سنة كبيسة .. وفكر كابوسي

سنة كبيسة .. وفكر كابوسي

صبحي غندور*

[email protected]

ولا أعلم إنْ كانت هي مصادفةً أم قراراً عن سابق تصوّر وتصميم، أن تحصل انتخابات الرئاسة الأميركية دائماً في "سنة كبيسة"، كما هو مصطلح على تسميتها باللغة العربية عندما يصبح عدد أيام السنة 366 يوماً بدلاً من 365.

النّاس والنّار والمياه

وربّما يكون أصلح مثال على تنوّع الفكر المعتدل ضمن وحدانية المنهج هو ما ورد في القرآن الكريم ( في الآية 12 من سورة فاطر) عن الاختلاف في مياه الأنهار والبحور بين "عذب فرات" وبين "ملح أجاج"، لكنّهما يشتركان في خدمة الإنسان (رغم تناقض طبيعة مذاقهما) من حيث توفير اللحم الطري والحلي ووسيلة الانتقال:

"وما يستوي البحران هذا عذبٌ فرات سائغٌ شرابُه وهذا ملحٌ أجاج، ومِنْ كلٍّ تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حليةً تلبسونها، وترى الفلكَ فيه مواخرَ لتبتغوا من فضلِه ولعلّكم تشكرون".

فالاختلاف هو سنّة الخلق وإرادة الخالق، بينما دعاة التطرّف اليوم (وهم أيضاً ينتمون إلى أديان وشعوب مختلفة) يريدون العالم كما هم عليه، و"من ليس معهم فهو ضدّهم"، ويكفّرون ويقتلون من ليس على معتقدهم حتى لو كان من أتباع دينهم ومن قومهم.

هو فكر كابوسي جاهلي يستفيد حتماً من أيّة شرارة نار يُشعلها متطرّف آخر في مكان آخر، فالحرائق تغذّي بعضها البعض، لكن النار مهما احتدّت وتأجّجت، فإنّها ستأكل في يومٍ ما قريب ذاتها، حتى لو تأخّرت أو تقاعست عن دورها قوى مياه الإطفاء هنا أو هناك.

عسى أن تكون أيضاً هذه السنة الكبيسة بداية لأفول عصر الفكر الكابوسي!

              

*(مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن)