إسرائيل في مواجهة شرق أوسط مختلف
إسرائيل في مواجهة شرق أوسط مختلف
رندة حيدر
التغييرات الكبيرة التي تجتاح الدول العربية لم تعد تسمح لإسرائيل بالاستمرار في العيش داخل فقاعة مصطنعة من الامن والاستقرار بنتها حول نفسها. ولم يعد في وسع إسرائيل اعتبار تفكك دول معادية لها مثل العراق وسوريا بمثابة ربح خالص لها لأنه يعني استبعاد خطر شن حرب عربية نظامية عليها، بل صارت له الآن دلالة أبعد وأكثر تعقيداً بعد اعلان تنظيم "الدولة الإسلامية" سيطرته على اجزاء من العراق وسوريا، وفي ظل الخطر الحقيقي الذي تمثله الايديولوجيا الجهادية على إسرائيل على المدى البعيد.
تعقّد الصراع الدائر اليوم وتداخل مصالح الاطراف المتورطين فيه أوجد وضعاً صعباً وشائكاً، وبات يتطلب رؤية استراتيجية مختلفة. ووقت يتمسك المسؤولون الإسرائيليون العسكريون منهم والسياسيون، بثوابت السياسة الإسرائيلية التقليدية سواء في تصنيفهم للأعداء والاصدقاء أو في تحديد مصالحهم الامنية، بدأت تبرز اصوات في مراكز الابحاث الإسرائيلية تدعو الى البحث عن تفكير استراتيجي مختلف لمواجهة المتغيرات والخروج من القوالب التقليدية الجاهزة.
على صعيد محاربة تنظيم "داعش"، برزت مواقف إسرائيلية لافتة تدعو الى اعادة النظر في السياسة المعتمدة ضد المحور الشيعي الذي يجمع إيران وسوريا و"حزب الله" والذي تسميه إسرائيل "محور الشر" وتخوض ضده منذ أعوام حرباَ شرسة. ففي رأي الباحث غابي سيبوني في معهد دراسات الامن القومي أن ثمة اليوم مصلحة مشتركة لإسرائيل وهذا المحور هي في محاربة "داعش" والقوى السنية المتشددة، وهذه المصلحة يجب ان تدفع إسرائيل الى التفكير في سبل للتعاون السري الاستخباري مع هذا المحور لمواجهة العدو المشترك المتمثل بالتيارات الراديكالية السنية الجهادية. ويعترف الباحث بأن المصالح المشتركة الحالية لإسرائيل وسوريا و"حزب الله" لا يمكن أن تجعل اعداء الامس حلفاء اليوم، لكن ذلك يجب ألا يمنع إسرائيل من طرح هذا الاحتمال، أو على الاقل التفكير في سياسة مختلفة حيال هذا المحور تأخذ في الاعتبار المصلحة الحالية المشتركة، مع المحافظة على قدرتها على ردعه.
على صعيد النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، ازدادت الاصوات التي تدعو الى تغيير جذري في التوجه الإسرائيلي حيال هذا النزاع، والاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية، وإحياء حل الدولتين والعمل على تطبيقه تدريجا وعلى مراحل. في المقابل لا يزال المسؤولون في إسرائيل يتمسكون بالوضع القائم ويصرون على عدم وجود حل سياسي.
يرفض اليمين الإسرائيلي الاعتراف بأن التغييرات المتسارعة تفرض عليه استراتيجية جديدة تؤدي الى واقع سياسي جديد في المنطقة، وعلى رغم تخوفه من الفوضى الناشئة، فانه يرى أن تقاتل العرب يخدم إسرائيل.