل بعض الحكومات أن تصدر تشريعات لاعتماد الطريقة الكشفية كإحدى أفضل أساليب وطرق التعلم الفاعلة كون هذه الفلسفة تقوم على مبادئ التعلم بالممارسة مستخدمة في ذلك أحدث الطرق لإكساب المعارف والمهارات للمتعلمين .
إن أسلوب المحاكاة والبيان العملي وتمثل الأدوار وورشة العمل كلها أساليب تجعل من المتدرب حجر زاوية العملية التعليمية .
إن الحركة الكشفية حركة مفتوحة للجميع فهي إحدى مؤسسات التعليم التربوية الغير رسمية وتمتلك من المناهج والطرق والأساليب المتطورة ما يجعله الأكثر جودة والأقل جهد أثناء التعلم , إنها برامج متكاملة تسهد الأسهم في خلق المواطنة الصالحة وبث روح الطوعية بين أعضائها ،نشئ ، شباب ،وراشدون .
إن الحركة الكشفية هي الأكثر مرونة في التعامل مع الثقافات والمعتقدات ،لأن روحها ينبع منه كل القيم السامية النبيلة التي تنادي بها وتنشدها الديانات السماوية والأيدلوجيات الإنسانية .
هذه بعض من أقوال اللورد بادن بأول مؤسس الكشافة العالمية
ü هناك قادة يولدون قادة وهناك قادة يتعلمون القيادة وهناك قادة لن يصبحوا قادة .
ü إننا نريد أن يتمتع الجيل الجديد باتساع الأفق .. ويعمل على نشر مبادئ الأخوة والاعتراف بأننا إخوة من أب واحد مهما كانت الأديان أو الأعراق أو الدول.
ü يجب أن نعالج أسباب نشوب الحروب والعمل على نبذها ونشر السلام .. ويجب إعداد الجيوش للدفاع فقط وليس للاعتداء
ü قم بواجباتك أولا .. و ستحصل على حقوقك بعد ذلك