أنا لا أفكر إذن أنا موجود
أنا لا أفكر إذن أنا موجود
محمد المهدي السقال
القنيطرة / المغرب
[email protected]
لن أذهب بعيدا في عرض مضمون القولة التي أتبناها و أعتبر نفسي رهنا لها
إلى إشعار آخر ، رغم عدم تمكني من ترجمتها إلا في الخربشات التي أنسجها
عبر السرد خاصة
.
لو قرأت معي الجملة من اليسار إلى اليمين ،مع ما تستدعيه من استبدال
لاستقامة الدلالة المراد توضيحها ، فإنك ستخلص إلى
البنية العميقة التي
تتأسس عليها الدلالة ، ارتباطا بالواقع و ما يتناسل
فيه من أسباب النزول .
أنا موجود إذن أنا لا أفكر
.
بين الوجود وعدمه ، وبين التفكير ونفيه ، يتمحور مكون الأنا / الذات، بكل
حمولتها الذهنية المتعددة الأبعاد في الزمان و المكان ، و الأنا / الذات
المركبة من الوعي واللاوعي ، ليست حاضرة بالفعل إلا
من خلال الغياب
بالقوة، ذلك أن القبول بالتواطؤ على النفي من أجل الوجود ، بما يستتبعه
ذلك من إلغاء التفكير ، يؤطر القولة ويحكم سياقها ،
بحيث يتحقق واقعا
إثبات الوجود بنفي التفكير
.
يمكن التمثيل على ذلك بالكائن السياسي في التركيبة الذهنية ، أليس النزوع
نحو إثبات التفكير بما يحتمله من تبعات مدخلا لنفي الوجود ؟ أليس القبول
بنفي التفكير مدخلا لإثبات الوجود ؟
لكن يبقى السؤال الجوهري : عن أي تفكير مراد بالنفي نتحدث لإثبات الوجود؟ بل عن أي
وجود مراد بإثبات الوجود نتحدث لنفي التفكير ؟
أما بعد ، فأنا لا أفكر إذن أنا موجود ، ليست إلا خلاصة تجربة في حيز
زمكاني ، وبالتالي ليست بالضرورة منطقا يمكن أن
ينسحب على المعقول ،
مادامت شروط التجربة في سياقها الموضوعي ، لا تنتج المعنى إلا ضمن
اللامعقول / العبثي
.
إضاءات
*************
-
ثمة إجماع على أن الإنسان بطبيعته
محمول على التفكير ،
بل يمكن اعتباره المؤشر الدال على حقيقة وجوده المتحيز في الزمكان،
وحتى لا نغرق في التجريد الفلسفي للنشاط الفكري ،
يمكن حصر الإشكالية في إطار العلاقة بالواقع المادي
، ما دمنا نبحث عن
بديل لنفي الوجود غير الفاعل في حضور التفكير
المفرغ من أية قيمة مضافة
لمعنى الوجود
.
ألسنا نعاني من هوة الانفصام بين تفكير ما و وجود ما ؟
أتصور أننا لا نستطيع الاعتراف بأن ثمة وجودا ، إلا من خلال الإقرار
بتغييب للتفكير . على الأقل في السياق التاريخي
الذي يحكم هكذا تفكير أو
هكذا وجود
.
-
بالنسبة للبحث عن كوجيتو عربي ببعده الفلسفي ، أتصور أن ثمة حدودا
يرسمها الإطار الفكري للنشاط الذهني العربي ، باعتبار ما يصله بالمنظومة
الدينية خاصة . وبالتالي ، فسؤال الوجود من عدمه في
علاقته بالتفكير ،
يبقى مرهونا بطبيعة الخلفية المتحكمة في الإطار.
أما '' هيجل '' الذي وجده '' ماركس '' يمشي على رأسه ، بسبب ماديته
المثالية ، أو '' هيدغر ' الذي طبع الوجودية بميسم
النزعة الإلحادية ، فلا
أتصور أن فلسفتيهما مسعفتان في البحث عن كوجيتو
عربي ، لسبب أعتبره منطقيا
، يعود إلى اختلاف السياقات
الفكرية والتاريخية التي أنتجت تصوراتهما عن
الوجود.
لقد أشرت إلى شرك السقوط في المتاهة الغربية ، لكنه أمر وارد حتى في
محاولة التعاطي مع الإشكالية الوجودية من منظور
شرقي بمنظوره التاريخي،