دعوة للقائمين على المسرح التهجيصى
دعوة للقائمين على المسرح التهجيصى في مصر
استقيلوا يرحمكم الله
د. كمال يونس
في البدء كانت الكلمة ، من هذا المبدأ والأساس يضع المتابع والمتخصص في شؤون المسرح يده على موطن الداء في أسباب تدهور المسرح الكوميدي ، حتى صار للمسرح العائم شهرة بالعروض الرديئة فنيا ، فالخطوات على هذا الطريق ابتدأت بعروض بعينها مثل خايف أقول اللي في قلبي ، البهلوانات ، انتهاء بالنمر بطولة النجم الآفل محمد نجم ، وما يثيره عرضه في الإسكندرية من استهجان ، وأخيرا عرض روايح بطولة الراقصة المعتزلة فيفي عبده ، المليء برقصات لا تتناسب مع سن ووزن الفنانة الكبيرة ، والتي كان يكفيها نجومية مسلسلات التليفزيون ، أو أداء أدوار تناسبها فنيا ، وتحذو حذو الفنانة الراحلة تحية كاريوكا ، نصوص رديئة في ظل تفرد رئيس البيت الفني باختيار العروض على هواه ، ولا قيمة للمكاتب الفنية ولا للجان النصوص ، ولا حتى لرأى مديري المسارح ، واللافت للنظر أن المسرح الخاص بكل عيوبه ، والذي هاجمه د. أشرف زكى من قبل قد استنسخه ونقله بكل معا يبه ومثالبه وفشله إلى مسرح الدولة ، ضاربا عرض الحائط بالدور الثقافي المنوط بمسرح الدولة ، ومادام مبدأ المحاسبة للمقصر قد انتفي وجوده في وزارة الثقافة إلا لفاسدي الذمة المالية ، الذين يقعون في أيدي رجال الرقابة الإدارية ، في غيبة من الوزير ووزارته وأجهزتها الغافلة ، والتي دشن فيها لبضع من الشباب ، الذين أولاهم مسئوليات أكبر من حجمهم الفعلي ، بل و فاقت طموحاتهم ، وكل منهم يشرف على أكثر من موقع في وزارته ، فكأن مصر باتت عقيمة من الكفاءات ، ليبرز أصحاب وأهل الثقة ، وينزوى وينفي أصحاب الكفاءات ، وهاهو المسرح الكوميدي في ظل مديره النجم التليفزيوني الكبير رياض الخولى ، المشغول لشوشته في أعماله الخاصة ، تاركا إدارة مسرحه لرئيس البيت الفني للمسرح ، ولم لا ؟ ، ألم يأت به لتولى هذا المنصب هو وغيره على حين غفلة ، وقد أخلصوا لمن أتى بهم ، لينفذوا أوامره حتى لو خربت مالطة ،أو يخربوها ويقعدوا على تلها كما هو حادث الآن ، وليعلم الجميع أن ما يعلنه البيت الفني من إيرادات لا يعدو كونه بروباجندا لا تمت للواقع بصلة ، فحين يرفع أسعار التذاكر من 50 إلى 100 جنيه في الصفوف الأولى تخصص للسياح العرب ، ويعلن عن إيرادات ، ولا يذكر المصروفات ، والتي تفيد أن المستفيد الأوحد هو النجوم الآفلة ، والتي انحسر عنها الضوء ، وخبت بريقهم في مسارح القطاع الخاص بعد أن أفشلوه فهوى بهم إلى الحضيض ، وبارت بضاعتهم ليستضيفهم مسرح الدولة ليأتوا على بقيته ، بمنطق التكافل الاجتماعي للنجوم المحترقة ، والتي فشلت في أن تقدم مسرحا محترما ، و جابت ضلف أبواب المسرح الخاص والسياحي الهابط الفاشل الأرض ، وسكته الضبة والمفتاح ، في تعامل مع الواقع بمنطق الفن لا يكيل بالباتنجان ، ومسرح دا يا مرسى ، وهو دا اللي عندنا عجبك تشوف عجبك مش عجبك اخبط دماغك في الحيط ، وأهل الفن والنقد غضوا الطرف عما يحدث إيثارا للسلامة ، والحصول على المغانم في لجان التحكيم ، والموافقة الصورية على النصوص في مواجهة الرأي العام ، الذي كاد أن يسقط المسرح من حساباته ، ولا يتعامل معه إلا من خلال ضجيج إعلامي ، وسخف في مخاطبة الجمهور، وكأن الجمهور قد فقد قدرته على التمييز بين الغث والرديء والصدق والكذب ، مع مطاردة شبه مخابراتية للأمناء من أصحاب الكلمة ، تارة بمنع إذاعة ما سجلوه في برامج تليفزيونية يفضحون فيها المستور ، ويكشفون عن الواقع المرير ، أو الاتصال بالصحف التي يكتبون فيها، مع اتهام الشرفاء من الكتاب بأنهم مغرضين فيما يكتبونه عن المسرح ، وكأن المسرح لونه وردى ، وأنا جنبك وأنت جنبي ، ولم يأن لمدير المسرح الكوميدي الحالي رياض الخولى أن يتحلى بالشجاعة في الاعتراف بالفشل ، وفشله من تحقيق ما أراد وتمناه لمسرحه ، إذ قال بالحرف في حوار أجريته معه بتاريخ 3 / 2002 بمناسبة توليه إدارة المسرح في رده على سؤالي كيف سترتقى بالمسرح الكوميدي ؟" أضع نصب عيني تقديم العرض المسرحي الجاد ، الذي لا يخاطب الغرائز ، ولا يسحر من طويل ولا رفيع ، وقصير وتخين ، وبأقولها بصراحة لا للنكتجية والمهرجين ، أضع نصب عيني أن من يحترم الناس يحترم ، آن الأوان أن نتخلص ونقول وداعا للكوميديا العبيطة البالية ، بأنماطها الوقيع ، لأنها ليس لها محل من الإعراب" ، ودارت الأيام وفشل فشلا ذريعا في تحقيق حلمه ، ويا ليته يستقيل قبل أن يقال ، ويعلن على الملأ ما قاله في حضرة رئيس البيت الفني للمسرح من أنه ليس مسئولا عن شئ ، فهو ينفذ ما يأمره به رئيسه في طاعة يابانية متفردة النظير ، وكم من شائعات ترددت عن استقالته ، ولم يفعل فالصلح خير وقوم نتصالح الصلح خير ، ويكفي للتدليل على رداءة ما يقدم ، ودعك من إيرادات ليست حقيقية في تعبيرها عن الإقبال على العمل لجودته أم لا ؟ ، إذ يكفى أن فيفي عبده تدعو يوميا حوالي صفين أو ثلاثة من أقاربها للتصفيق لها ، أين رأى الفنان الكبير صاحب التاريخ الفني الكبير جمال إسماعيل ، والفنان جمال عبد الناصر، أليس لهما رأى في النص أو العمل البالغ الرداءة والقبح الفني ؟ ، أم أن لقمة العيش أصبحت الشغل الشاغل للجميع ؟ ، والمسرحية يمتد عرضها لحوالي خمس ساعات متناسين أن وزير الثقافة كم نوه مرارا ألا تطول العروض المسرحية لأكثر من ساعتين ، مع العلم أن المسرحية مليئة بحشو تافه من الرقصات والاستعراضات لا قيمة لها ، وآه من كم معاناة الفنانين وإدارة المسرح الكوميدي ورئيس البيت الفني للمسرح من المعاناة في خروج هذا العمل الفاشل للنور ، وليته ما خرج لتفضح حقيقة أداء مسرح الدولة في ظل قيادته الحالية ، وأتعجب من المانشيتات التي ظهرت في الصحف في تلك الحملات الإعلامية المواكبة لظهور تلك الأعمال وعرضها على الجمهور الذى ينصرف أغلبه بعد بدء الغرض بقليل فى استياء وقرف مما يقدم ، ولا عجب أن كثيرا من النقاد يغادرون العرض دون أن يكملوه لرداءته ، وأنتظر حتى أرى الأقلام المأجورة من الكاتبين عن المسرح ، أصحاب المصالح الخاصة ، وما سيتفتق ذهنهم عنه من إبداع في الكتابة عن هذا العرض التجاري السياحي الهابط الممل على مسرح الدولة ، ويا ليت وزير الثقافة أن يحضر العرض بنفسه ، ويتجرع جرعة من هذا الفن الهابط التي تشرف وزارته بتقديمه ، حتى يشارك الجمهور المسكين من أوقعه حظه العاثر في مشاهدة هذا العرض آلامهم ومللهم وسخطهم وقرفهم ، وليستدع أعضاء لجان النصوص الذين وافقوا على هذا العرض وأجازوه للرؤية ويحاسبهم ، كم من مسرحيات لا تصلح للعرض الجماهيري ، يسمح بعرضها وتفشل وليس من حسيب ولا رقيب ، ويللا هيصة ومهرجانات وجوائز ونجوم وزفة وزغاريد وزغرتى يللى ما أنت غرمانة ، وفي مسارح الدولة هيصة ، وصحافة ومانشيتات وتصريحات على طريقة ريش على مفيش ، ونجوم بمجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان ، لأن إدارة مسرح الدولة ترفع شعار الورد مهما دبل ريحته فيه ،كما أنها تدشن لنهضة المسرح المصري واصبروا يا جماعة ، وهاتوا الإعلام نصرح ونقول " يعنى الكلام عليه ضريبة "، فبعد هوجات وموضات مسارح العبث واللامعقول والاستفهام يواجه الجميع بمفاجأته الكبرى مسرح التهجيص ، والترقيص وفيه دعوة لتنمية وتفعيل دور لغة الجسد في الفعل الدرامي المسرحي ، ويللا أهي كلها رقص حديث ، ونتوقع نشر إعلان عن متطوعين من أرزقية المنظرين ، ليضعوا أطر وملامح هذا المسرح ، ودوره الرائد في التصدي للمسرح التقليدي ، وهدم أركانه إذ تجب مسايرة الزمن مع تغيير مقولة يوسف وهبي" ما الدنيا إلا مسرح كبير إلى ما الدنيا إلا كباريه كبير "، ولن يكون غريبا أن نرى إعلانا عن مهرجان المسرح التهجيصى ، ومن أعضاء لجنة التحكيم فيه فنانو شارع الهرم وفيصل ، مع كتابتهم تعهد عن عدم أخذ التبس ( البقشيش ) ، على أن تقدم الفرق المشاركة في المهرجان وصلات من الحوارات الركيكة بين الرقصات ، دافعين بالفعل الدرامي إلى الأمام كي يصل بالعمل إلى الذروة، وبعد ختام العرض ينهال النقوط ، ثم تعقبه مباركة من المنافقين بالموافقة على خصخصة ومصمصة المسرح وتفريغه من مضمونه ومحتواه ورسالته ، مع مباركة ذلك الإنجاز الهائل من نجاح مسرح الدولة في الحصول على موافقة شريف نجم ابن الممثل محمد نجم ليقدم فنه على مسرح الدولة ، على الرغم من رداءة ما يقدمه على مسرحه الخاص ،أيها المسئولون عن مسرح الدولة في مصر استقيلوا يرحمكم ويرحمنا الله