ذكريات من الماض المضيء
ذكريات من الماض المضيء
سليمان عبد الله حمد
في القولد التقيتُ بالصِّدِّيقِ *** أنعِــمْ بـه مـن فاضــلٍ صَـدِيـقِ
خـرجـت معــه مـرةً للسـاقـيـة *** ويا لـهـا مـن ذكــريـاتٍ باقـيـة
وكــم أكلـت مـعــه الكابـيـدا *** وكــم سـمعــت آوري وا ألــودا
الكابيدة عصيدة تصنع من القمح والتمر، و(آوري وا ألودا) تعني دوري يا ساقية؛ باللغة
النوبية. وقد شاءت الصدف ان تجمعني بابن صديق عبدالرحيم الأكبر حيث زاملته في كلية
الزراعة جامعة الخرطوم ثم عملت معه فترة في ادارة اكثار وتحسين البذور بسنار وعلمت
أن والده كان من الذين نالوا قدرا من التعليم وكان يعمل موظف بسفارة السودان
بواشنطن
ثم نتجه لزياة ريرة حيث صديقنا محمد القرشي
ودَّعْتُه والأهـلَ والعشيرة *** ثم قصـدتُ من هناك ريرة
نزلتُها والقرَشي مُضيفي *** وكان ذاكَ في أوانِ الصيفِ
وجدتُه يَسقي جُمـوعَ الإبْلِ *** من مـاءِ بئرٍ جَـرَّهُ بالعِجْـلِ
ومن ريرة الى الجفيل بشمال كردفان حيث صديقنا سليمان
ومن هناكَ قُمْتُ للجَفيلِ *** جيث الهشابِ الناضرِ الجميلِ
(الهشاب هو الشجر الذي يستخرج منه أفضل أنواع الصمغ العربي)
ثم يتجه بنا المسار الى كيلك
ومَــرَّةً بـارَحْــتُ دارَ أهْـلـي *** لكي أزورَ صاحبي ابنَ الفضْلِ
ألْفَيْـتُـه وأهْـلُـه قـد رحلُــوا *** من كيلكٍ وفي الفضاءِ نزلُواِ
في بُقعَةٍ تُسَمَّى بابنُوسة *** حـيـث اتَّـقـوا ذبَـابـةً تعِـيســـة
الذبابة المقصودة هنا هي ذبابة التسي تسي
ثم نتجه الى جنوب السودان حيث منقو زمبيري
ما زلْتُ في رحلاتيَ السَّعيدة *** حتَّى وَصَلْتُ يامبيو البعيدة
منـطـقــــةٌ كثيـفــةُ الأشـجــارِ *** لـمـا بـهـا من وفْــرةِ الأمْطـارِ
قَدَّمَ لي مَنْقـو طعامَ البَفْـرة *** وهـو لَـذيـذٌ كطعـامِ الكِسْـرة
البفرة نبتة لها ثمرة تحمل في جوفها دقيقاً ناعماً يصنع منه طعام محلي
ثم شرقا الى محمد قول حيث صديقنا حاج طاهر
وبعـدهـا اسْتـمَـــرَّ بـي رَحِـيـلـي *** حـتـى نـزلـتُ في محمَّـدْ قـولِ
وجدتُ فيها صاحبي حَاجْ طاهِرْ *** وهْــوَ فتىً بفـنِّ الصَّـيْـدِ ماهِــرْ
ذَهــبْــتُ مـعـــــهُ مــرةً للبَـحْـــــرِ *** وذُقْــتُ مــاءً لا كمـــاءِ
النَّـهْـــرِ
ثم الى منطقة الجزيرة المروية وصديقنا أحمد محمد صالح
رحَلـتُ من قـولٍ لودْ سُلْفـابِ *** لألْـتــقِــي بـســـــابــعِ الأصْـحـــابِ
وصَلْتُها والقُطنُ في الحَقلِ نَضَرْ *** يُسْقَـى من الخـزَّانِ لا من المطَــرْ
أعْـجَـبَـنـي مـن أحـمــــدَ التـفـكيـرُ *** فـي كـلِّ مـا يـقـــولُــــهُ
الـخــبـيــرُ
ثم الى العاصمة الوطنية أم درمان حيث صديقنا إدريس إبراهيم
ولسْــتُ أنسَى بلـدةَ (امْ دُرمـانِ) *** ومــا بـهـــا مـن كــثْــرةِ
السُـكَّانِ
وجدتُ فيها إدريسَ في المدينة *** ويا لَهـا مـن فـرْصَــــةٍ ثـمِــيـنــة
شاهَــدْتُ أكْداسـاً من البـضـائِـعْ *** وزُمَــــراً مــن مُــشــتـرٍ
وبـائِـــعْ
ثم أوبنا مرة آخرى ناحية الشمال حيث عاصمة الحديد والنار عطبرة وصديقنا
عبد الحميد إبراهيم والذي كان يعمل سائقاً للقطار الذي يتنقل بين عطبرة وبورسودان
وآخِرُ الرِّحلاتِ كانتْ عطبَرة *** حيثُ رَكبْتُ من هُناكَ القاطِرة
سِـرْتُ بها في سَفَــرِ سعـيـد *** وكان سـائـقـي عبـدُ الحـمـيـدِ
أُعْجِبْـتُ من تنفيـذِهِ الأوامِـرْ *** بِــدِقَّـــــةٍ لِيُـسَـلِّــمَ
الـمُـسـافِـــرْ
وفي خاتمة سبل كسب العيش في السودان
كُلٌّ لـه في عيْـشـــهِ طريـقَـــة *** ما كنْتُ عنها أعرِفُ الحقيقة
فابْشِر إذَنْ يا وَطني الـمُفَدَّى *** بالسَّعْيِ مِنِّي كيْ تنالَ المجْدا
ومن القصائد التي كنا نحفظها ونرددها عن الوحدة وبالطبع لن ترددها الاجيال بعد ذلك
للانفصال الذي حدث
انت سوداني وسوداني انا
ضمنا الوادي فمن يفصلنا
ها هو النيل الذي ارضعنا
وسقى الوادي بكأسات المنى
فسعدنا ونعمنا ها هنا
وجعلنا الحب عهداً بيننا
نحن روحان حللنا بدنا
منقو قل لا عاش من يفصلنا
قل معي لا عاش من يفصلنا
ونحن كنا اخر دفعة درست اربعة سنوات في الاولية ثم اربعة سنوات في المرحلة الوسطى
وعندما انتقلنا الى المرحلة الثانوية وقضينا السنة الاولى تقرر نظام السلم التعليمي
عام 1969م 6-3-3 فكان أن قضينا اولى ثانوي مرتين ثم ثانية فثالثة ثم امتحنا
الشهادة.