يهود دمشق
شمس الدين العجلاني*
الحي والزقاق
تنقسم دمشق القديمة إلى قسمين. الأول ويوجد داخل السور الروماني القديم الذي يضم الآن أبواب دمشق التاريخية السبعة ويمتد على مساحة كيلو متر مربع تقريبا. أما القسم الثاني فيقع خارج السور ويضم عددا من الأسواق والحارات تعود في معظمها إلى العهدين المملوكي والأيوبي، وتمثل المراحل التاريخية التي شهدت فيها المدينة توسعا خارج سورها.
كان المخطط التنظيمي الأول لمدينة دمشق للمعماريين الفرنسيين دانجيه وإيكوشار عام 1936والذي اهتم بصورة خاصة بتخطيط شوارع رئيسية تصل بين ساحات ذات أشكال دائرية، وجرت تعديلات كثيرة على المخطط الأول دون أن يتغير جذريا،ً فأضيفت مقاسم أرضية جديدة لأبنية سكنية تتألف من طابقين أو ثلاثة، وأضيفت إلى المدينة عدة ضواحي مثل المزة و برزة ..
ووضعت المخططات المساحية ( الموقع العام ) لأحياء دمشق واعتبرت هذه المخططات التي وضعت في زمن الاحتلال الفرنسي نهائية .؟ ومن هذه المخططات مخطط حارة اليهود و المعروف عن هذه المخططات اسمها المأخوذ من اللغة الفرنسية ( كادسترائي ) .
وفق مخطط كادسترائي لمنطقة اليهود في دمشق القديمة داخل السور ، قسمت منطقة اليهود إلى قسمين ، يهود 1 و يهود 2 كما هو واضح في المخطط المرفق ، وعرفت منطقة اليهود هذه عبر التاريخ بعدة أسماء فكان اسمها الثلاج ، و محلة الخراب ، والأشهر حارة اليهود.
تداخلت حارة اليهود هذه مع محلة( منطقة ) الخراب التي يقطنها خليط من المسيحيين واليهود والمسلمين السنة وغالبية من المسلمين الشيعة . سميت بالخراب لأنها تعرضت لخراب قوي بعد عدة زلازل ضربت سورية وفلسطين ، ويوجد تحت هذه المنطقة ركام حضارات كثيرة عمورية وآرامية ويونانية و رومانية وإسلامية ، والغيت تسمية محلة الخراب إكراما و تقديرا للشيخ الجليل نزيل دمشق محسن الأمين ، وذلك عام 1937 حين قام شكري القوتلي برفقة عدد من الشخصيات السورية بزيارة منزل السيد محسن الأمين الذي كان يقطن تلك المنطقة و اعلمه بتغيير اسم محلة الخراب إلى اسم حي (شارع) الأمين تقديرا له ، و ظلت هذه التسمية حتى يومنا هذا .
إن الحي اليهودي هو كسائر الأحياء الدمشقية القديمة من حيث الممرات الضيقة للحارات و الأزقة ، وتحمل بيوته سمات البيت الدمشقي من حيث التصميم والعمارة ،كما انه يضم قصورا فخمة فيها روعة البيوت الدمشقية ، فالفسيفساء و التزينات والليوان والعلية واليوك و الغرفة الطيارة و ارض الديار ، كلها حاضرة في هذه البيوت.وكانت سهرات اليهود و أفراحهم تقام في ارض الديار ، تماما كما كانت العادة جارية آنذاك في البيوت الدمشقية الأخرى سواء كانت للمسلمين أو المسيحيين .
حارة اليهود تشكل لغزا لأهل دمشق روايات كنا نسمعها منذ الصغر ، و قصص قرأناها في ثنايا صفحات التاريخ .. حارات ضيقة و أزقة ملتوية قد لا يتجاوز عرضا المتر الواحد .. أبواب صغيرة قليلة الارتفاع لا يكاد المرء يدخلها إلا منحنيًا تؤدي إلى مساحات كبيرة ( ارض الديار ) و دهاليز غامضة ، تجمع يهود دمشق في هذا الحي وفتحوا في حاراتة وازقتة المحال التجارية و الورشات المتنوعة ، وان كان عدد منهم قد قصد أماكن أخرى في دمشق للعمل أو التجارة ( القصاع ، باب توما ، الشعلان ، طريق الصالحية.. ) ولكنه لم يكن يستطيب الإقامة والعيش إلا في حارة اليهود.
حياة اليهود هي حياة انعزالية ، فهم يعيشون منعزلين عن الاغيار ، فهم يجتمعون مع بعضهم في كل بلد ينزحون إلية ، فنرى حارة اليهود موجوده في دمشق و حلب و القاهره وتونس و المغرب و .. وأيضا هي موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية ( حي بروكلين ) وفرنسا .. إنهم أينما حلوا ينعزلون عن أهل البلاد و يقيمون حي خاص بهم تجنبا للاختلاط بأهل البلاد و للبقاء على اتصال وثيق فيما بينهم و للمحافظة على تقاليدهم و أمورهم الدينية ، وهذا الانعزال وثق الروابط العنصرية بينهم
حارة اليهود كانت تضم العديد من المدارس، فقد أقام إبراهيم حمرا حاخام اليهود مدرسة أطلق عليها اسم مدرسة بن ميمون وذلك من أموال اليهود السوريون في المهجر التي كانت تأتي إلى الطائفة الموسوية كتبرعات ، والمحلات التجارية المتنوعة و الورش المختلفة ،ودور العبادة ( الكنيس ) ففي نهاية الحارة تجد الكنيس الذي يتعبد فيه اليهود، وبجواره كان يقبع محل سليمان سلوم (الحلاق) الذي يتسم بخفة الظل، ومهارة المهنة، كذلك بممارسته عملية فصد الدم ، و سلوم هذا اشترك في جريمة قتل الاب توما
حارة اليهود، عالم غامض عبر الأيام.. و الآن هي عالم مهجور بيوت خاوية تلعب بها الريح ، محال موصدة يلفها النسيان، أكوام من الأتربة والغبار و بقايا الذاكرة عن المبصر أبو خضر أشهر من عمل في التنجيم و التبصير في دمشق ،والصيرفي و النائب في البرلمان السوري يوسف لينادو ابن اعرق عائلات يهود دمشق والذي وصفة اليهودي نسيم س تاجر في كتابة الدليل المصور السنوي لسوريا ولبنان بأنه رئيس الطائفة الإسرائيلية في دمشق وانه مصرفي من الطراز الأول ، و سلمون أشهر داعرات دمشق وقد تحدث عنها البديري الحلاق ، وبنات مكنو و بنات شطاح أشهر مغنيات دمشق وقد تحدث عنهم فخري البارودي ، و الدكتور نسيم حاصباني، الذي كان طبيبًا يهوديًّا شابًّا مرموقًا بدمشق يعرفه و تداوى على يديه أهل دمشق ، وقد هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ويبلغ من العمر الآن ( إن كان لم يزل عل قيد الحياة حوالي 65 عاما ) ..
حارة اليهود التي كانت ولم تزل محط أنظار الجميع من كاتب يبحث عن قصة أو حكاية جديدة ، أو باحث يسعى للتنقيب في صفحات التاريخ ليروي كيف فتحت سورية صدرها لهؤلاء اليهود الهاربين من نير القتل والتعذيب ، أو متطفل يريد أن يحل لغز يهود دمشق ، أو حتى سفير يسعى لكتابة تقريره إلى دولته ، فسفير إحدى الدول العظمى(وأراد أن يصطاد في المياه العكرة ) كرس وقته خلال حرب تشرين عام 1973 لزيارة حارة اليهود مرات عديدة، ولكنه ووجد أن الوضع هناك كان عاديا: لا إجراءات أمنية استثنائية, الدخول إلى المنطقة, كان حرا, الحياة والنشاطات التجارية كانت لا تزال على حالتها الطبيعية..
أسماء الحارات :
إذا قام احدنا في جولة سريعة الآن إلى حارة اليهود سوف يشاهد المتناقضات الكثيرة في الأبنية فمنها الأبنية المهجور و شبه المهدمة ، ومنها الأبنية المأهولة التي تقطنها عائلات سورية أو فلسطينية ، من المسيحيين أو الإسلام ، وقلة قليله من اليهود .
في حارة اليهود اختفت الحركة التجارية التي عاشتها لسنين طويلة نتيجة هجرتهم خارج البلاد ، و البيوت المسجلة باسم الطائفة الموسوية مغلقة و قد أصابها الخراب نتيجة هجرتها وإغلاقها لسنوات طوال ، وهنالك العديد من البيوت التي لم تزل مسجلة بأسماء أصحابها من يهود دمشق ، وتدار الأملاك اليهودية من قبل اليهود أنفسهم حيث هنالك إدارة اسمها إدارة أملاك اليهود وهي التي تدير جميع هذه العقارات و دون تدخل من احد .
تنوعت أسماء الحارات و الأزقة في الحي اليهودي فهنالك الآن جادة اسمها جادة الكتاتيب ، ويقال أن هذه التسمية متعارف عليها منذ القديم بالتواتر الشفهي وتعود لتجمع عدد من الكتاتيب ( مدارس صغيرة لتعليم اللغة و القرآن الكريم ) في هذه الجادة .
وهنالك أيضا شارع اسمه شارع تل الحجارة ويقال أن التسمية جاءت نسبه لكثرة الحجارة المنحوتة التي كانت في الشارع قديما ، ويظن بأنها تعود لسد آرامي قديم. .
و من الأزقة الشهيرة في هذه الحارة اليهودية زقاق سد الشلاح و يقع في هذا الزقاق بيت الجليلاتي وهو من أفخم بيوت اليهود .
كما يوجد جادة في الحي اليهودي اسمها جادة الحراث و فيها الكثير من البيوت اليهودية المهجورة .
حارة اليهود تستقطب الآن العديد من رجال الأعمال ، حيث يقومون بعمليات ترميم للبيوت و القصور اليهودية بعد أن تم شراؤها ، فظهر في حارة اليهود فندقا في غاية الروعة يستقطب العديد من السياح العرب و الأجانب ، كما أن بيت فارحي المعلم يخضع الآن إلى عمليات الترميم واسعة بقصد توظيفه سياحيا ، كما تم تحويل عدد من البيوت الدمشقية اليهودية إلى مطاعم سياحية كبيت الجليلاتي ولنا عودة مفصلة لبيوت وقصور يهود دمشق.
بيوتهم و قصورهم
قصر شمعايا، بيت شطاح ، بيت الجليلاتي ، بيت لزبونا
قصر شمعايا :
يعتبر قصر شمعايا من قصور اليهود المهمة بدمشق ، و قام ببنائه شمعايا أفندي احد أهم الشخصيات اليهودية بدمشق ، وذو القوة المالية التي لا يستهان بها آنذاك ،إذ كانت الملاءة المالية لأغنياء اليهود تمكنهم من البذخ في بناء قصورهم فيسعون لامتلاك مساحه كبيرة لبناء قصورهم و يكثرون من عدد الغرف و الباحات و الفسحات السماوية و ينفقون الأموال الطائلة على الزخارف و الفسيفساء و التزيينات التي ترمز إلى انتمائهم الديني وهذا ما يتضح جليا في بقايا قصر شمعايا.
وقصر شمعايا يقع على مساحة كبيره في حي الأمين و صرف علية الأموال الطائلة ليأتي على الطراز الدمشقي الفخم ، و في غاية الروعة و الجمال، و قد ضمنه شمعايا أفندي العديد من الزخارف اليهودية و الآثار الدينية، ولم تزل بعض هذه الآثار باقية حتى الآن ..
يقع قصر شمعايا في الشارع الرئيسي في حي الأمين ، و لا يكاد الزائر لتلك المنطقة أن يتعرف علية ، فيوميا يمر من أمامه عشرات المئات من المارة ولا احد يدري بهذا القصر، و هو الآن أشبه بحارة قديمه مهدمه يقطنها العشرات من العائلات التي يغلب عليها العائلات الفلسطينية ، فقد قسم القصر إلى غرف وأزقة ملتوية ضيقه ، وكل عائلة أخذت غرفة من غرفه ، ولكن الداخل إليه الآن لا يعرف له بداية من نهاية فقد أفقدته عوامل الزمن و يد الإنسان شكله و طرازه المعماري وتقسيمات البيوت الدمشقية القديمة و الطابع الأثري و الزخارف التي ترمز إلى الحقبة التي بني فيها اضافه إلى خصوصيته كأحد البيوت أو القصور اليهودية ، فهو بقايا مهدمة تداخل فيها الاسمنت المسلح و البلوك و فقر و بؤس القاطنين فيه.
و مع ذلك لم يزل قصر شمعايا يعبق بآثار
الأقوام التي مرت علية فهو يحمل آثار بنائه العريق من الأبواب القديمة و
الأقواس و الزخارف ، وحتى الآثار اليهودية لم تزل في بعض غرف القاطنين بجانب
خارطة فلسطين ( كما هو واضح في الصور المنشورة مع هذا المقال ) .. لم يكتف
شمعايا أفندي اليهودي بإشادة قصره هذا وإنما قام بشراء خان الجمرك ،ويعرف
هذا الخان باسم سوق الجمرك
وهو فريد بهندسته المعمارية إذ يمتد على شكل زاوية قائمة من دخلة السليمانية
باتجاه
الجنوب إلى جادة سوق الحرير باتجاه الشرق ، و خان الجمرك
من منشآت الوالي
مراد باشا عام 1596م وهو يختلف بمخططه المعماري عن
جميع الخانات بدمشق ،
وقد ورد وصفه في وقفية
مراد باشا وصفاً دقيقاً مع وصف المرادية، وهو يتضمن ثلاثة وخمسين مخزناً كبيراً
وثمانية مخازن صغيرة، وتقوم بين المخازن عضادات تحمل أقواساً يستند عليها تروس
تحمل
تسع قباب ذات رقاب ونوافذ ، و كان هذا الخان حتى عام 1864 م مركزاً للجمرك ثم
نقل
منه فاشتراه ( ديمتري أفندي شلهوب ) وجعله سوقاً ثم اشتراه
اليهودي شمعايا
أفندي بعد ذلك
و لم يزل هذا السوق ( الخان ) قائما حتى الآن وهو
بحالته الراهنة سوق تخصصي بالأقمشة الحريرية والبروكار وما شابه من
هذه الأصناف
.
بيت شطاح :
بيت شطاح نموذج آخر من بيوت اليهود العريقة بدمشق ، ونموذج آخر من البيوت الدمشقية التي رممت وتم إعادة اعمارها و توظيفها ووضعت في الاستثمار السياحي ، و قد بني على الطراز الدمشقي منذ سنوات بعيده ، وكان هذا البيت يعود إلى عائله شطاح وهذه العائلة من العائلات اليهودية المعروفة بدمشق ، ولم يزل عدد من أفرادها يقطن في حارة اليهود برغم أن معظم أفراد العائلة قد غادر دمشق بدءا من الأربعينات من القرن الماضي ، ومن أفراد عائلة شطاح الذين يسكنون حارة اليهود إلى الآن روزة و هديه شطاح ولهم ابن أخ يقطن خارج حارة اليهود و يعمل في تجاره المجوهرات في دمشق مع شقيقته ، وكان لأحد أفراد العائلة بيتا دمشقيا كبيرا في حارة اليهود وقد بيع هذا البيت لعدد من الأشخاص ، و تحول الآن إلى فندق جميل اسمه تلسمان او طلسمان (Hotel Talisman ) بعد أن تم ترميمه وفق الطراز المعماري للبيوت الدمشقية ، بحيث تم إعادة الحياة لهذا البيت بعد أن هجره أهله ، وهو الآن ملك خاص و مشروع سياحي متميز ، وأما بالنسبة لتسمية الفندق ب ( تلسمان ) فلست ادري إن كانت هذه التسمية للفندق تعود إلى( الطيلسان ) وهو الشال الذي يضعه اليهود على أكتافهم و خاصة أثناء قيامهم بواجباتهم الدينية .؟
بيت الجليلاتي :
الجليلاتي اسم لعدد من العائلات السورية من الطوائف الثلاث المسيحية و الإسلام و اليهود ، و ليس بينهم صلة قربة ، و الجليلاتي هو الذي يعمل بصناعة السروج وعائلة الجليلاتي اليهودية كانت تملك أيضا منزلا مبنيا على الطراز الدمشقي ، يتألف من طابقين و عدد من الغرف و الباحات و ارض ديار كبيره ، وهو يقع في منطقة اليهود زقاق سد الشلاح .
و أيضا بيع هذا المنزل ، وقام المستثمرون الجدد لبيت الجليلاتي بإعادة اعمارة و توظيفه ليكون مشروعا سياحيا ، و فعلا تحول هذا البيت الآن إلى مطعم بعد أن أعيد ترميمه على الطراز الدمشقي
بيت لزبونا :
وقد يكون بيت لزبونا من أشهر القصور اليهودية الكبيرة في حارة اليهود بدمشق ، واذكر أن بداخله كنيس يهودي صغير ، وهنالك كتابات عبريه على مداخل بعض غرفة ، وهو منزل كان يتمتع بآثار كثيرة و قيمة وتداخل فيها الخيط العربي والأبلق و العناصر الزخرفية التي تدل على المرحلة التي بني فيها هذا البيت ، كما يوجد في بعض غرف بيت لزبونا بحرات جميلة و عناصر معمارية و زخرفية هامة إلا أن عوامل الزمن و الإنسان عبثت فيه .؟ وبيت لزبونا ( رقم العقار 11-1-494) من القرن الثامن عشر والنصف الثاني من القرن التاسع عشر ،وهو الآن مهدم ومغلق بعد أن هجره أصحابه ، و يقال أنه بيع لأحد المستثمرين الذي سيقوم بإعادة ترميمه و توظيفه سياحيا .
من بيوتهم أيضا:
كما أن لليهود بدمشق عدد أخر من البيوت أو القصور التي أرخى عليها النسيان الستار ، منها البيوت الفخمة ( القصور ) ذات الطابع المعماري الدمشقي ، ومنها البيوت العادية ولكنها اشتهرت لكون أصحابها من ذوي المهنة التي شهرتهم ...
فلو عدنا إلى القرن الثامن عشر وقمنا بزيارة حارة اليهود لشاهدنا بيت ال فريج ، وبيت انطون شامية ، وقصر لينادو ، وبيت الاستنبولي ، وبيت شلهوب ..
لرأينا أن البيوت اليهودية الفخمة شيدت حول الجامع الأموي وفي حارة اليهود .. حيث أنشئت في حارة اليهود في النصف الأول و النصف الثاني من القرن التاسع عشر بيوت فخمة جديدة بالقرب من بيوت أثرياء اليهود التي كانت قائمة آنذاك
كما أن بيت يهوذا اشتهر عبر التاريخ لأنه البيت الذي أضافوا فيه القديس بولص و كان يقع في الشارع المستقيم ( سوق مدحت باشا ) وعلى اليمين زقاق صغير و هنالك كان يقع بيت يهوذا.
قصر اليهودي يوسف عنبر
كان مركزا ثقافيا كبيرا لجأ إليه جميع الأحرار من الدول العربية المجاورة، ومنه خرجت المظاهرات الطلابية التي طالبت برحيل الاحتلال الذي تعاقب على سوريا، كما أنه خرج العديد من رجال السياسة والفكر في سوريا وبلاد الشام، أضف إلى ذلك أنه كان ثورة في فن العمارة من خلال النقوش النافرة التي أدخلها يوسف عنبر ولم تكن موجودة في العمارة الدمشقية سابقا.
بيت اليهودي يوسف عنبر يقع في حي
الأمين (حي الخراب سابقا )
زقاق القاري في شارع المستقيم المذكور في التوراة،
الذي يصل باب
الجابية بالباب الشرقي (الذي دخل منه خالد بن الوليد يوم فتح دمشق). و يشغل
مساحة مشابهة لمساحة قصر العظم يتألف البيت من عدة بيوت كانت بالأصل مستقلة عن
بعضها بعضا
ويقول العالم المؤرخ محمد كرد علي في (خطط الشام) أن مكتب عنبر من أهم مدارس
الحكومة· ويقوم في دار خاصة تقع شرقي المدينة·
وكانت لغني يهودي اسمه عنبر. وقيل أيضا إن أصل ملكية مكتب عنبر لعائلة القوتلي وان يوسف عنبر كان يعمل محاسبا لدى
عائلة القوتلي
، حيث أصبحت الدار له لقاء مبالغ
له على هذه
العائلة...كما
أن هذه الدار وقعت في ملك
الحكومة العثمانية لدين كان لها على صاحبها عنبر، وجعلت منها مدرسة إعدادية عام
1886
ميلادية
·
وكان عنبر قد اشترى هذه البيوت ثم عمل
على ضمها و توحيدها في بيت واحد في النصف الثاني للقرن التاسع عشر ، وقد تحول
هذا القصر الآن وبعد ترميمه إلى مديرية من مديريات محافظة دمشق ، وهو أيضا مقر
لجنة حماية المدينة القديمة ، وتقام فيه الفعاليات الثقافية ( معارض – محاضرات
– ندوات – امسيات شعرية .. )
بنى قصر عنبر ثري دمشقي يهودي اسمه يوسف عنبر عام
1872 ( ويقال انه ابتدأ في اعماره عام 1867 )وأنفق على إنشائه آنذاك 43 ألف
ليرة سورية
كما يشير لذلك المؤرخ نعمان قساطلي في كتابه (الروضة الغناء في دمشق
الفيحاء).
وكان هذا الثري اليهودي يحاول أن يقلد عبره حياة الملوك والباشوات حيث كان يرغب
في استضافة الوفود ذات المستوى العالي و الشخصيات المهمة التي تؤم سوريه ، وقد
انشأ منزلا أخرا في دمر وهو الآن ملك لمحافظة دمشق ( مقر لبلدية دمر )وعرف هذا
المنزل أيضا بمكتب عنبر و القصد من انشائة لكي يكون مقرا لاستراحة الوفود
القادمة إلى دمشق أو المغادرة .
أصبح قصر عنبر في المدينة القديمة ملكا للحكومة العثمانية لدين لها على صاحبة ،
و قامت الحكومة العثمانية آنذاك بتحويل هذا القصر إلى مكتب ( مدرسة ) حيث جرى
افتتاحه مكتباً عام 1305 للهجرة. وسمي منذ ذالك الوقت حتى الآن بمكتب عنبر برغم
تحويل اسمه من قبل محافظة دمشق إلى قصر الثقافة ، ولكن المتعارف علية مكتب عنبر
أي مكان الكتابة
وهو الاصطلاح الذي أطلقه العثمانيون على المدارس
الابتدائية والسلطانية في سورية
، ويشير الأستاذ مطيع المرابط إلى أنه( لم
يطلق على هذا المعهد رسميا اسم (مكتب عنبر) إطلاقا· لقد غلبت هذه التسمية
العرفية
الشعبية على الأسماء الرسمية التركية لصيغتها العربية السهلة· أو لأنها قد تكون
سبقت التسمية الرسمية،)
وكان المكتب بذلك أقدم مدرسة في سورية (ثانوية وإعدادية).
و الآن
كل من يقف أمام الباب الخارجي لمبنى مكتب عنبر، يشاهد لوحة
خارجية حفر عليها: (مكتب إعدادية ملكية) ويعلوها الطغراء (الطرة) السلطانية
للتفريق
بين المدارس الملكية والمدارس العسكرية· الأولى خاصة بالمدنيين، والثانية هي
التي
تؤهل طلابها للالتحاق بمدارس الجيش العسكرية،
البناء العمراني:
قصر عنبر عبارة عن بناء مستطيل الشكل مساحته (5000) خمسة آلاف متر مربع وقد
ألحقت به دور مجاورة له في القديم. بابه الغربي يطل على شارع (المكتنه) وهو
الباب الرئيسي للمكتب . وهناك باب آخر يطل على هذا الشارع. والشارع يشبه الزقاق
بعرض ثلاثة أمتار.
يتألف البناء من أربعة أقسام، كل قسم يتألف من باحة «أرض ديار» وتتوسط الباحة
بركة ماء. وتحيط بالبركة الأشجار المثمرة والحمضيات والورود والأزهار والياسمين
الدمشقي . وهناك أربعون غرفة وقاعة موزعة على طابقين.
من الباب الرئيسي تطل علينا فسحة صغيرة حولها أربع غرف، ثم باحة سماوية، وهي
أوسع باحات المكتب. أما الباحة الثانية ففيها ايوان عال وواسع ومن البهو يطل
على الباحة خمسة أعمدة رشيقة من المرمر الأبيض الجدران مزينة كلها بزخارف
النوافذ محلاة بالحديد المزين بزخارف براقة برسومها وألوانها وفي الباحة
الثالثة ايوانان من الشرق والغرب وجدران الغرف في هذه الباحة مزينة بزخارف
مرمرية نافرة ومحفورة برسوم جداريه كثيرة وسقوفها مزينة مع ما يتفق مع روح
البناء العامة من جهة ومع الطراز السائد في كل غرفة من ناحية أخرى.
أما القسم الرابع من المكتب، والذي كان يعتقد أنه قسم الخدم تتوسط باحته الصغرى
بركة ماء. وتحيط به غرف صغيرة وفيه باب المكتب الشرقي الذي نخرج منه إلى شارع
المكتنه.
كما يمكن أن نقسم هذا القصر إلى
جناح
السلاملك: وهو
الجزء الغربي من الدار وكان مخصصاً للضيوف، ويتألف من فسحة سماوية تتوسطها
بحرة،
وعلى جانبيه الشمالي والشرقي غرف أرضية وقاعات
تعلوها غرف علوية وكذلك على جانبي
مدخل البناء الغربي تتموضع قاعتان.
,
جناح الحرملك: يتصل غرباً بجناح السلاملك،
ويتألف من فسحة سماوية تتوسطها بحرة، وفي الجانب
الجنوبي منه إيوان على جانبيه
قاعتان، وخلف القاعة الغربية توجد قاعة ثالثة، كما
يوجد على الجوانب الأخرى من
الباحة غرف أرضية وفوقها غرف علوية، مع وجود قاعة
واسعة في الشمال.
,
جناح
الخدملك: يقع شرق جناح الحرملك، ويضم فسحة صغيرة ذات بحرة صغيرة، وإيوان صغير
في
الجانب الجنوبي منه مع الحمام، بالإضافة إلى غرف
كانت تستعمل كمطبخ في كلِّ من
الجوانب الشمالية والغربية والشرقية.
تتمثل في طراز البناء وزخارفه روح العصر التي تتصف بالزينة المفرطة والمزج بين
ما عرف عن الفن الأوروبي والنقش العربي المتعدد الأنواع والأشكال.
ويعتبر هذا القصر مثالاً للبيت الدمشقي الجميل ذي الشاعرية بباحاته الداخلية
وبألوانه التي تشيع البهجة في النفس والراحة. يمثل مكتب عنبر
نموذجا مثاليا للبيت
الدمشقي العربي، بمسقطه ومادته ولونه، كما يعبر
بطرازه المعماري عن روح العصر وعن
انفتاح دمشق على المؤثرات الفنية الخارجية، وهو، في
نفس الوقت، نموذج دال على مهارة
المعمار والفنان الدمشقي، وقدرته على صياغة مؤثرات
وأشكال بصرية جمالية مدهشة، ضمن
قالب لا يتجاهل خصوصية دمشق المعمارية والاجتماعية.
كما شيد يوسف عنبر منتزه شمعايا في دمر وكان القصد منه اللهو والاستمتاع بالراحة والسرور.
هذا ويعتبر مكتب عنبر مركزاً علمياً ونضالياً حيث
تخرج منه الأدباء والسياسيون والمناضلون الذين لعبوا دوراً هاماً وايجابياً في
النضال ضد العثمانيين والفرنسيين وفي بناء سورية في عهد الاستقلال.
كذلك بدد مكتب عنبر ظلام العهود الخالية، وأنار سبيل العلم والمعرفة. وقصده
ألوف من الطلاب والأساتذة. فأضاء بنوره الأدب والشعر واللغة العربية. وأنقذ
البلاد من تتريك اللغة العربية، ومن ثم فرنسة اللغة العربية خلال الاستعمار
الفرنسي.
شهد المكتب حركات وطنية عربية
ضد سياسة التتريك التي فرضها الحكام آنذاك، كما شهد
أول ثورة عربية ضد عنصريتهم،
وحين خرجت السلطة العثمانية من البلاد العربية ودخل
الملك فيصل إلى دمشق أصبح
المكتب بمثابة جامعة دمشق.
وعندما دخلت فرنسا دمشق كان المكتب بمثابة المنبر
الحر في المدينة، وتحوّل اسمه إلى
(
مكتب
تجهيز عنبر و في
الثلاثينات من القرن المنصرم، تحول إلى مدرسة للفنون النسوية... وقد
احترق سنة 1406هـ فأعيد ترميمه ولا يزال إلى اليوم
على حاله بعد أن أعادت محافظة دمشق عام 1980 ترميمه و توظيفه كمعلم حضاري يدل
على حقبة تاريخية لدمشق اقدم عاصمة استمرت مأهولة عبر التاريخ.
يهوديات داعرات
مقدمة :
يقولون أن أقدم مهنة في التاريخ هي الدعارة ، وتحمل لنا صفحات التاريخ العديد من الحكايات والقصص عن هذه المهنة ودورها الخطير في قيام الدول واندثارها وفي ظهور الشخصيات واختفائها .. قصص وروايات هي اقرب للخيال تتضمنها مهنه الدعارة الغارقة في أعماق التاريخ ... والمرأة هي محور الدعارة والدعارة محورها اليهود منذ أقدم العصور .؟ فمن قصة العاهرة (راحاب) المعروفة بعاهرة أريحا والتي ساهمت في تقويض دعائم ملك الكنعانيين إلى (دليلة) التي استخدمت محاسنها لإغواء (شمشون)،و (استير) اليهودية التي أقنعت ملك الفرس بالسماح لليهود بقتل وزيره هامان و ذبح عشرات الألوف من الفرس بمن فيهم الأطفال و الشيوخ و النساء بحجة أن هامان كان ينوي ذبح اليهود.. و هذه الداعرة استير مقدسة لدى اليهود و لها عيد و صيام ؟ و يبدأ هذا العيد بصيام يوم الثالث عشر من شهر مارس، احتفاء باستير اليهودية ، ويستمر هذا العيد إلى يوم الرابع عشر من الشهر نفسه، وخلاله يقوم اليهود بلبس الأقنعة والملابس التنكرية على طريقة الكرنفال، ويكثرون فيه من شرب الخمر، والزنا، والفجور، وقد اشتهر هذا العيد لدى المؤرخين المسلمين، باسم (عيد المسخرة أو عيد المساخر)، و الراقصة البغي سالومي التي طلبت من هيرودوس رأس النبي يحيى عليه السلام مقابل فجورها وعهرها وتأكيداً لرضاها عن هيرودوس .. وغيرها من القصص التي حفلت بها صفحات التاريخ حول دعارة اليهود ، والتي يتفاخرون بها ، فالمؤرخون اليهود يعتبرون تجاره الرق مثالا جيدا على العبقرية والذكاء اليهوديين، وحول هذا الموضوع كتب (مارك رفائيل) في كتابه )اليهود واليهودية في الولايات المتحدة، تاريخ توثيقي): (لعب التجار اليهود دورا كبيرا في تجارة الرق، فقد كانوا مسيطرين على هذه التجارة في جميع المستعمرات الأمريكية سواء كانت فرنسية أم بريطانية أم ألمانية) بينما يقول الإسرائيلي (مناحيم أمير) - الخبير في علم الإجرام - إن الكيان الصهيوني يأتي بالمرتبة الثالثة من حيث حجم التجارة بالنساء عالميا.. وتصف الصحفية (شيري ماكوير) ما يحدث من دعارة في الكيان الصهيوني قائلة:
إنها سوق نخاسة صهيونية صرفة تعبر عن انحدار أخلاقي وإنساني من الدرجة الأولى) كما برر الحاخام ريتشورون الدعارة اليهودية بالقول: (... شعبنا محافظ مؤمن ولكن علينا أن نشجع الانحلال في المجتمعات غير اليهودية فيعم الكفر والفساد وتضعف الروابط المتينة التي تعتبر أهم مقومات الشعوب فيسهل علينا السيطرة عليها وتوجيهها كيفما نريد)
وبحسب الكثير من التقارير العالمية الأخرى - فإن إسرائيل تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم في حجم هذه التجارة.. إذ تقدر الأموال المتداولة في سوق النساء بأكثر من مليار دولار سنويا..
اليهود يزاولون الأعمال المربحة التي هي محرمة لدى الطوائف الأخرى مثل الربا و تجارة الرقيق و فتح الخمارات و بيوت الدعارة ، و هذه الأعمال أقصى ما يتمناها اليهودي لأنها تدر عليه الأموال الطائلة دون مزاحمة .؟
المرأة اليهودية :
ونحن نحاول قراءة وضع المرأة اليهودية لدى طائفتها ، لا بد من الوقوف مطولا في قراءة صفحات كتابهم المقدس التوراة ، ولا بد أيضا من التأكيد أن التوراة بوضعه الحالي و كما أكدت الدراسات التاريخية المختلفة و عبر السنوات الطويلة أن هذه التوراة ليست إلا كتابا تاريخيا يعج بقصص الفساد الأخلاقي ، وضعه الحاخامات اليهود بعد أن اخفوا التوراة الحقيقية ، لذا جاء كتاب التوراة للحاخامات الذي بين أيدينا الآن سيئ الصيت و السمعة ، و ما يحمله من قصص عن الفساد الأخلاقي للنساء و الرجال أمر يجب الوقوف عنده مطولا ، لندرك أنهم كرسوا الدعارة كأهم الأسس لحياتهم الدينية والدنيوية .؟ فصفحات التوراة تعج بموضوعات البغاء" الزنى " . و الكلمات الداعرة ، و أسرفت في وصف المجون الذي كان سائدا آنذاك وقراءة سريعة لتوراة حزقيال ، نراها تعج أيضا بإشارات تفصيلية بما يتعلق بالعملية الجنسية . وإذا كانت ممّارسة الجنس – بغاء – محرمة على بني إسرائيل ، فهو تحريم قاصر على الممارسة مع بنات إسرائيل ، أما الغربيات فلهن شأن آخر . كذلك حرم البغاء داخل أرض إسرائيل . لكن وصايا التوراة لا تمانع في ممارسة البغاء في أرض أخرى، ومع بنات الغرباء !! .
فنقرأ في التوراة قصة سيدنا إبراهيم وزوجته سارة في ارض مصر وكيف اغتنى من ورائها عندما ادعى أنها أخته.؟ و نقرأ أيضا قصة سيدنا لوط وبناته و كيف قمن بسقي والدهم الخمر و الإضجاع معه .؟ و نقرأ أيضا كيف زنى يهوذا بكنته ثامار وأيضا و أيضا .. .؟ وإذا تصفحنا كتابهم الثاني التلمود فنقرأ : ( من يحلم انه ارتكب الفحشاء مع أمه يمكنه أن يصير حكيما لأنه جاء في سفر الأمثال دعيت الحكمة أما ) . وان طالعنا بعضا من كتاباتهم نقرأ في رواية ( يهودا و الخروج ) أن هنالك امرأة يهودية تعمل في الموساد و تعلن أن حبها الوحيد هو إسرائيل ، لذا فهي تتصرف بجسدها متى شاءت من اجل إسرائيل .؟ وهذه الدعارة تطلق عليها الكاتبة يائيل دايان ( ابنه موشي دايان ) الدعارة النبيلة .!
لذا كانت المرأة اليهودية لدى طائفتها سلعه وأداة لتنفيذ الأهداف والرغبات على شتى أشكالها وأنواعها ، فكانت الدعارة في خدمة السياسيين ، والغاية تبرر الوسيلة.وخير دليل على كلامنا ما قاله (صلامون إسرائيل) وهو أحد اليهود الذين أشهروا إسلامهم نفاقاً عام 1906على هذه الحقيقة بالأدلة الدامغة، وقد أدلى ببعض النصائح لأبناء جلدته الصهاينة حرفيا:
(أيها الإسرائيليون، أيها الصهاينة، لا تحجبوا بناتكم وأخواتكم وزوجاتكم عن ضباط أعدائنا غير اليهود ، لأن كل واحدة منهن تستطيع أن تهزم جيوشا جرارة، بفضل جمال أنوثتها، ومكرها الفريد، أدخلوا بناتكم ونساءكم قصور وبيوت زعماء ورؤساء أعدائكم ونظموا شبكات جاسوسيتنا في جميع أجهزة الدول ولا تنسوا أيها الإخوان أن إفساد أخلاق وعقائد الأمة هو مفتاح فريد سيفتح لنا نحن الصهاينة جميع مؤسسات الأمم، شجعوا الإباحية والانحلال وجميع الفواحش بين الشباب، وافسدوا إيمانهم وأخلاقهم، لكي لا تبقى عندهم ذرة من القيم الروحية، وهذه العملية ستجعل العرب في درجة الهمجيين، بل سيضيعون جميع شيمهم وشهامتهم، وبعد هذا سنفرق شملهم نهائيا).
الدعارة في دمشق :
سعى فئة من اليهود في مزاولة بعض الأعمال الرابحة و التي لا تتطلب الإجهاد و التعب وهي في نفس الوقت محرمة لدى باقي الطوائف ، مثل ممارسة الربا ، و أعمال الرهن و الارتهان ، و تجارة الرقيق ، و فتح الخمارات و بيوت الدعارة ، وهذه الأعمال تدر على اليهودي المرابح بدون عناء يذكر ، و تربطه بعلية القوم.. و تحفظ صفحات التاريخ العديد من القصص و الحكايات عن مهنة الدعارة أو مهنه البغاء ، وتحفظ أيضا أن محور هذه المهنة هم في اغلب الأحيان اليهود ، فالأصابع اليهودية تراها دائما تلعب في محور الربا و الفسوق ، و تشير أصابع الاتهام إلى اليهود في تحويل بعض خانات دمشق في عام 1395 م إلى خانات للسكر و مواخير للفسق ومن هذه الخانات خان يقع بالقرب من قبة الشحم و كان فيه خمور كثيرة . و يباع فيه الخمر جهارا . فتوجه نحوه قاضي القضاة آنذاك مع طائفة من رجالة . فاقتلعوا الخوابي و كانت مدفونة في الأرض مملوءة خمرا . فحملت إلى دار السعادة . و ضرب أصحاب الخان ضربا مبرحا . و طيف بهم في أحياء دمشق تشهيرا . و اشتهر أيضا من هذه الخانات خان الزنجاري و الذي كان قائما بظاهر العقيبة ، و كان فيه العديد من الداعرات ، و خمور و منكرات عديدة . فهدمه الملك الاشرف موسى بن العادل عام 1237 م و أمر ببناء مسجد مكانة سماه جامع التوبة .
و من المعروف أن منطقة الربوة في أيام الصيف كما يذكر القزويني ، كانت تجري فيها بعض المنكرات لكثرة اختلاط الناس فيها و اجتماع باعة اللهو من أرباب الحلق و الملاعيب و الشعوذه و خيال الظل و أشباههم . و وفرة من يتحظر فيها من الغلمان و الجواري و النساء في املح زي و افتنه و تقول الدكتورة ليلى صباغ : ( لعب اليهود في عام 1726 دورهم في مضمار تقديم الهوى المحرم للأوربيين في بلاد الشام . ففي أحيائهم الخاصة كانوا يستقبلون أحيانا بعض الفرنجة و يرضون لهم نزواتهم .. لم تكن علاقات الأوربيين باليهود علاقات عمل فقط و إنما كانوا يزورون أحياءهم أحيانا لأغراض شخصية غير شريفه فمعظم بيوت الدعارة السرية في بلاد الشام لديهم و أكثرية المغنيات و الراقصات منهم) .
وبين عامي 1880 – 1930 , عمل عدد كبير من اليهود في تجارة الرقيق الأبيض قوادين وعاهرات , وأصبحت منطقة الاستيطان في روسيا , خصوصا جاليشيا , أهم مصدر للعاهرات في العالم بأسره وخاصة المنطقة العربية, وامتدت شبكة الرقيق الأبيض اليهودية من شرق أوروبا إلى وسطها وغربها , ومنها إلى الشرق وسائر الدول العربية والخليجية خاصة , فكانت هنالك مراكز في جنوب إفريقيا ومصر والهند وسنغافورة والصين والبحرين والكويت والعراق والسعودية وسوريا وتركيا ...الخ .وقد أصبح البغاء جزءاً من حياة قطاعات بعض اليهود حتى صار عملا محايداً ومجرد نشاط اقتصادي ومصدر للرزق لهم وتحولت قطاعات من الجماعات إلى جماعات وظيفية تعمل في البغاء .
وهذا يؤكد على أن اليهود مارسوا مهنة الدعارة في بلادنا منذ أقدم العصور .. وإذا عدنا إلى فترة العشرينيات من القرن الماضي وأردنا الحديث عن هذه المهنة في دمشق نستطيع القول أن بعض التقارير زمن الانتداب الفرنسي تشير أن هذه المهنة كانت تلقى الدعم من سلطات الانتداب وانه تم في سورية تسجيل حوالي 250 امرأة تمتهن الدعارة تقطن النسبة الكبيرة منهن في دمشق ، وان الحكومات السورية خلال فترة الانتداب حرصت على الإشراف على هذه المهنة، وبعد الاستقلال قررت الحكومات المتعاقبة تنظيم مهنة البغاء ووضع الضوابط لها ، وأنشأت عددا من دور البغاء في بعض المدن السورية أشهرها بدمشق وحلب ،أما أيام الوحدة مع مصر فقد أصدر جمال عبد الناصر القانون رقم 10 وقضى هذا القانون بإلغاء البغاء وإغلاق كل دور الدعارة، و الأنظمة الحالية تعتبر البغاء جريمة يعاقب عليها القانون ..؟!
ويهود دمشق كانوا في صلب الأعمال المحرمة ، فقد برعوا في مزاولة الأعمال التي طالما كسبوا بها عيشهم وكانت هذه الأعمال محرمة في الإسلام كحانات الخمر ودور المقامرة واللهو التي لم تكن دائمًا من النوع البرئ. .؟!
سلمون اليهودية أشهر داعرات دمشق :
في عام 1744 كان في دمشق داعرة يهودية في غاية الجمال يقال لها سلمون ، و كان يقصد منزلها علية القوم للسهر أو للارتكاب الخطأ ، و لفرط جمالها و كثرة شهرتها ، كان كل شيء جميل ينسب إليها ، فهذا ثوب سلموني ، وتلك امرأة سلمونية .. وهذه المرأة من كثره علاقاتها مع علية القوم لم تعد تحترم احد وأخذت تعربد في البلد إلى أن خرج قاضي الشام في احد الأيام ( 15 شباط من عام 1744 ) إلى الصالحية ، فصادف الداعرة سلمون ، وهي تعربد في الطريق ، وهي سكرى ومكشوفة الوجه ، وبيدها سكين . فصاح جماعة القاضي عليها ، أن تبتعد عن طريق موكب القاضي ، فضحكت وصاحت وهجمت على القاضي بالسكين ، فأبعدوها عنه أعوانه .وحين عاد القاضي إلى مقر عملة جمع حوله الوالي و علية القوم وذكر لهم ما وقع له مع هذه العاهرة ، فقالوا له هذه من بنات الخطأ واسمها سلمون ، وافتتن بها غالب الناس ، حتى صار ينسب إليها كل حاجة أو متاع ، فيقولون هذا المتاع سلموني ، وهذا الثوب سلموني . فأخرج المفتي فتوى بقتلها ، وإهدار دمها تسكيناً للفتنة ، ففتشوا عليها وقتلوها . وأرسلوا مناديا ينادي في البلد ، أن كل من رأى بنتاً من بنات الخطأ والهوى ، فليقتلها ودمها مهدور ، فسافر منهن وانزوى البقية .. )
السهر عند اليهوديات :
كانت يهوديات دمشق تستقطب الذوات و الأعيان من أهل دمشق بعيدا عن أعين الناس في سهرات تطول للساعات الأولى من الصباح ، و ها هو فخري البارودي يحدثنا عن سهره لدى إحدى يهوديات دمشق : (كان الناس يسيرون وفي أيديهم مصابيح من ورق ، يضعون فيها الشموع تنير لهم الطريق ، تسمى " فنار " . وقد مرَ وقت منعت فيه الحكومة سير الناس بعد صلاة العشاء بدون مصابيح .
ومن الطرائف أن صالح بك العظم ، وهو من أعظم أبطال دمشق ، كان في شبابه مغرماً بإحدى اليهوديات . وقد سهر عندها في إحدى الليالي ، يرافقه السيد سليم الميداني . وهو من نوادر زمانه .
وبعد منتصف الليل بساعتين أو ثلاث ، خرجا من حارة اليهود عائدين وبينما كانا يجتازان محلة مأذنة الشحم ، صادفا دورية البوليس ، تقدم رئيسها ورفع مصباحه ليرى المارين بلا مصباح ، فما تميًز صالح بك ، وهو يترنَح ، قال له :
يا سيدي أنت ابن الحكومة ، وأنتم تضعون القوانين ، فلماذا تخالفهما ؟ .
قال : بأي شيء أخالفها ؟ .
قال : إنك تسير بلا مصباح ، وهذا لا يجوز .
قال : مصباحي معي ، اذهب في طريقك !
وسأله الشرطي عن مصباحه ، فأدار له ظهره . ورفع ذيل سترته وقال : هذا مصباحي !
ومشى صالح بك ، وخلفه السيد سليم ، فقال له المفوض : وأنت يا رجل ، أين مصباحك؟
قال : أنا سائر على ضوء البيك !
فضحك رجال الدورية ، وذهب كل واحد في سبيله !)
فخري البارودي و يهود دمشق
فخري البارودي :
هو فخري محمد حسن بن محمد الظاهر، لقب بالبارودي نسبة إلى جده الذي عمل في مصنع للبارود. ولد فخري البارودي في دمشق عام 1886م.
شب في مدارسها ونهل من علومها، شخصية إنسانية جريئة المواقف، أبرز صفحاتها الوطنية الخالصة، أول من صرخ بوجه الاستعمار وفضح مطامعه في فلسطين فكان كتابه "كارثة فلسطين". كان البارودي ، واحداً من الذين انتبهوا في وقت مبكر إلى كارثة فلسطين، فأعدّ كتابة هذا قبل أكثر من نصف قرن كرّسه للتحذير من خطورة الاعتراف بالكيان الصهيوني والتفاوض والصلح معه، حيث ذلك لن يكون إلا تنازلاً مجانياً، ومنزلقاً يمكن أن يؤدي إلى دمار الأمة!
هو سياسي لامع من أقطاب الكتلة الوطنية و النائب في البرلمان السوري لعدة دورات لمع اسمه في الحياة السياسية لسورية فترة الانتداب الفرنسي سجن ونفي وعذب، نادى بالوحدة العربية فشدونا معه كباراً وصغاراً:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان
الشرطي اليهودي :
يقول فخري البارودي : كان الأمن شبه مفقود في تلك الأيام ، وكثيراً ما كان اللصوص يسلبون من يستفردونه في المحلات النائية من البلدة . ولم يكن في دمشق في الليل محل أمين ، إلا المواقع الممتدة من موقع السنانية إلى باب الجابية ، فالسنجقدار ، فساحة المرجة أما بقية الأحياء فكان المار فيها ، خصوصا بعد منتصف الليل ، يحتاج إلى حراس وخفراء .
مرَ شرطي يهودي مرة في العمارة ، فصادف أبا فياض البغل وهو أحد الفتيان المشهورين بالرجولة – يعربد وفي يده خنجر ، يعترض به المارة ويضربهم بقبضة الحنجر على رؤوسهم ، ولا يجرؤ أحد على معارضته . فلما رأى الشرطي اليهودي تقدم إليه وضربه على رأسه بالقبضة ضربة قوية طفر منها الدم ، وغسل وجهه ورداءه .
ولما رجع الشرطي إلى داره ، رأته زوجته ، و ولولت وصاحت : ويه ... شو صابك ؟ !
قال : البغل ضربني !
قالت : ويه عليك ، " شو فوتًك عا لخان "
قال : ولك ليس الذي ضربني بغل حيوان ، بل هو بغل إنسان !
فقالت له : إذن اذهب واشلح بذلة السلطان مادمت لا تقدر على حمايتها !
مغاني دمشق :
و يتابع البارودي حديثه عن مغاني دمشق من اليهوديات قائلا : كانت أسباب التسلية العامة في عهد شبابي محدودة ، فهناك المقاهي ، وهناك " التياترو" وهناك المغنيات . وقد اصطلح أهل دمشق على تسمية المغنيات البلديات بالمغاني ، واللواتي يأتين من مصر بالعوالم .
عرفت في شبابي عشرات من " المغاني " اللواتي يحترفن الغناء والرقص ، وكان معظمهن من اليهوديات ، حتى إن إحداهن " اشترتني " بربع ريال . ذلك أنه كان في دمشق عادة غريبة ، تقضي على الأم بأن تبيع طفلها رمزيا من إحدى المغنيات ، فيحفطه الله عندئذ لأهله . هكذا " باعتني " والدتي من المغنية " هانولا " بربع ريال .
من أشهر مغنيات ذلك العهد : رحلو الترك ، رحلو سلطانه ، بنات الشطاح ( عائلة الشطاح من اهم العائلات اليهودية بدمشق ، و يوجد حتى الآن بيت دمشقي كان ملكا لآل الشطاح في حارة اليهود ) ، نظيرة عنبة ، بدرية مواس ، بدرية سعادة ( وكانت جميلة العينين ) ، بنات مكنو( و هن من أشهر مغنيات يهود دمشق ) ، حسيبة ومريم وروجينا ، وطيره ، وشفيقة ، وسمحة ، وحسيبة أتشي ، ومن أجملهن صلحة الأبيض . وكان غواتها من أرقى الدمشقيين ، حتى إن أحدهم كان ينام على عتبة بابها حتى الصباح ، إذا لم تستقبله !
ومن المغنيات المسلمات " رسمية جمعة " ، وكانت كفيفة البصر ، تضرب بالعود ولا تحضر إلا حفلات النساء . ومنهنَ أيضا بنات " علي عملك " وفهمية ضاربة القانون ، وشقيقاتها اللواتي كن يضحكن الحضور ، وبنت " أبو قفة " وهي من الضاربات على النقرزان ، وبنات " مكنو " ، وهن جوقة كاملة كن يقمن بأفراح دمشق ، من أعراس وسهرات ويستأثرن بالأفراح الكبيرة . وهن اللائي أقمن لي فرحة العرس ولم يصعدن المسارح إلا في أيام الحفلات التي كان يقيمها فرع جمعية الاتحاد الترقي .
وفي هذا السياق تحفظ جريدة "حمص" اسم الممثلة اليهودية رحلو شطاح ، وقد جاء ذكرها في معرض الحديث عن النشاط المسرحي في يافا خلال شهر نيسان من عام 1911، ويرجح أنها بدأت مشوارها الفني كمطربة قبل أن تؤدي الأدوار النسوية في المسرحيات التي قدمت على خشبات المسرح الفلسطيني. و لربما كانت هذه اليهودية رحلو شطاح هي احدى بنات شطاح اشهر مغنيات دمشق .؟
طبيب يهودي يعالج البارودي :
و يروي لنا الدكتور صلاح الدين المنجد كيف أنقذ الطبيب اليهودي الدمشقي حياة الزعيم فخري البارودي قائلا : إنها قصة مؤثرة حقّاً. فقد اتصل بي فخري بك، رحمه الله، في الساعة الثانية صباحاً بعد منتصف الليل، وقال بصوت لاهث خافت: الحقني سأموت إن لم تدركني.
فسألته: أين أنت؟ فأخبرني أنه في "نزل" قرب الزيتونة( في مدينة بيروت ) اسمه "فندق بسّول" فاستغربتُ كيف ينزل في مثل هذا الفندق فقمت وارتديتُ لباسي، وسألتُ جاراً لي أيقظُته أن يوصلني إليه لأني لا أسوق سيارة، لكني قبل ذلك اتصلت بصديق لي اسمه الدكتور علاء الدين الدروبي، وهو أعظم طبيب في الأمراض النفسية والعقلية، وسألته ماذا يجب أن أعمل. فقال: بالقرب من فندق بسّول طبيب بارع جداً في أمراض القلب سأتلفن له الآن وأوقظه، وأرجوه أن يذهب حالاً إلى الفندق لفحصه. فاذهب أنت إلى "النزل" وستجده هناك.
فذهبتُ. وإذا بي أجدُ الطبيب قد سبقني يفحصه. فسألني: ما اسم المريض؟ قلت: فخري البارودي. قال: الزعيم السوري الكبير؟ قلت: نعم. فوجدته قد زاد من اهتمامه، والدقة في فحصه. ثم قال لي: يجب نقله الآن إلى المستشفى سأتصل الآن بالمستشفى لتجهيز غرفة له، مع جميع الأدوات اللازمة لإِجراء عملية له. ولكي يرسلوا سيارة الإِسعاف لنقله وهكذا كان. نقلناه ولكن الدخول إلى المستشفى له تدابير مُسْبَقة، كدفع بعض النفقات وغير ذلك. ولم أكن أحمل المبلغ المطلوب، ولا دفتر الصكوك، وأخبرتهم عن اسمي فلم يكتفوا وقالوا: هذا النظام. فاتصلت بكامل مروة وأيقظته وأخبرتُه. فتلفن لمدير المستشفى، فأدخلوه، وأجروا له العملية ونجحت بحمد الله. وعدتُ إلى داري وقد ظهر ضوء الصباح.
وكانت دهشتي عظيمة في اليوم الثاني عندما أعلمني الدكتور الدروبي، أن طبيب القلب الذي ذهب لإِسعافه، كان يهودّياً من يهود دمشق ، وانتقاله إلى بيروت لم ينسه حب دمشق ورجالها...
وكنا نزوره كل يوم في المستشفى حتى شُفي وسُمح له بالخروج. وفي يوم خروجه ذهبتُ إليه، فأعطاني ورقة، وقال اقرأها فيما بعد.
فوضعتها في جيبي. ونسيتُها. وما قرأتها إلاَّ في المساء. وإذا فيها بخطه.
جزاك الله عنّي كل خَيْرٍ صلاحَ الدين يا إبْن الكِرام
لقد أنقذتَ في الدنيا حياتي أخا العَلْيا من الموتِ الزُؤآمِ
سأدعو الله أن يُبْقِيكَ ذُخْراً لِقَوْمكَ، في الصلاة وفي الصيامِ
تقبّل ياصلاحُ عميمَ شكري وحمدي، والتحايا، مع سلامي
يتبع
* صحفي وكاتب