القطار تلك الوسيلة السفرية التي أكل عليها الدهر وشرب في السودان
القطار تلك الوسيلة السفرية
التي أكل عليها الدهر وشرب في السودان
سليمان عبد الله حمد
لم يكن القطار وسيلة مواصلات او نقل بضائع فحسب بل كان وسيلة حيوية ورابط بين كل القبائل ومختلف الناس بمختلف أطيافهم ...
كان القطار يمتاز برونق خاص ومتعه لا تضاهيها متعه في السفر والترحال ، تبدأ بوداع الأهل والأصحاب والجيران في الحي للمسافر ، وخروجهم سويا الي الشارع ويظلوا يتجاذبون أطراف الحديث حتي تأتي العربه التي تقل المسافر الي محطة السكة حديد ، وهنالك من يرافق المسافر الي المحطة للوداع الاخير وهنا تتأجج المشاعر بالنسبه للمودع والمسافر بالشوق قبل ان تبدأ الرحله وقبل تحرك القطار .
بالنسبة لكريمة فلقد كانت السكة حديد هي قلبها النابض وذلك بسبب الحركه التي كانت تعُم سوق كريمة في أيام حضور ومغادرة القطار ، وكانت تُعد محطة السكة حديد هي ساعة بيك بين كريمة لاشتهارها وتميزها بدقة الزمن .
كل هذه المواقف والمشاعر في محطة القطار الهبت وداعبت وجدان معظم شعراء الأغنية السودانية وفجر في دواخلهم بركان هائل من الحنية والمحبه والألم والأشتياق ، لذلك كان لابد لهم الا أن يتحفونا بقصائد ارتبطت بالقطار وظلت راسخه في وجدان الشعب السوداني .
ولعل أهم تلك الأغاني التي ارتبطت بالقطار كانت أغنية قطار الشوق التي طوع فيها الشاعر بابكر الذّكار كل المفردات والعبارات لأخراج تحفه فنيه قمة في الجمال والروعه
وأكثر الأغاني التي أعجبتني وكانت سبباً في هذا المقال رائعة الراحل المقيم العطبراوي
وكان لأهلنا في الشمال جزء مهم في أغنيات القطار وخاصة
قطر الأحد الذي كان يأتي الي كريمة ، وكان للفنان الراحل النعام ادم أغنية قطار
الأحد ، وايضاً الأغنية التي غناها وابدع فيها الفنان ود اليمني يقول فيها
-
الليله قطرك قالو وصل بلد كاسنجر
وكما هو معروف فأن الكاسنجر هي أخر محطة قبل محطة كريمة
---
تلك بعض المفردات التى جادت بها قريحه المبدع السوداني يوصف فيها هذا الحنين المتدفق صوب ذاك الزمان الذى مضى من غير رجعه مخلفا بعده غبار من الذكريات العديده خصوصا قصة الامس الجميل بين الاحباب ...
واخال بان المبدع الفنان عبد التواب عبد الله له قصيدة قطر الاحد حيث يقول فيها ..
تجازي يا قطر الاحد ... اقطعنا فى نصف الخلاء عشان حبيبى المستحى يقول لي شيء ما تقول لي شيء ...فهى اغنية لم تجد حظها من الظهور بسبب ان كثير من جمهور اليوم المستمع لا يسمع لمثل هؤلاء بسبب ان الارشيف الاذاعي السوداني لا يقدم تلك الاصوات الفريدة للسماع السوداني فهو فنان ذو قرار جهوري لا يماثله الا المبدع كابلى وعبد العزيز داؤود فهو مبدع اطل على الساحة الغنائية السودانية فى زمن كان فيه تزاحم الاصوات الغنائية فى تلك الفترة الذهبية للاغنية السودانية ... ليته ينصف قبل الرحيل المر ...