إني أخاف الله

رضوان سلمان حمدان

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

جملة من ثلاث كلمات قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله وذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله . وأية داعية تلك ؟ وإلى أي شيء دعته يا ترى ؟ .

إنها المرأة التي تنازلت عن عفتها وحيائها وأستسلمت لهوى نفسها ووسوسة شيطانها وحصرت تفكيرها في شهوة عابرة سوف يعقبها الندم وسوء العاقبة والمصير .

إنها المرأة التي لم ترع حرمة حياتها الزوجية إن كانت محصنة أو إنها لم تفكر في هول الفضيحة إن كانت عذراء لم تتزوج بعد ..

نعم إنها امرأة وداعية سوء نبذت روعة الفضيلة وآثرت أن تستسلم للرذيلة فإذا بلسانها يترجم ما دار في خلدها فتدعو واحداً من الرجال تراوده عن نفسه لفعل فاحشة وصفها العزيز الحكيم بقوله سبحانه

{ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)}الإسراء

ولكن خاب فأل تلك المرأة التي أرادت أن تدنس عرض الذي دعته لنفسها يوم فاجأها بما لم يكن في حسبانها حيث قال لها : إني أخاف الله ! .

نعم لقد استشعر في قرارة نفسه عذاب الله فأشفق منه فقال : إني أخاف الله .

لقد تأججت حرارة الشهوة الجنسية في جسمه لكونه بشراً فأطفأها الخوف من الله .

إنه موقف لا ينجو من شره إلا المؤمنون ولا يتجاوزه إلا المتقون المعنيون بقوله سبحانه:

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)}الأعراف.

إني أخاف الله : جملة مصدرها الإيمان وسر تأثيرها الخوف من الرحمن القائل في محكم التنزيل :

{(175))}آل عمران

هذه الجملة عندما تخرج من القلب يتبعها نور الإخلاص وشعاعه المبهر فتكون أشد تأثيراً وأعظم وقعاً وأمضى نفاذاً تمنع الرجل من ارتكاب الزنا وتنير للمرأة الضالة بصيرتها وربما جعلتها تشعر بالذنب فلا تعود مثله تارة أخرى .

هذه الجملة فيها تربية للروح وتزكية للنفس لابتعاد صاحبها عن ارتكاب المعصية قال تعالى:

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}الشمس

هذه الجملة فيها دحر للشيطان الذي يوسوس بارتكاب الذنب لكنه يخنس عندما يذكر العبد ربه ويستعيذ بالله منه مصداقة قوله تعالى:

{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}فصلت

ولو أننا قارنا بين اللذة الفانية التي يستمتع بها الزاني وبين النعيم المقيم الذي أعده الله سبحانه لمن خاف مقام ربه وعف عن الزنا بعد أن هيئت له الأسباب فإننا لا نجد مجالاً للمقارنة وشتان شتان بين ذلك فأين المتفكرون ؟! وأين المتدبرون؟! .

وإن الجزاء المذكور لا بديل عنه يوم الدين حيث لا ظل إلا ظل عرش الرحمن ولا مراوح تلطف الجو ولا مكيفات هواء تنبعث منها البرودة المنعشة والناس في حالة ازدحام ممقوت وحرارة خانقة . ويرون بأم أعينهم جماعات يتفيؤون ظلال عرش الله سبحانه جزاء ما قدموا من صالح العمل ومنهم أولئك الذين عفوا في الحياة الدنيا عن ارتكاب فاحشة الزنا خوفاً من الله .

وهنا لا بد لكل مؤمن عاقل إلا أن يقول : سبحانك اللهم كم للعفة عن الزنا عندك من شأن عظيم حتى أجزلت العطاء والمثوبة لصاحبها يوم الدين فجعلته في ظل عرشك يرتع في نعيم مقيم .

وإتماماً للفائدة أقدم هذه المعلومات:

1- الزنا هو فعل الفاحشة ومعناه الفجور أيضاً ويسمى سفاحاً وبغاء ويسمي عنتاً باعتبار ما يترتب عليه من إثم .

2 - عقوبة الزاني إن كان محصناً أو كانت محصنة : الرجم بالحجارة حتى الموت وإن كان عازباً أو كانت عزباً ، فالجلد مائة جلدة وتغريب سنة كاملة للرجل .

3 - مضار الزنا:

* الإصابة المتوقعة بأمراض خطيرة استعصي على الأطباء علاجها في الوقت الراهن رغم تقدم الطب .

* مفسدة للأعراض .

* مضيعة للأنساب .

* هتك للشرف والأخلاق .

* عدوان مبين .

* نشر للرذيلة .

* سبب لظهور الخبث وتلوث البيئة .

* سبب للفقر وضنك العيش .

* يذهب بهاء الوجه ونوره .

* وقوع في أحضان الرذيلة .

* سبب للمقت وسوء العاقبة .

* انعدام الشخصية باستسلام صاحبها لسيطرة الشهوة الجنسية .

4 - هل يرضي الزاني أن يزني أحد بإحدى محارمه أو زوجته ؟ .

لا شك أنه سيقول لا وتثور ثائرته ويغضب لما سمع .. ولكن عليه أن يهون على نفسه ويئوب إلى رشده ويتفكر في قول الشاعر :

إن الزنا دين فإن أقرضته                     كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

5- إن باب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة ولكن الأمر يحتاج إلى عزيمة صادقة وإقلاع عن الذنب وندم على ما فات وتوبة نصوح وعدم مجاهرة بما سلف .

قال تعالى :

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)}طه .

عدم المجاهرة - بسبب أن الذين يرتكبون المعاصي والفواحش ويجاهرون بها قد ورد في حقهم وعيد شديد بعد العفو عنهم والعياذ بالله والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

{إن من شرار الناس المجاهرين . قالوا : يا رسول الله ! وما المجاهرون ؟ قال : الذي يذنب الذنب بالليل فيستره الله عليه ، فيصبح فيحدث به الناس فيقول : فعلت البارحة كذا وكذا فيهتك ستر الله عنه}

الراوي: أبو هريرة  -  خلاصة الدرجة: صحيح، تفرد به عن مبشر السعدي أبو بكر بن عياش  -  المحدث: أبو نعيم  -  المصدر: حلية الأولياء

ولو فكر المجاهر بما يترتب على مجاهرته لما تكلم ولا فضح نفسه وربما هتك ستر غيره .

إضافة إلى أن المجاهر بالمعصية يشجع غيره على ارتكابها والسفر إلى أماكنها وبذلك يكون قد دعا إلى وزر سيبوء بإثمه وإثم من عمل به إلى يوم القيامة .

فليتق الله المجاهرون وليستغفروا ربهم عن مجاهرتهم ويسألوه أن يعفو عنهم قبل فوات الأوان وانقضاء العمر .

و هذه نصائح للشباب وللرجال المسلمين :

* اتقوا الله في السر والعلن .

* ابتعدوا عن قرناء السوء .

* ابتعدوا عن مواطن الشبهات .

* إياكم ومشاهدة الأفلام الرخيصة .

* صونوا جوارحكم عما حرم الله .

* إياكم والخلوة بالنساء .

* ابتعدوا عن مقدمات الزنا - لأن ما يفضي إلى الحرام فهو حرام .

* تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء فإن العرق دساس .

* إياكم وخضراء الدمن .

* عفوا تعف نساؤكم .

* إياكم والسفر إلى بلاد الكفر إلا للضرورة القصوى .

* تمثلوا بعمق إيمان قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري وبقية الستة من حديث عبد الله بن مسعود.

* تذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " .

* تزينوا لزوجاتكم مثلما تحبون أن يتزينّ لكم .

* حافظوا على نظافة أجسادكم ورائحة أفواهكم متذكرين أن النظافة من الإيمان.

* احذر أيها الرجل فلا تخدع المرأة بمعسول كلامك ولا بكثير مالك لتوقعها في أحضان الرذيلة .

* التزم بقول الله سبحانه:

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)}النور

وهذه كلمات لكل أخت مسلمة :

* اتقي الله واحذري الوقوع في الحرام .

* لا تنخدعي بمعسول كلام الشباب ولعبة الهاتف والـ chat .

* تذكري أن جريمة الزنا بالنسبة للمرأة فضيحة وعار لا ينسيان طيلة العمر .

ابتعدي عن قرينات السوء .

* احذري أن تحدثي زوجك بصفات جارتك ومحاسنها .

* احذري أن تفضي لصديقتك بما يحدث بينك وبين زوجك .

* إياك ومشاهدة الأفلام الرخيصة .

* احتشمي في لباسك.

*لا تكثري من النزول إلى الأسواق والتزمي بآداب الشراء عند الاستفسار عن نوع البضاعة وسعرها واحرصي أن يكون معك محرم يكفيك السؤال والأخذ والعطاء .

* تذكري أن العين بريد الزنا .

*تذكري قول الله تعالى:

{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}النور

وأخيرا أسأل الله سبحانه أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظنا  وشبابنا من فتن الدنيا وقرناء السوء وأن يستر عوراتنا ويحفظ نساءنا وبناتنا من الزلات ويوفق الجميع للمحافظة على الصلاة لأنها السلاح الأول التي تنهي مُقِيمَها الفحشاء والمنكر.