القدس تتدثر بأحزانها
جميل السلحوت
يبدو أنّ الحديث عن مكانة القدس الشريف الدينية قد أصبح أسطوانة مشروخة، فالعرب والمسلمون لم يحرّكوا ساكنا لحماية مقدساتهم في المدينة، والمسجد الأقصى وما يجري له وفيه شاهد على مرحلة الخنوع التي يعيشها العربان، بينما المحتل الذي يعتبر نفسه "محرّرا" للمدينة من "محتليها" العرب والمسلمين وقام بضمّها من جانب واحد لدولته، لتكون" عاصمة اسرائيل الموحدة والأبدية" –حسب تعبيره- قبل أن تجف دماء من دافعوا عن المدينة في حرب حزيران 1967، يقوم بتهويد المدينة ساعة ساعة، ولم يتوقف عند التهويد الجغرافي بل يعمل على تهويد الثقافة والتاريخ. ولكم أن تتصوّروا أن المليونير اليهودي الأمريكي موسكوفيتش قدّم أموالا ولا يزال يقدّم وهو على استعداد أن يقدّم مستقبلا أكثر ممّا قدّمته الدول العربية مجتمعة كمساعدات للشعب الفلسطيني المنكوب، ولمنظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل الشرعي والوحيد للعب الفلسطيني منذ تأسيس المنظمة وحتى الآن. لكن والحق يقال فان الأموال العربية تصرف بسخاء وكرم زائد لتمويل عمليات تدمير ما تبقى من العراق وسوريا وقتل وتشريد شعبيهما، والعمل على تقسيمهما. ولكم أن تتصوّروا أن عدد البناء العربي في القدس الشرقية يصل الى 33 ألف وحدة سكنية، وأن عدد البناء اليهودي الاستيطاني في المدينة والذي بدأ بعد احتلالها في العام 1967 يزيد على 70 ألف وحدة سكنية، ويزداد يوميا في حين أن البناء العربي يكاد يكون متوقفا لأكثر من سبب.
ونستذكر هنا قرار وزراء الثقافة العرب الذي اتخذوه بأن" القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية"! وهذا أمر جيّد وتأكيد على حقيقة معروفة وهي أن القدس مركز اشعاع ثقافي وعلمي وحضاري عبر تاريخها. لكن هل تتذكر الحكومات العربية قرار وزراء ثقافتها هذا؟ وإذا تذكروه فهل يسألون عمّا قدّموه للحفاظ على ثقافتهم العربية في عاصمة ثقافتهم الأبديّة؟ وهل يعلمون أن مؤسسات ثقافية في القدس مهدّدة بالاغلاق لعدم قدرتها على دفع فواتير مياهها وهواتفها ورواتب موظفيها وأجرة مقرّاتها؟ واذا كانوا يعلمون فما الذي قدّموه لدعم الثقافة في القدس؟ فلك الله يا قدس، ولك الله يا أقصى....والتاريخ لم ولن يرحم أمّة "غثاء السيل".